بيروت ـ جورج شاهين
أكد رئيس الحكومة اللبنانية السابق، سعد الحريري، أنه لا يمتلك الرغبة في مجادلة الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، في المواقف التي أطلقها الثلاثاء، معتبرًا أنها "في معظمها لا تمت إلى المنطق أو إلى المسؤولية بأي صلة، لا سيما لجهة إنكاره المتواصل لوجود انتفاضة شعبية في سورية، تقابلها آلة عسكرية "إجرامية" غير مسبوقة في التاريخ العربي ولا في التاريخ الإسلامي. وأضاف الحريري، "في بيان السيد حسن نصرالله اختار وبشكل نهائي أن يقف في صفوف الظالمين، وأن يعلن التزامه خط الدفاع حتى الموت عن حكومة بشار الأسد، وأن ينفذ أمر العمليات الإيراني والفتوى الصادرة عن ولي الفقيه، والتي عاد بها من طهران، بمنع سقوط هذا النظام، ولقد فات الأمين العام لـ(حزب الله) أن هذا النظام قد سقط، وأن الإرادة ببقائه على قيد الحياة لا يمتلكها حسن نصر الله أو علي خامنئي أو أي جهة إقليمية أو دولية، إن مصير هذا النظام في أيدي الشعب السوري الذي اتخذ قرارًا حاسمًا بإنهاء نظام الظلم والاستبداد، مهما حشدت له القوى الحليفة من أنصار ومرتزقة ومتطوعين، وعلى أي حال إن أخطر ما ورد على لسان الأمين العام للحزب لا يتعلق بموقفه من الثورة السورية، ولا بدفاعه المستميت عن بشار الأسد، إنما يتعلق بذلك الربط الانتحاري بين المسألة السورية وبين لبنان، فالسيد نصر الله يعلن بالفم الملآن أن الدولة اللبنانية غير موجودة، وأن النظام السوري يرتقي في وجوده وضرورة استمراره على وجود لبنان". واعتبر رئيس الحكومة السابق، أن "نصرالله يمحو لبنان من الخارطة السياسية، ويجعل من (حزب الله) بديلاً للدولة ومؤسساتها الدستورية والأمنية والعسكرية، هو وحده على رأس الحزب من يقرر عن كل اللبنانيين، وهو وحده من يصدر الأوامر بزج لبنان في الحروب الإقليمية والأهلية، وهو وحده من يجوز له إصدار الفتاوى في مقاتلة السوريين على أرضهم، وهو وحده من يحق له توجيه الإهانة تلو الإهانة للدولة اللبنانية وللجيش اللبناني والمجاهرة بعجزهما عن حماية اللبنانيين، ليس على الحدود مع إسرائيل، إنما داخل الحدود في سورية أيضًا، إن السيد حسن نصر الله يعلن في الحقيقة قيام جيش الدفاع عن الشيعة اللبنانيين في المنطقة والعالم، كما لو كانت الطائفة الشيعية ملكًا خاصًا لحزبه، أو أنها كيان مستقل عن الدولة اللبنانية، وهو انطلاقًا من هذا المفهوم يعطي نفسه الحق بتوسيع نطاق عمليات الحزب من الجنوب اللبناني لتشمل القصير والسيدة زينب في سورية، ولن يتأخر في بالتأكيد عن جعل لبنان في أي لحظة، جبهة متقدمة من جبهات الحرب إلى جانب النظام الإيراني، بحجة الدفاع عن المقامات الدينية، إنه يقول لنا إن الدولة اللبنانية مجرد صفر على الشمال، وهي رهينة الى الأبد بيد (حزب الله)، وعلى اللبنانيين أن يتصرفوا على هذا الأساس من رئيس الجمهورية إلى الحكومة إلى المجلس النيابي إلى سائر الكيانات السياسية". وتابع الحريري، "إن الدولة رهينة بيد (حزب الله) ومعها المجموعات والطوائف اللبنانية الأخرى، وكل ذلك كرمى لعيون بشار الأسد، ونزولاً عند الفتوى التي عاد بها من طهران، إننا في الواقع أمام حالة من اثنتين، إما أن نكون أمام ضرب من ضروب الجنون لن يتوانى عن إحراق لبنان لقاء الرهان على إنقاذ نظام ميت، وإما أن نكون أمام منزلق من منزلقات الغرور التي تودي بصاحبها ومن حولها إلى مهاوي الخراب، نعم، إن (حزب الله) بقيادة السيد حسن نصرالله يقود لبنان إلى الخراب، ويريد للطائفة الشيعية تحديدًا أن تتقدم الصفوف نحو هذا الخراب ونحو فتنة ملعونة، نحذر اللبنانيين من الوقوع فيها أو الانجرار إليها، والتحذير يشمل أول من يجب أن يشمل القيادات الوطنية كافة التي تبحث عن مخارج دستورية وسياسية لتشكيل الحكومة، وإجراء الانتخابات النيابية، فيما هناك من يضع وجود لبنان برمته على خط الانهيار مع الحكومة السورية، ولن يتأخر عن التضحية بالوحدة الوطنية والوحدة الاسلامية مقابل الانتصار لبشار الأسد، إن (حزب الله) يلعب منفردًا بمصير لبنان، وهو بلسان أمينه العام لا يعلن المشاركة في إشعال الحريق السوري فحسب، إنما يهدد بنقل الحريق إلى قلب لبنان، وسيجد الحزب من يصفق له من الأتباع ومخلفات زمن الوصاية السورية، غير أن الرهان يبقى على الأكثرية الحقيقية من اللبنانيين، وعلى الأحرار الشرفاء من الأخوة في الطائفة الإسلامية الشيعية، الذين لن يرتضوا التضحية بوطنهم وبوحدتهم الوطنية، ولن ينساقوا لإرادة (حزب الله) والقيادة الإيرانية بتقديم دولة لبنان قربانًا على مذبح الأسد، وإن ما أعلنه أمينه العام مرفوض جملة وتفصيلاً، لأنه مشروع أسود، أقل ما فيه أنه يعمل على استدراج لبنان إلى الحريق الذي بشرنا به بشار الأسد، واللبنانيون بكل اتجهاتهم مدعوون إلى تحمل مسؤولياتهم التاريخية في مواجهة هذا المشروع، والتعبير عن رفضه بكل الوسائل الديمقراطية التي ستبقى بإذن الله وسيلتنا لحماية لبنان والعيش المشترك بين أبنائه".