موسكو ـ العرب اليوم
تعتمد أرمينيا منذ وقت طويل على روسيا لتأمين حاجتها من الطاقة، لكنها تسعى حاليًا إلى الحد من هذا الارتباط متجّهة إلى مجال الطاقة الشمسية. وتستورد هذه الجمهورية السوفيتية السابقة الفقيرة الواقعة في جنوب القوقاز ثلاثة أرباع حاجتها من الطاقة حاليًا، معظمها من روسيا. لكنها تحظى بشمس مشرقة يمكن أن تؤمن لها 1720 كيلوواط ساعة في المتر المربع، أي أكثر من المعدّل الأوروبي بنسبة 70 في المئة، وفقًا للسلطات.
وتأمل يريفان بتنويع مصادر الطاقة "لضمان السلامة والاستقلال" في هذا المجال، وفقًا لما قال نائب وزير الطاقة هايك هاروتيونيان لوكالة "فرانس برس"، وقد حددت الحكومة في "خريطة الطريق في مجال الطاقة" هدفًا، يقضي بأن تغطي مصادر الطاقة المتجددة 8 في المئة من حاجاتها بحلول أربعة أعوام. وتقدّر أن الطاقة الشمسية يمكن أن تزوّد البلد بثلاثة آلاف ميغاواط، أي أكثر مما تولّده محطتان نوويتان حديثتان، ومن المقرر أن تبدأ مجموعة من شركات الاستثمار في المستقبل القريب ببناء محطة للطاقة الشمسية قادرة على توليد 55 ميغاواط.
ومن الجهات المشاركة في تمويل هذا المشروع البنك الدولي، الذي قدّم أكثر من خمسين مليون يورو في إطار مساهماته الرامية إلى الحدّ من انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة لارتفاع حرارة الأرض. وسبق ذلك إنشاء ثلاث محطات صغيرة، ومن المقرر أن تنشأ سبع محطات مماثلة العام المقبل.
ومن النتائج الأولى لهذا التحوّل، اعتماد مقر الحكومة على الطاقة الشمسية حصرًا اعتبارًا من العام المقبل، على أن يتّسع الأمر ليشمل مباني حكومية أخرى. وانطلق أيضًا مشروع نموذجي لتزويد القرى النائية في أعالي الجبال بمحطات للطاقة الشمسية لتأمين حاجة سكانها من التيار الكهربائي والمياه الساخنة، وفي مؤشر إلى اهتمام القطاع الخاص بالطاقة المتجددة، استثمرت مجموعة "تاشير" التي اشترت عام 2015 شركة الكهرباء المحلية من مجموعة "إنتر راو" الروسية، مبلغ 425 ألف يورو لإنشاء محطة شمسية في منطقة تساغكادزور الجبلية السياحية.
وحدّدت الحكومة أيضًا هدفًا يقضي بتقليص الاعتماد على الغاز الطبيعي بحلول عام 2020، بنسبة تزيد على الثلث مقارنة بعام 2010. وتعتمد أرمينيا حاليًا على روسيا في 80 في المئة من حاجتها إلى الغاز، كما تصدّر روسيا إليها حاجتها الكاملة من الوقود لمحطتها النووية الوحيدة "ميتسامور" التي باتت متقادمة. وتولّد هذه المحطة ثلث التيار الكهربائي، ومددت يريفان العمل بها حتى عام 2026، إلى أن تتوافر لديها مصادر توليد بديلة.
وقال هايك هاروتيونيان، "على هذه المحطة أن تُقفل يومًا ما، وعلينا الاستعداد لذلك"، مضيفًا "من أجل ذلك تضاعف أرمينيا جهودها لتطوير مصادر الطاقة البديلة من الشمس والرياح والمياه"، فيما لا يقتصر النفوذ الروسي في أرمينيا على مجال الطاقة، ففي عام 2013 فضّلت يريفان الانضمام إلى الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي الذي أنشأته موسكو، على أن توقّع اتفاقًا اقتصاديًا مع الاتحاد الأوروبي. وأرمينيا عضو في منظمة "معاهدة الأمن الجماعي" التي تضم جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق. وهي الحليف العسكري الأول لموسكو في منطقة القوقاز المتوترة، وتحديدًا بسبب النزاع مع أذربيجان على إقليم ناغورني كره باخ.
وأعلن المحلل ألكسندر أفانيسوف، أن "مصادر الطاقة البديلة قد لا تحل مكان تلك التقليدية تمامًا، لكنها قد تساعد على الحد من الاعتماد على روسيا في مجال الطاقة، وبالتالي إضعاف وسائل الضغط التي يملكها الكرملين على يريفان.