بيروت ـ جورج شاهين
أكد الرئيس اللبناني ميشال سليمان، عقب تسلمه جائزة "وحدة الشعوب الأرثوذكسية" في روسيا، أنه "لا استقرار ولا سلام فعليًا في الشرق الأوسط، من دون عدالة اجتماعية في الداخل، ومن دون حل عادل وشامل لقضية فلسطين، ولكل أوجه الصراع العربي الإسرائيلي، على قاعدة قرارات الشرعية الدولية ومرجعية مؤتمر مدريد والمبادرة العربية للسلام". وأعرب سليمان عن "الأمل بأن تؤدي التحولات الجارية في العالم إلى تحقيق ما تتمناه شعوب المنطقة لنفسها من إصلاح وحرية وديمقراطية حقة تحافظ على الحريات الأساسية، وتسمح بمش اركة المكونات الحضارية كلها لمجتمعاتها في الحياة السياسية، وفي إدارة الشأن العام بصورة متكافئة وعادلة"، مشددًا على أن "الضغط على إسرائيل للسماح للفلسطينيين بإقامة دولتهم يعتبر من مستلزمات تحقيق الديمقراطية في المنطقة، فضلاً عن النظر إلى ما يجري في سورية بعين المنطق والتروي والعدالة الدولية، والعمل على إطلاق حوار سياسي فيها يمكن مواطنيها من إيجاد نظام يتوافقون عليه". وعبر الرئيس اللبناني خلال لقائه بطريرك موسكو وكل روسيا كيريل، في حفل منحه وبطريرك جورجيا إيليا الثاني ورئيس شركة الخطوط الحديدية الروسية فلاديمير ياكونين، جائزة البطريرك إلكسي الثاني، عن "سعادته واعتزازه بنيل هذه الجائزة، التي تقدم للمرة الأولى منذ 18 عامًا إلى شخصية لبنانية"، مقدمًا مكونها المالي إلى ميتمين تابعين لبطريركية موسكو. وإذ أكد الرئيس سليمان أن "هذه الجائزة ستزيده تصميمًا وعزمًا في سعيه إلى تعزيز نهج الحوار والتوافق والاعتدال"، اعتبر أنه "يقع على لبنان والرئيس المسيحي فيه مسؤولية تشكيل الضمانة للمسيحيين في الشرق، لا سيما أن الرئيس مدعوم من الطوائف الإسلامية"، معولاً على "الدور الكبير الذي يمكن لروسيا أن تلعبه في هذا الإطار". وقد وصل سليمان إلى كنيسة السيد المسيح المخلص في موسكو، قبل ظهر الإثنين، ترافقه السيدة الأولى وفاء سليمان ونائب رئيس الحكومة سمير مقبل، قرابة السادسة مساء بالتوقيت المحلي (الرابعة بعد الظهر بتوقيت بيروت)، إذ التقطت الصورة التذكارية للفائزين مع البطريرك كيريل، قبل أن ينتقلوا إلى صالة المعابد في الكنيسة ويبدأ الحفل، مستهلا بفيلم وثائقي عن الجائزة، ثم ألقى البطريرك كيريل كلمة أشاد فيها بالمكرمين، مثنيًا على "الدور الذي يلعبه الرئيس سليمان في مجال التطوير السلمي للبنان ولجهوده في تأييد الحوار المسيحي ـ الإسلامي، وكذلك في مجال تقديم المساعدات إلى النازحين السوريين وتعزيز الوحدة الوطنية بين اللبنانيين"، وسلم الجائزة للمكرمين الذين ألقى كل منهم كلمة بعد عرض وثائقي عنهم، ليختتم الحفل بتراتيل دينية ومقطوعات موسيقية. وزار رئيس الجمهورية، البطريركية الأرثوذكسية في Danilov Monastery، إذ عقد لقاء مع البطريرك كيريل، حضره مطران الروم الأرثوذكس في روسيا نيفون صيقلي، وقنصل روسيا الفخري في لبنان جاك صراف والسفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبكين، وفي مستهل اللقاء، رحب البطريرك كيريل بالرئيس الضيف في روسيا، مستذكرًا زيارته الأخيرة للبنان، منوها بـ"العلاقات اللبنانية - الروسية على مر التاريخ"، وإذ تطرق إلى التحديات التي تواجه الوجود المسيحي في منطقة الشرق الأوسط"، حذر من "أن خروج المسيحيين هو بمثابة تهديد للسلام بين مختلف أطياف لبنان بشكل خاص، والمنطقة عمومًا"، مشيرًا إلى أن "الكنيسة الأرثوذكسية لا تزال تركز في اتصالاتها على دعم هذا الوجود، وضرورة أن تفهم القوى التي تهتم بالاستقرار في المنطقة ببذل الجهود لوقف الأعمال العسكرية وإيجاد الحل السلمي في سورية". من جهته، شكر الرئيس سليمان للبطريرك دعوته ومنحه جائزة المؤسسة الدولية لوحدة الشعوب الأرثوذكسية، مشددًا على "أن الانتصار في الصراع القائم راهنًا بين الإرهاب والتعصب والانعزال من جهة، والانفتاح من جهة ثانية، سيكون للدول التي تعتمد الانفتاح"، مشيرًا إلى أن "العالم في المستقبل سيكون في حاجة إلى نظام شبيه بالنظام اللبناني الذي يعتمد الديمقراطية التوافقية التي تسمح بإشراك مكوناته كلها في إدارة الشأن السياسي في البلاد"، مشددًا على "أن الديمقراطية في العالم العربي لا يمكن أن تكون واقعية ما لم تشرك الدول مكوناتها في إدارة شؤونها، وأن من أهم مستلزمات هذه الديمقراطية هو تحقيق العدالة في فلسطين، الأمر الذي يتطلب جهدًا دوليًا للضغط على إسرائيل للسماح للفلسطينيين بإقامة دولتهم، والنظر إلى ما يجري في سورية بعين المنطق والتروي والعدالة الدولية والعمل على إطلاق حوار سياسي يمكن مواطنيها من إيجاد ن ظام ديمقراطي يتفقون عليه"، معتبرًا أنه "يقع على لبنان والرئيس المسيحي فيه مسؤولية تشكيل الضمانة للمسيحيين في الشرق، لا سيما أن الرئيس مدعوم من الطوائف الإسلامية فيه"، معولاً على "الدور الكبير الذي يمكن لروسيا أن تلعبه في هذا الإطار". وتكريمًا للرئيس الضيف في روسيا والوفد المرافق، أقام المطران نيفون صيقلي مأدبة غداء في حضور نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف وسفراء عرب وأجانب في Archangelsky Pereoulok 15 A، استهلت بتلاوة صلاة مباركة على نية الرئيس سليمان، قبل أن يلقي المطران صيقلي كلمة أكد فيها "القيم الروحية التي نشأ عليها الرئيس وتجسيده الحس الوطني واهتمامه بوحدة اللبنانيين"، مثنيًا على "الدور الذي يلعبه من خلال دعوته الفرقاء إلى الجلوس إلى طاولة الحوار، وسعيه إلى الحصول على دعم الدول من خلال رحلاته إلى الخارج"، في الوقت الذي هنأ فيه الرئيس سليمان على "حصوله على جائزة مؤسسة وحدة الشعوب الأرثوذكسية"، معتبرًا أن "هذه المؤسسة وجدت ف ي شخصه المميز شريكًا همه وحدة الشعوب".