دمشق - سانا
الوجود والقلق والذات التائهة دراسة في الشعر السوري لياسر اسكيف تناولت عددا من المجموعات الشعرية هي الأحدث إصدارا لشعراء سوريين كما يقول اسكيف في مقدمة الكتاب مشيرا إلى أنه لم يرد في هذه الدراسة أن يقدم أي شكل من الانطولوجيا التي تخص الشعر السوري لأن ذلك هو نوع من الارشفة والتوثيق الذي يحكمه المزاج الشخصي للفاعل. يغلب على أسلوب اسكيف النزعة التعبيرية التي يسيطر عليها الإنشاء نظراً للترف الثقافي الذي حاول أن يدلي به في معالجته البحثية كما ورد في دراسته لأشعار أحمد تيناوي والتي أطلق عليها عنوان ظلال إلى منتهى المعصية حيث يبدأ دراسته في قوله ... هي بطريقة ما رواية .. رواية بنكهة خاصة وخاصيتها تأتي بأن اكتمالها يكمن في لحظة التلقي ما يدل على أن الباحث اعتمد على التوصيف أكثر من اعتماده على الأسس البحثية والأدوات المكونة للمنهج الذي سمي لسببه العنوان بالدراسة والبحث الأدبي فيصف الشعر عند أحمد تيناوي ..الشعر عند أحمد تيناوي في هذا الكتاب على الأقل هو عيش وليس حرفة ويمكن القول هو بطريقة ما تصحيح لأخطاء ترتبها الحياة. ويرى اسكيف أن أوس سعد اشتغل في شعره على تحقيق التطابق بين الدال والمدلول بعيداً عن الوساطات وبمعزل عما تنتجه تلك الوساطات من متاهات خرقاء وصولاً إلى اهتمامه بالحديث عن الحساسية اتجاه اختيار المفردات عبر الارتكاز على الأنثى وما تؤديه من تحولات في شعر أوس السعد حيث استشهد في قوله تغير النفحة على أرثها الطيب ينداح خفر إلى احتماله وتشرق أنثى واضح في كتاب اسكيف أن السرد الروائي كان أقدر على الوجود من أي جنس أدبي أو نقدي فكان يعرض رؤيته وفهمه للمعاني الشعرية بمنطق تحليلي لا يخلو من الأثر النفسي المتبادل بينه وبين الحالات الموجودة في النصوص إلا أنه لم يأت بأي مذهب نقدي أو منهج دراسي أو ما يشبه ذلك في ما أشار اليه كقوله في مطلع قراءة مجموعة حازم العظمة التي عنوانها الرد الوحيد والنهائي .. / بكى صاحبي عندما رأى الدرب نوره/... خيل لي وأنا أنتقل من نص إلى آخر بأن ذاك الصاحب كان رفيقا لحازم العظمة في طريقه إلى عراس وليس امرئء القيس في طريقه إلى قيصر. ويسمي دراسته لمجموعة الشاعر حسام جيفي التي صدرت عن دار بعل بعنوان فتاحة الأمل المعلب بالشعر وقد غسل يديه فيبدأ فاتحة الدراسة بشكل أقرب إلى التقرير منه إلى الدراسة الأدبية حيث يعمل على توصيف النص بشكل تجاوز فيه العناوين والدراسات الأخرى لأنه تناول بعض المصطلحات التي تتوافق مع وسائل النقد ومناهج البحث أمام أي نص أدبي. يحاول اسكيف أن يصب معرفته في الرواية والشعر والأجناس الأدبية الأخرى خلال معظم العناوين التي تناولها في هذا الكتاب ولاسيما أنه اختار بعض الأسماء التي لها مكانة عنده بشكل أو بآخر مثل الشاعر والروائي عادل محمود صاحب رواية إلى الأبد ويوم وقمصان زرقاء للجثث الفاخرة ومؤلفات أخرى. إلا أن النزعة الداخلية الطاغية على كثير ممن يتناولون النقد جعلت اسكيف يطلق حكمه مقرراً ما يجب أن تكون الرواية وما يجب أن يكون الشعر وفق عاطفة شاعر حيث توضحت الحالة الشعرية والعاطفية جلية في قوله.. ان يحضر التاريخ في الرواية العاملة على القطع مع خط الحياة السردي بآخر معارض فهذا بات من أحكام القيمة التي تخص الروايات الخالدة وأما أن يقوم الشعر بهذه المهمة حيث يحضر التاريخ والفكر والفلسفة .. فهذا ما يجدر بالقارئ أن يتوقف عنده معايناً النص بأدوات لا تستهلكها الكلمات.