دراسة مائية تحذر من انخفاض منسوبها

 أعلن معهد "مصدر للعلوم والتكنولوجيا"، التابع للجامعة البحثية المستقلة للدراسات العليا التي تركز على تقنيات الطاقة المتقدمة والتنمية المستدامة، عن إعداد موازنة مائية تحدد بدقة حجم احتياطي المياه الجوفية ومعدل نضوبها في دولة الإمارات، كما توفر معطيات هامة أخرى يمكن أن تساعد الحكومة الإماراتية في مساعيها لإدارة موارد المياه العذبة في الدولة بالشكل الأمثل.
 
ونجحت طالبة الماجستير في معهد "مصدر" ماريا دل روسيو غونزاليز سانشيز ، في إعداد أول "موازنة مائية" في الإمارات، وهو مصطلح يشير إلى العلاقة ما بين الوارد والفاقد المائي ضمن منطقة محددة.
 
وتوصلت إلى أن الإمارات تستهلك سنويًا 860 مليار لتر من المياه الجوفية في الري الزراعي، وحددت معدل نضوب المياه الجوفية فيها بخمسة ميليمترات في العام، وهذه أرقام تنطوي على أهمية كبيرة، بخاصة في ضوء اعتماد الإمارات على المياه الجوفية في تأمين 50 في المئة من حاجاتها من المياه العذبة.
 
وجاءت هذه النتائج في إطار مشروع بحثي أجرته سانشيز تحت إشراف اثنين من أعضاء هيئة التدريس في معهد "مصدر" هما أستاذ هندسة المياه والبيئة ورئيس مركز أبحاث المياه"أي ووتر" الدكتور طه وردة، والأستاذ المساعد في هندسة المياه والبيئة الدكتور براشانت ماربو.
 
وأكد الدكتور وردة أن وضع خطط طويلة الأجل لقطاع المياه يتطلب إلمامًا جيدًا بمختلف عناصر الموازنة المائية".
 
وشبّه الدكتور وردة الموازنة بطريقة إدارة الشؤون المالية التي تتطلب معرفة دقيقة بحجم المدخرات والدخل والنفقات، موضحًا أن "الدخل" في الموازنة المائية هو حصة الدولة من المياه القابلة للاستخدام سواء كان مصدرها الأمطار أو مياه التحلية أو مياه الصرف الصحي المعالجة، في حين أن "المدخرات" هي مقدار المياه الجوفية المتوفرة، بينما تتمثل "النفقات" في مقدار ما تفقده المياه الجوفية نتيجة التبخر أو الاستخدام البشري.
 
وتمكنت سانشيز من تقديم أول قياس دقيق لحجم الفاقد المائي نتيجة عمليات التبخر، والذي يشمل تبخر السطوح المائية والتربة وتبخر المياه من النباتات، ونضوب المياه الجوفية في الإمارات.
 
وتبين لها أيضَا أن الارتفاع الطفيف الذي شهدته دولة الإمارات في معدل هطول الأمطار خلال السنوات الخمس عشر الماضية، قابله ارتفاع مشابه تقريبًا في معدلات التبخر، وهذا يعني عدم الاستفادة فعليًا في الوقت الراهن من الأمطار في تعزيز مخزون المياه الجوفية في دولة الإمارات.
 
 وتوفر المياه الجوفية أكثر من نصف حاجات الدولة من المياه العذبة التي تستخدم في معظمها لأغراض الري الزراعي، بينما توفر مياه التحلية 37 في المائة من هذه الحاجات ويتركز استخدامها بشكل أساسي في المجال الصناعي والاستهلاك المنزلي، في حين تغطي المياه المعالجة 12 في المائة تقريبًا من حاجات الدولة ويتم استخدامها في ري المسطحات الخضراء، ونظرًا لكون المياه الجوفية تشكل المصدر الأكبر للمياه في الإمارات، بات من الضروري العمل على تحديد حجم مخزون المياه الجوفية المتوفر حاليًا والمتوقع في المستقبل بشكل دقيق.
 
وأضاف الدكتور وردة: "أنه كانت هناك محاولات للإحاطة بعناصر الموازنة المائية، لكنها لم تكتمل، ويأتي هذا البحث العلمي ليتيح لنا تحديد مقادير الأمطار الهاطلة والمياه الجوفية المفقودة ومياه التحلية المنتجة في الإمارات بشكل دقيق، وهذا بدوره سيساعد الدولة على وضع خطط فعالة لإدارة الموارد المائية بالشكل الأمثل".
 يذكر أن جمع البيانات الكمية والشاملة اللازمة لوضع موازنة مائية مفصلة ليس بالأمر السهل، وقد نجحت سانشيز في تجاوز هذا التحدي من خلال الاعتماد على تقنية الاستشعار عن بعد والقياسات المأخوذة عبر الأقمار الصناعية، والتي مكنتها من الحصول على نسب وقيم يصعب التوصل إليها باتباع طرق أخرى، وفي مثال على ذلك، استخدمت سانشيز بيانات القمر الصناعي لتغطية حقل الجاذبية واختبار المناخ (GRACE) التابع لوكالة الفضاء الأميركية "ناسا" لتحديد مناسيب المياه الجوفية في الإمارات ومعدل الفاقد المائي منها جراء عمليات التبخر.
وعلى غرار هذا المشروع البحثي، يعتمد معهد"مصدر" في أبحاثه على أحدث التقنيات العلمية والأساليب البحثية المتقدمة للتوصل إلى حلول تساعد دولة الإمارات على تحقيق الأهداف الاقتصادية بموازاة الأهداف البيئية لضمان مستقبل مزدهر ومستدام.