الشاب إبراهيم سعد

تمكن الشاب إبراهيم سعد "19" عامًا، الذي يقطن في حي الشجاعية المدمر خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، من داخل غرفة نومه التي حولها إلى مختبر لأبحاثه، من اختراع أجهزة تحول الخشب لسكر وتولِّد الوقود من خلال بحثه في "خردة الأجهزة الكهربائية" واستخدامها في صناعة الأجهزة وتصميمها وفق مخططات وآليات صناعية وضعها.

ويحمل سعد طموحًا عاليًا فرؤيته للتفكير هي الخروج من الإطار التقليدي إلى الخيال والطموح لتحقيق حلمه بتسجيل إنجازاته باسمه والحصول على براءة اختراع، في الوقت الذي يجد فيه مؤسسات غافلة عن تبني إبداعاته في قطاع غزة.

وأوضح إبراهيم سعد، الطالب في الفصل الأول في جامعة الأزهر في غزة تخصص العلوم: "أهم ما أنجزته حتى الآن مشروع التخلص من الكتلة الحيوية "الخشب" هو أهم مشروع عالميًا فالخشب يضم مادة السيليلوز التي أقوم بتكسير هذه المادة وتحويلها إلى سكر الجليكوز العادي".

ويمكن إنتاج المادة الغذائية "السكر" من مخلفات الأقلام وورق الأشجار أو ورق الدفتر وأي شيء من الخشب، لكن الأهم أيضا هو قدرة الشاب على تحويل السكر المنتج من العملية الكيميائية إلى وقود "الإيثانول"، مضيفًا أنَّه "من المخلفات الغذائية ننتج وقودا إضافة لمادة غذائية من خلال التخلص من الأخشاب بطريقة آمنة".

وهذه الطريقة جديدة على مستوى العالم، في المقابل تسعى البرازيل من خلال زراعة محاصيل قصب السكر والذرة للحصول على الوقود.

أما طريقة الشاب سعد فهي جديدة كليا ولا تحتاج إلى زراعة السكر والذرة، فيتم الحصول على السكر من خلال الكتلة الحيوية "الأخشاب" وفضلاتها ومشتقاتها.

وتابع "حاليا أقوم بالتجارب ونجحت فيها واستطعت تحويل الأخشاب إلى سكر في مشروع بدأ قبل شهر"، موضحًا أنَّ "النمل الأبيض فقط هو الشيء الوحيد الذي يستطيع تحويل السيليلوز إلى سكر لاحتوائه على أنزيم".

استخدم سعد طريقة كيميائية دون اللجوء إلى الأنزيم المحلل للسيليلوز، مضيفًا "لا يوجد طرق تشبه طريقتي حسب اطلاعي، وهذه الطريقة ستعمل نقلة نوعية في العلم والغذاء والطاقة".

ويكمل الحديث عنَّ مختبره بأن الاختراعات التي نفذها بسيطة ولها فوائد كبيرة، موضحًا أنَّ المختبر البسيط تكون في عدة مراحل بفضل مساعدة والده ثم انتقل إلى مرحلة تطويره.

وهنا كانت مرحلة المعاناة ومشاق النجاح كما يذكر سعد بأنَّه لم يستطع شراء بعض الأجهزة والأدوات فقام بصناعة بعضها وتبرعت مؤسسة الخالصة الاجتماعية بأدوات مختبرية له، متممًا "هي المؤسسة الوحيدة التي شعرت أنها تتواصل وتطمئن على أحوالي وتتابعني وتعطيني النصائح".

لكن المخترع الغزي الذي تبنته جامعته رسميا، يعترف بأن مختبره ليس آمنا فعند العمل بالمواد الحارقة كالبنزين يتطلب إجراءات الأمان التي لم يستطع توفيرها نظرًا لتكلفتها الباهظة لذلك يضطر للعمل به بشكله الحالي.

وبهذا الصدد، يضيف بأنه "حال قيام إحدى المؤسسات بتبني اختراعاتي وتجهيزها بمختبر وأدوات يتضمن معدات الأمان والسلام، أستطيع إجراء تجارب أكبر من ذلك".

مختبر هذا المخترع هو غرفته المخصصة للنوم رغم ما يتضمنه من مواد كيمائية متنوعة، مضيفًا تعقيبًا على ذلك: "الغرفة احترقت في العام الماضي بفعل إحدى تجاربي العلمية التي أشعلت معها البيت أيضا".

ووصولا إلى كيفية حصوله على المواد الكيميائية، تابع: "هناك مواد دعمتني بها مؤسسة خالصة مع بعض الأدوات، وأحيانا ألجأ إلى جامعة الأزهر وأحصل على مواد كيميائية من الجامعة، وأخرى أقوم بشرائها من مصروفي الشخصي".

ويعرض مثالا على تلك الصعوبات "عندما أراد استخدام مادة السكر التولوين "مثيل بنزين" الممنوعة من الدخول لقطاع غزة، وقد وصل سعر اللتر الواحد من المادة الكيمائية 200 شيكل، لجأ سعد إلى مادة كيمائية أخرى لمعالجة مشكلة التكاليف ومنع المواد.

أما عن اختراعه جهازا يولد غاز الأوزون "O3" فيوضح "الجهاز موجود في العالم لكنه غير موجود في قطاع غزة وحتى لو وجد لا يمكن شراؤه نظرا لارتفاع تكلفته"، مضيفا: "الفوائد التي نستفيدها من غاز الأوزون لا تعد ولا تحصى وهو ما دفعني لابتكار الجهاز".

وبحسب سعد، يستخدم الأوزون في تعقيم وتكرير المياه ومعالجة مياه الشرب، ووجد أنه أسرع من الكلور 3200 مرة في قتل البكتيريا والفيروسات، مبينا أنه يستخدم في علاج التهاب الكبد الوبائي ولاسيما فيروس c، ويستخدم كعلاج للأعصاب وحالات ضعف الذاكرة وفتور الدورة الدموية.

وإن جرعات قليلة من الأوزون تفيد في تنقية الجسم من السموم وإزالة التوتر النفسي – كما يشير سعد، حيث أوضح أن الجهاز "يعمل على إنتاج برق صغير يعمل على تأين غاز الأكسجين وتحويله إلى أوزون".

وعن صناعته للجهاز المولد للغاز، يبين أنه صنعه من الصفر وأخذ وقتا وجهدا كبيرين استغرق نحو عام كامل، بعد ما قام بتجميع معلومات ولوحات إلكترونية، مضيفًا "كدت أفقد الأمل بنجاح صناعة الجهاز ولكن نجحت في النهاية".

وهذه الطريقة، وفقا لسعد، تدمج بين الكيمياء والكهرباء لكن واجهته مشكلة في القطع وفصل الجهاز بعد عمله لست دقائق متواصلة ثم تعطله، إلا أنه استطاع جلب قطعة إلكترونية من أجهزة كهربائية متعطلة وحصل على القطعة اللازمة، ونجحت التجربة.

"كل أجهزتي مصنوعة من الخردة الإلكترونية، فما بالك لو كان عندي إمكانيات"، هكذا رد حول إمكانية صناعة أجهزة مماثلة، متابعا: لدي أبحاث ومخططات لأكثر من 30 فكرة لم أبدأ فيها حتى الآن ولم أعلن عنها، وهي بحاجة لدعم وتبنٍّ من المؤسسات وتوفير بيئة مناسبة للتفكير، وهدفي من الاختراعات العيش حياة كريمة وخدمة قطاع غزة.

ولم تنته إبداعات الشاب الصغير عند هذا الحد بل اخترع "سخان ماء يولد تيارا كهربائيا في نفس الوقت"، مضيفًا "يعتبر هذا السخان أفضل من السخانات التقليدية ويختلف كليا عن ما هو موجود ويعالج مشاكل كثيرة يعاني منها المواطنون".

وعن مميزات الجهاز، يذكر بأنه يعمل على قدرة 100 واط مقارنة بالسخان العادي الذي يعمل على قدرة2500 واط، ويولد تيارا كهربائيا مقدراه 3 واط مقارنة بالسخان العادي الذي يولد تيارا قدرته صفر واط.

ويعمل الجهاز وفق ما يبينه سعد على بطارية 12 فولتًا وفرق جهد مقداره 220 فولتًا، بمعنى أنه يمكن تسخين الماء عند انقطاع التيار الكهربائي، موضحا: مبدأ عمل هذا الاختراع بإنتاج مجال كهرومغناطيسي لديه طاقة حرارية تكفي لرفع درجة حرارة الماء بسرعة وإنتاج تيار كهربائي من خلال استقطاب المجال الكهرومغناطيسي.

ويعتبر سعد اختراعه هذا نقلة نوعية في مجال استخدام الطاقة الحرارية والتسخين، لافتا لتطويره نسخة أخرى من الجهاز تعالج مشاكل النسخة القديمة، من خلال احتوائه على سخان ماء لا يولد تيارا كهربائيا ويستهلك جزءا بسيطا من الطاقة باستخدام مجال كهرومغناطيسي بدل استخدام سلك التنجستون، أو الكروم.

ويوفر الجهاز الجديد كمية هائلة من الطاقة على شركة توزيع الكهرباء، مضيفًا "معظم مشاكل القطاع من الهيتر الذي يستهلك كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية، وتعميم الجهاز يحل المشكلة، بشرط تسجيل المشروع باسمي ومنحه براءة اختراع".

وصمم سعد جهازًا "X zero water" قبل عام في ظل أزمة غاز الطهي، موضحا: الفكرة هنا تتمثل باستخدام مواد كيميائية تتفاعل مع الماء، ينتج عنها بعد التفاعل حرارة تستخدم لتسخين الماء، وغاز الهيدروجين، ثم حرقه لإنتاج حرارة تستخدم في الطهي بدلاً من الغاز المنزلي .

لكنه يوضح أن مخلفات الجهاز غير ضارة ويمكن استخدامها في عدة صناعات مختلفة، مبينا: قد يعمل الجهاز لست ساعات متواصلة، ويمكن استخدام الجهاز أيضا في تشغيل المولد الكهربائي.

وإبداعات سعد لم تتوقف عند ذلك، فقام بابتكار آلية لصناعة مادة البنزين بعد عدة تجارب نجح خلالها في انتاج كميات قليلة بتفاعلات كيميائية من خلال مادتي الكربون والهيدروجين، ولم يذكر باقي المواد المستخدمة.

وتتم العملية "من خلال خلط المواد على جهاز خاص وأكسدتها"، موضحا "أن العملية تنتهي بمرحلة التقطير عبر جهاز يستخرج البنزين ويمنع تطايره ومن الممكن التحكم في لونه وقد اختار سعد اللون الأسود له".

ويقوم سعد حاليا بتطوير الجهاز القديم من خلال مشاركته بإحدى المسابقات الإبداعية في الجامعة الإسلامية بغزة كي ينتج جهازه 200 لتر من البنزين يوميا، لافتا مع تطوير الجهاز وتبنيه فمن الممكن انتاج كميات كبيرة منه.

واخترع سعد جهازا أيضا العام الماضي لفلترة السيارات من خلال امتصاص دخان السيارة المكون من ثاني أكسيد الكبريت والكربون ويعمل على فلترته، مبينًا أنه يتم تركيب الجهاز داخل كل سيارة لامتصاص الغاز المنبعث منها ويفلتره في وقت قليل ويمتص المواد السامة منه ويحافظ على البيئة.