بيروت ـ جورج شاهين
سخر رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" اللبناني وليد جنبلاط من الموقف السوري الذي اتهم إسرائيل بالعمل على ضرب استقرار سورية وكأن سورية تعيش هدوءًا واستقرارًا لا مثيل لهما، فيما وجه جنبلاط التحية لرئيس الائتلاف الوطني السوري معاذ الخطيب على موقفه الجريء الذي يرمي من خلاله إلى محاولة إنقاذ سورية من هذا الحكم الذي يقتل شعبه بهمجية ويستخدم أقسى وأبشع أشكال البطش والقمع والتنكيل. هذا و أدلى جنبلاط بموقفه لجريدة "الأنباء" الصادرة عن الحزب التقدمي الاشتراكي قائلاً" لا بد من توجيه التحية لرئيس الائتلاف الوطني السوري معاذ الخطيب على موقفه الجريء الذي يرمي من خلاله إلى محاولة إنقاذ سورية من هذا الحكم الذي يقتل شعبه بهمجية ويستخدم أقسى وأبشع أشكال البطش والقمع والتنكيل. ربما تكون مهمته شبه مستحيلة ولكن لا يبدو أن ثمة بدائل أخرى متوفرة بهدف الوصول إلى مرحلة تكون فيها التفسيرات موحدة حول تفاهمات جنيف لا سيما ما يتعلق بالمرحلة الانتقالية التي من المحتم أن تشمل نقل كامل صلاحيات الرئيس السوري غير منقوصة إلى الحكومة الانتقالية، ومن ضمنها محاسبة المسؤولين الأمنيين والمدنيين الذين ارتكبوا المجازر والإجرام بحق السوريين. إن قضية بحجم وأهمية إنقاذ الشعب السوري تستحق العناء والتضحية والمحاولة وإلا ستبقى حالة المراوحة الحالية والتي يسقط فيها كل يوم المئات من الشهداء والأبرياء والنساء والأطفال والشيوخ الذين لا ذنب لهم من هنا، فإن الالتفاف بشأن الخطيب والائتلاف الوطني السوري ضروريٌ خلال هذا التحرك الذي أصبح كأنه الخيار الوحيد في ظل وقوف المجتمع الدولي والعالم العربي متفرجاً على الجرائم اليومية التي يمارسها الحكم السوري وإقتصار تحركه على عقد المؤتمرات وإصدار بيانات الشجب والاستنكار وعدم القيام بأي خطوة خارج الأطر اللفظية التي لا تساهم بأي شكل من الأشكال في رفع المعاناة عن كاهل الشعب السوري أو في إخراجه من الأزمة العميقة التي وقع فيها. ولذلك، بات ضرورياً على الدول التي لا تزال تدعم الحكم السوري وترفض التدخل الخارجي مثل الجمهورية الإسلامية والاتحاد الروسي أن تساعد على وقف الحرب وتطبيق الحل السياسي لإنقاذ الشعب السوري وإلا فإن استمرار النزيف اليومي وشلالات الدماء في سورية ستمتد نتائجها السلبية إلى المنطقة بأكملها ولن تبقى محصورة في إطار الداخل السوري بل ستضع الأمن الإقليمي برمته على المحك وقد تفتح الباب أمام حروبٍ ومشاكل تبدأ ولا تنتهي . فهل من مصلحة إيرانية وروسية في ذلك؟ إلا أن كل ذلك لا يلغي أهمية بذل الجهود القصوى لحماية وتعزيز وتكريس المكتسبات الهامة التي حققتها تنسيقيات الثورة السورية والجيش السوري الحر على الأرض من خلال المزيد من الدعم المادي والعسكري كي تنجح أي عملية تفاوض أو حوار مع الجهات المعنية خصوصاً أن الحكم لن يتراجع، وهذا نداء للمرجعيات الدولية التي أجبرت الائتلاف، بموافقها الداعمة للنظام أو المترددة حياله، على الذهاب إلى الحوار بحثاً عن حل سياسي انتقالي للخروج من الأزمة الراهنة التي استفحلت على كل المستويات، عوض استخدام هذا الموقف الجريء من رئيس الائتلاف كذريعة لوقف الدعم المحدود أصلاً الذي ثبت قصوره عن تحقيق أي تغييرات ميدانية جوهرية بعد عامين من الصراع الدامي. في مجال آخر، إذ نستنكر الضربة الجوية الإسرائيلية التي تتماشى مع التاريخ الإسرائيلي في خرق سيادة الدول العربية والتعدي عليها، إلا أنه من المضحك المبكي أن يُقال أن هذا الاعتداء يعرّض استقرار سورية للاهتزاز وكأن سورية لا تزال تعيش ازدهارا وسلماً في حين أن شتى أنواع الأسلحة التي استخدمها الجيش السوري وفرق الشبيحة والمقاتلات السورية تقصف المدن والقرى السورية يومياً وساوت معظمها بالأرض وسبق أن تصدت للحلف الأطلسي وأسقطت الطائرة التركية في حين لم تحرك ساكناً رداً على الاعتداء الإسرائيلي! أما في مصر، فإن الأنظار ستبقى متجهة إليها لما شكلت وتشكل من ثقل وموقع عربي وإسلامي كبير، وهي التي تمثل مؤسساتها القضائية والعسكرية والدبلوماسية وغيرها عراقة استثنائية ولعبت أدواراً مفصلية رغم كل ما تعرضت له أثناء الديكتاتورية من محاولات تهميش وإقصاء وإضعاف. لذلك، تستحق مصر أن تنال دعماً سياسياً ومالياً ومعنوياً من العالم العربي للحيلولة دون إنهيارها أو سقوطها لأن في ذلك تداعيات في غاية السلبية على المنطقة برمتها. وختم بالقول: إن عدم خروج بعض الجهات الحزبية الحاكمة من عقلية الاضطهاد قد يعرض كل منجزات الثورة للاهتزاز، ويخرج الشارع عن السيطرة ويضع مفهوم الدولة المركزية في خطر شديد ويفسح المجال واسعاً أمام انتشار الفوضى وضرب الاستقرار والسلم الداخلي. لذلك، من المهم جداً إعادة إنتاج مناخات الحوار وبناء جسور الثقة والتأكيد على الديمقراطية كسبيل وحيد للخروج من الأزمة الراهنة.