الأسماك

عندما تتحسس السمكة احتمال وقوعها فريسة، فإنها تختفي سريعًا ويصعب الوصول إليها. ليست خدعة سحرية، وإنما اكتشاف توصل إليه العلماء أخيرًا بعد محاولات لمعرفة اللغز وراء هذه الظاهرة التي قد تستخدم فيما بعد لأغراض عسكرية.

وأظهرت الدراسة أن هناك بعض الأسماك التي تمتلك الهياكل المجهرية تسمى الصفائح الدموية التي توجد في خلايا الجلد، وتستخدم من أجل عكس الضوء المستقطب ومن ثم الهرب عبر خداع الحيوانات المفترسة قبل وقوعها كفريسة.

وصمم الباحثان مولي كامينغز وباريش برادي من جامعة تكساس في أوستن، مقطع فيديو يحاكي قياس الضوء المستقطب من أجل السماح لهما برؤية كيفية هروب الأسماك. فالضوء المستقطب يتكون من موجات بسيطة في المجال ذاته على غرار الوهج المشرق الذي يمكن رؤيته عندما ينعكس ضوء الشمس بعيدًا عن سطح المياه. أما تحت سطح الماء فهو المكان الذي عادة ما يستقطب عنده الضوء وتتمتع الأسماك بقدرة عالية على الكشف عن التغيرات خلال هذا الضوء المستقطب.

وأكّد أستاذ البيولوجيا التكاملية في كلية العلوم الطبيعية، كامينغز، أنّالأسماك طورت من وسائل الكشف عن الضوء المستقطب، ولهذا فمن المقترح أنه ربما تعمل على تطوير وسائل التخفي في هذا الضوء. وأضاف أنه في حال تم التعرف على كيفية حدوث هذه العملية، يمكن إجراء تحسينات على تكنولوجيا التمويه لهذه البيئة.

وعلى مدار عقود عدة، عكفت البحرية الأميركية على البحث في كيفية تطوير عملية التخفي تحت الماء. ونجد أن هذه المؤسسة من الداعمين بقوة للعمل الذي يحاول الباحثون في كامينغز التوصل إليه.

وسافر فريق البحث إلى فلوريدا كيز و وراكاو لدراسة خمسة أنواع مختلفة من الأسماك. وتعاون برادي وكومينغز مع العلماء من كلية مدينة نيويورك وجامعة تكساس إلى جانب العديد من المعاهد الأخرى، من أجل تطوير منصة دوارة تحمل الأسماك في المكان المقصود في الوقت الذي تجري فيه العديد من القياسات عقب الدوران 360 درجة والذي يستغرق نحو ثلاث دقائق.

وكشفت نتائج الدراسات عن وجود أنواع بعض الأسماك مثل lookdown و bigeye scad لديها قدرة عالية على التخفي في الضوء المستقطب أكثر من الضوء المنعكس من المرآة، بينما سجلت الأسماك التي تعيش في المحيطات المفتوحة قدرة أكبر على التخفي فيما يسمى "زوايا المطاردة" والتي تمتد إلى 45 درجة في الاتجاهات كلها من الذيل أو الرأس.