الخرطوم ـ عبدالقيوم عاشميق
طالبت الحكومة السودانية، المجتمع الدولي بممارسة المزيد من الضغوط على الحركة الشعبية ـ قطاع الشمال، لفتح ممرات آمنة تسمح بوصول المساعدات الإنسانية للمتأثرين في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم هناك. وقالت الحكومة إن الأوضاع الإنسانية في المناطق التي تقع تحت سيطرة الحركة في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان تقترب من "الكارثية"، حيث كشف مفوّض عام العون الإنساني الدكتور سليمان عبدالرحمن في تصريحات له، عن أن الآلاف من المتضررين بالنزاع المسلح في الولايتين لجأوا إلى دولة جنوب السودان المجاورة، وأن أعداد هؤلاء تقترب من الـ180 ألف مواطن بحسب إحصاءات للمنظمة الدولية، مطالبًا المجتمع الدولي بالضغط على المتمردين لفتح ممرات آمنة تسمح بوصول المساعدات الإنسانية للمتضررين في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم هناك، متهمًا بعض المنظمات الدولية بـ"التواطؤ لتمرير بعض المعينات للمتمردين عبر منافذ في دولة الجنوب". وانتقد سليمان جولات قيادات الحركة الخارجية، التي قاموا بها الأيام الأخيرة، لعدد من الدول الغربية من بينها الولايات المتحدة الأميركية، واصفًا تلك الجولات بأنها "تاتي ضمن محاولات الضغط السياسي على الحكومة السودانية". في المقابل، نفى الناطق الرسمي باسم الجيش الشعبي لجنوب السودان، العقيد فيليب أقوير، في تصريحات لـ"العرب اليوم"، تورّط بلاده أو الجيش الشعبي في تقديم أي نوع من الدعم والمساعدات للعناصر التي تقود العمل المسلح ضد الحكومة السودانية في جنوب كردفان والنيل الأزرق، مؤكدًا أن "جنوب السودان لا علاقة له بما يدور في جنوب كردفان أو النيل الأزرق، وموقفنا هذا أعلناه أكثر من مرة، فهذا شأن داخلي يخص السودان، والخرطوم تعرف جيدًا أسباب الصراع، وأن الجيش الشعبي للجنوب منتشر على الحدود مع السودان في كل المحاور، بما في ذلك محور جنوب كردفان، ولا يسمح بأي نشاط ينطلق من دولة الجنوب نحو الأراضي السودانية"، مبينًا أن "جوبا كانت قد تقدمت بطلب تكوين آلية خارجية لتشرف على ضبط الحدود قطعًا للطريق أمام تبادل اتهامات كهذه"، فيما أجاب عن سؤال بشأن قبول الخرطوم أو رفضها المقترح، بالقول إن "وفد الجنوب المفاوض هو من يملك الإجابة على السؤال". من جهة أخرى، انعقدت جلسة طارئة في مجلس وزراء حكومة ولاية جنوب كردفان، السبت، برئاسة والي الولاية أحمد هارون، حيث استمعت الجلسة إلى تقارير مفصلة عن الأوضاع الأمنية والإنسانية في مختلف أرجاء الولاية. وأوضح وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم ولاية جنوب كردفان رجب الباشا، في تصريحات لـ"العرب اليوم" عبر الهاتف، أن "التقارير بينت استقرار الأوضاع نتيجة لخطط تعزيز الأمن وبسط هيبة الدولة والضغط العسكري على قوات المتمردين، وأن المجلس طالب بضرورة التنفيذ الصارم لخطة تعزيز الأمن في الولاية كما نصت على ذلك قرارات وتوصيات لجنة أمنها، أما في الجانب الإنساني وبعد الإطلاع على تقارير الوزرات والمؤسسات المعنية بالملف، فقد أوصى الاجتماع بالاستمرار في تقديم الدعم والمعينات النقدية والعينية لتطبيع الحياة للمتأثرين بالأحداث في الولاية". وفي سؤال آخر لـ"العرب اليوم" إن كان الاجتماع قد تعرض للأوضاع الإنسانية في المناطق الواقعة تحت سيطرة المتمردين في الولاية، والتي توصف بأنها "سيئة"، أجاب الباشا أن الاجتماع لم يتطرق إلى قضية كهذه، لكنه عاد وقال إن "الحكومة السودانية ملتزمة بمسوؤلياتها تجاه المواطنيين". وتشهد ولاية جنوب كردفان ومثلها النيل الأزرق، صراعًا مسلحًا تقوده منذ العام قبل الماضي الحركة الشعبية ـ قطاع الشمال، وتتهم الخرطوم جوبا بتقديم الدعم العسكري وتوفير الغطاء السياسي لقيادات الحركة، مدللة على ذلك بتنصل حكومة الجنوب عن وعدها بفك الارتباط العسكري بينها، وقادة الحركة الشعبية قطاع الشمال أبرزهم الفريق مالك عقار وعبدالعزيز الحلو وياسر عرمان. في السياق نفسه، حذر المجلس القيادي لإادارة الأهلية في جنوب كردفان من "مخططات ترمي إلى تمزيق السودان"، ودان في بيان له "استخدام القوة والسلاح للوصول إلى السلطة"، فيما ناشد حاملي السلاح بـ"الاحتكام إلى صوت العقل والجلوس لطاولة المفاوضات".