أثر الإحتباس الحراري في دول العالم

الاحتباس الحراري أكثر الظواهر الطبيعية ظهورًا على الساحة العالمية في السنوات الأخيرة، حيث أن تأثير هذه الظاهرة يهدد جميع شعوب العالم، ويقضى على المحاصيل الزراعية ويؤدى إلى التصحر. وفيما يلي نستعرض قصصًا لتأثير هذه الظاهرة في العديد من البلدان:

نيجيريا

عندما تساءل معظم سكان مخيمات النازحين في شمال شرق نيجيريا لماذا اجبر نحو 2.6 مليون شخص على ترك منازلهم في هذه المنطقة، ستجد نفس الجواب، فهم على الفور سيقولون "هربًا من مسلحي بوكو حرام الجهاديين" الذين لا يزالون يسيطرون على أجزاء كبيرة من حوض بحيرة تشاد.
ولكن عند السؤال عن كيفية حصول "بوكو حرام" على هذا الزخم، تبرز قصة أكثر تعقيدا. فقد استفاد المتطرفون من مستويات الفقر في المجتمعات المحلية المرتفعة، وكذلك الاغتراب والبطالة في شمال شرق نيجيريا. ومن هذه النقطة، يرى العديد من السكان المحليين، أنه ناجم عن انخفاض بحيرة تشاد، وتصحر المنطقة المحيطة بها. لارتفاع درجات الحرارة العالمية عن أي وقت مضى، فكل ذلك يخدم الجماعة في الوصول إلى ما وصلت إليه.

ويقول مصطفى علي، البالغ من العمر 50 عامًا والذي نشأ بالقرب من شواطئ البحيرة السابق، والذي يعيش الآن في مخيم للنازحين داخليا: "إنها أثرت على أرزقنا، فقد تأثرت الزراعة وصيد الأسماك ". وأضاف "لقد اعتدنا على زراعة البطيخ هنا، والقمح، والأرز -ولكن بسبب انكماش البحيرة، لا يمكننا الزراعة اليوم. وشيئا فشيئا أصبحت عملية الري صعبة" ويقول على منذ 1970، تسببت ظاهرة الاحتباس الحراري في انخفاض البحيرة بنسبة حوالي 90٪. والتي كانت واحدة من أكبر البحيرات في العالم، بمساحة 25 ألف كيلومتر مربع، الآن أقل من 2500 كيلومتر مربع.

وبالنسبة للمقيمين مثل علي، فإن اليأس الناجم عن تقلص البحيرة من الواضح انه كان أحد العوامل التي ساهمت في ظهور التطرف. وأضاف: لقد ساعد في صعود بوكو حرام"، ويضيف علي: "هناك الكثير من الشباب العاطلين عن العمل هناك، وعندما لا يكون لديهم ما يقومون به، يكون "بوكو حرام" الخيار المتاح لهم. فإذا كنت من الأثرياء ولديك ما يمكنك فعله، فلن تحتاج إلى أمثال [بوكو حرام].

البرازيل

عانى المزارعون في بلدية "بوكو ريدوندو" من الجفاف لمدة خمس سنوات، الذي دمر محاصيل الذرة والفاصوليا التي تعتمد على الماء. ولكن في عام 2016 تدهور الوضع اكثر، كما يقول سيفال ليما أحد أصحاب الحيازات الصغيرة في ركن شمال غرب البرازيل التي تعاني من الفقر. وأضاف أن حقوله انخفض عنها ماء المطر لنحو 10 أيام منذ يناير/ كانون الثاني، الأمر الذي جعل الأرض جافة للدرجة التي يصعب معها الحرث.

وقال إن "هذا العام أسوأ بكثير من الماضي . فنحن نزرع كل شيء ولا شيء في الحصاد. نحن الآن نحاول فقط زراعة القش للماشية، ولكن حتى هذا لم يكن من الممكن لكثير من الناس هذا العام. وهناك نقص كبير في المياه والغذاء للحيوانات ".

وأضاف أن محيطه السكني يضم حوالي 280 عائلة يعتمد الآن بشكل كامل تقريبًا على الحليب من الأبقار، وعلى الرغم من أنها انخفضت بشكل كبير -من 230 ليترًا يوميا قبل ثماني سنوات إلى 30 ليترًا يوميا الآن -نتيجة الظروف المناخية القاسية. فهو وجيرانه يعتمدون بشكل أكبر من أي وقت مضى على دفعات تخفيف حدة الفقر التي تقدمها الحكومة، على الرغم من انه قال إن هذه يتم اقتطاعه من الكثير من الأسر. مما يجعل الأمور أسوأ. وبالنسبة للشباب، الذين اعتادوا على السفر إلى المدن للعمل، فقد بدأوا في العودة لأن هناك الكثير من الخصومات في ظل الركود في البرازيل. وأشار الفلاح إلى أن "الناس بدأوا يعانون من الجوع.

فنلندا

يسخر صانعو النبيذ الفرنسي من حصاد العنب على الزلاجات. ولكن فريدريك سلوت البالغ من العمر (36 عامًا) والذي لديه 850 شجرة كرمة في مزرعته في فنلندا، كانت ضحكته الأخيرة. ففي الخريف الماضي في مهرجان في الولايات المتحدة فازت خموره الفوارة بالميدالية الذهبية بفوزه في المنافسة ما بين 2000 نوع نبيذ من 12 دولة، بما في ذلك الشمبانيا الفرنسية. وقال سلوت:" إنه لأمر رائع أن نرى فنلندا تتنافس مع فرنسا".

وكان هذا الصيف موسمًا جيدًا خاصة بالنسبة للعنب في جزيرة البلطيق "آلاند"، حيث يمتلك سلوت مزرعة كرم. وحل الربيع في وقت مبكر، ولم يكن هناك صقيع. وكان شهر مايو/أيار دافئًا جدا، لذلك بدأت المحاصيل بالازدهار بسرعة في يونيو /حزيران. وأضاف سلوت: "لقد كانت فترة طويلة من بداية النمو وحتى الحصاد، وكانت التربة جافة جدا" وتابع بالقول: "خلال عملية النضج أردت أن يكون العنب كثيف بقدر الإمكان، فكل قطرة من المطر يخفف من كثافة النبيذ ويمنع مخاطر التعفن"

فيما يقول مزارعو الخمر السويدية، إنه بفضل التغير في المناخ، فان لديهم الآن شهرًا إضافيًا في موسم النمو لكل فصل صيف مقارنة بما كان عليه قبل 40 عامًا، عندما كان شهر سبتمبر/ايلول من كل عام غير دافئ كما هو اليوم. كان بإمكان بعض المزارعين حصاد العنب في نهاية شهر أغسطس/آب.
ومن المفارقات، في حين لم يثمر موسم العنب لسلوت جيدا هذا العام، كان سلوت مصدوما لأنه يزرع القمح أيضا، الذي عانى من الحرارة والجفاف. لكنه يتوقع أن يكون الخمر جيدا اعتبارا من عام 2016.