تكنولوجيا التعليم

  يتخذ المشرّعون والمسؤولون وصانعو القرار كل عام خيارات صعبة من بين خيارات تحسين التعليم الجذابة. وسواء أكان تركيزهم على تقليص حجم الصف، أم تدريب المعلمين، أم التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، أم على الكتب المدرسية والاختبار؛ فإنّ الخيارات جميعها تعود إلى مدى تقديرهم لفعالية كل نهج، وبالرغم من أن البحث في أثر تكنولوجيا التعليم في مراحله الأولى، إلا أن أعمالًا مهمة أُنجزت في هذا المجال. وفيما يأتي تحليل مجموعة من الدراسات المهمة في تكنولوجيا التعليم اختيرت لمجالها، وعيناتها الشاملة، وإمكانية تعميمها، وكونها تقدم رؤى بشأن الاستعمالات الجديدة للتكنولوجيا في مجال التعلّم والتعليم.

واستخدمت الدراسة الأولى تقنية تحليل إحصائية لتجميع نتائج أكثر من 500 دراسة فردية لاستخلاص نتيجة واحدة. وراجعت الثانية الدراسات الفردية التي سلّط مؤلفوها الضوء فيها على الأنماط المتناغمة التي ظهرت خلال الدراسات. وتناولت الثالثة، الشراكة القائمة بين "أبل" وخمس مدارس في أنحاء الولايات المتحدة. في حين بينت الدراسة الرابعة نتائج مبادرة التكنولوجيا التعليمية في فيرجينيا الغربية للأعوام العشرة الأخيرة. أما الخامسة، فقد قيّمت عيّنة وطنية أميركية من طلاب الصفين الرابع والثامن باستخدام أحدث طرائق المحاكاة وتكنولوجيات مهارات التفكير العليا. وراجعت الدراستان السادسة والسابعة دراستين صغيرتين تبينان تأثير التكنولوجيا الناشئة الحديثة في تعلّم الطلاب.

1.دراسة التحليل الإحصائي التجميعي لجيمس كوليك
استخدم جيمس كوليك "1994" تقنية تحليل إحصائية لتجميع نتائج أكثر من 500 دراسةبحثية فردية متعلقة بالتعليم القائم على الحاسوب، والذي يضفي على العملية التعليمية الطابع الفردي بما يلائم احتياجات الطالب، ومصالحه، وميوله، ومعرفته الحالية، وأساليب تعلّمه. وقد توصّل كوليك إلى الاستنتاجات الآتية:

النتائج الإيجابية:
في المتوسط، حقق الطلاب الذين استخدموا التعليم القائم على الحاسوب علامات أعلى في اختبار التحصيل مقارنة بطلاب العينة الضابطة الذين تعلموا دون حواسيب، ويتعلّم الطلاب أكثر في وقت أقل عندما يتلقون التعليم القائم على الحاسوب، ويُحب الطلاب صفوفهم أكثر، ويُظهرون مواقف أكثر إيجابية عندما تشمل صفوفهم التعليم القائم على الحاسوب.
النتائج السلبية:

لم تعطِ الحواسيب تأثيرات سلبية في الميادين جميعها التي تناولتها الدراسة.

2.مراجعة سيفين – كاشالا للأبحاث
استعرض جاي سيفين – كاشالا "1998" 219 دراسة بحثية أُجريت بين عامي 1990 إلى 1997 بهدف تقويم أثر التكنولوجيا في التعلّم والتحصيل في ميادين التعلّم جميعها، ولدى المتعلمين من مختلف الأعمار. وقد أظهرت مراجعته النتائج الآتية:

النتائج الإيجابية:
تحسّن طلاب البيئات الغنية بالتكنولوجيا في المواد الرئيسة كلها، وظهر التحسن لدى الطلاب من مرحلة ما قبل المدرسة إلى مرحلة التعليم العالي، إضافة إلى طلاب الاحتياجات الخاصة، وتحسنت اتجاهات الطلاب نحو عملية التعلّم، وتحسنت ثقتهم في أنفسهم عندما استُخدمت الحواسيب في التدريس.
نتائج غير حاسمة:
يتأثر مستوى فاعلية تكنولوجيا التعليم بكلّ من: المجموعة الطلابية المحددة، وتصميم البرمجيات، ودور المعلمين، ومدى استخدام الطلاب لهذه التكنولوجيا.

3.الصفوف الدراسية الحاسوبية المستقلة من أبل "ACOT"  
بهدف تقويم الصفوف الدراسية الحاسوبية المستقبلية، قوّم كل من بيكر وغيرهارت وهيرمن "1994" أثر التكنولوجيا التفاعلية في التعليم والتعلّم في خمس مدارس أميركية. وشملت الأهداف الخاصة  بالصفوف الدراسية الحاسوبية تشجيع الابتكار التعليمي في دعم المبادرات الطلابية، والمشاريع طويلة المدى، وتوفر مصادر تعليمية متنوعة، والتعلّم التعاوني. وطوال مدة الدراسة التي امتدت لخمسة أعوام، تمت المقارنة بين: "أ" أداء طلاب الصفوف الدراسية الحاسوبية المستقبلية للمهارات الأساسية مقارنة بالمعايير الوطنية "ب" تقدّم طلاب الصفوف الدراسية الحاسوبية المستقبلية وتحصيلهم بمرور الزمن "ج" الممارسات التعليمية لمعلمي الصفوف الدراسية الحاسوبية المستقبلية.

   النتائج الإيجابية:
يبدو أن خبرة الصفوف الدراسية الحاسوبية المستقبلية من "أبل" أدت إلى خبرات تعليمية جديدة تتطلب قَدْرًا أعلى من التعليل المنطقي وحل المشكلات، بالرغم من أن المشرفين على الدراسة يدّعون أن هذه النتائج ليست شاملة.

يوجد أثر إيجابي للصفوف الدراسية الحاسوبية المستقبلية من "أبل" في اتجاهات الطلاب، وأثر إيجابي في تغيير الممارسات التعليمية للمعلم نحو المزيد من العمل الجماعي التعاوني، والقليل من المحاضرات التقليدية.

النتائج السلبية:
أظهرت نتائج طلاب الصفوف الدراسية الحاسوبية المستقبلية من "أبل" في الاختبارات القياسية المتضمنة لمفردات اللغة، والاستيعاب القرائي، ومفاهيم الرياضيات، أنها لم تكن أفضل من نتائج مجموعات المقارنة، أو أفضل من المعايير على المستوى الوطني للطلاب الذين لم تتوافر لهم إمكانية استخدام الحواسيب، أو الاستفادة من الإصلاحات التعليمية والتعلميّة في مدارس الصفوف الدراسية الحاسوبية المستقبلية هذه.

4.مبادرة المهارات الأساسية/ التعليم بالحاسوب على مستوى ولاية فيرجينيا الغربية
حلّل ديل مان "1999" في دراسته لبرنامج المهارات الأساسية/ التعليم بالحاسوب على مستوى ولاية فيرجينيا الغربية عينة ممثلة لتحصيل 950 طالبًا من طلاب الصف الخامس من 18 مدرسة ابتدائية في أنحاء الولاية جميعها. كان طلاب الصف الخامس يتدربون في نطاق برنامج المهارات الأساسية/ التعليم بالحاسوب في العام الدراسي 1991 – 1992. كما جُمعت المعلومات أيضًا من أجل إبراز التأثير الذي أحدثته تكنولوجيا نظام التعلّم المتكامل لفيرجينيا الغربية في تحصيل الطلاب.

وركزت تكنولوجيا نظام التعلّم المتكامل تدريسها على: التهجئة، والإملاء، والمفردات اللغوية، والقراءة، والرياضيات. وقد جُمع عدد من المتغيرات وحللت، ومن ذلك: كثافة المهارات الأساسية/ التعليم بالحاسوب، والتحصيل السابق للطلاب، والحالة الاجتماعية، والتدريب الذي تلقاه المعلم، واتجاهات كل من المعلم والطالب فيما يتعلق بالمهارات الأساسية/ التعليم بالحاسوب. وأظهرت النتائج ما يأتي:

النتائج الإيجابية:
 كلما زادت مشاركة الطلاب في برنامج المهارات الأساسية/ التعليم بالحاسوب، ارتفعت علاماتهم على معيار ستانفورد 9، ويؤدي استخدام الطلاب الدائم للتكنولوجيا، والاتجاهات الإيجابية نحو التكنولوجيا من قبل الطلاب والمعلمين إلى أفضل تحصيل لهم؛ فقد ارتفعت علامات الطلاب على معيار ستانفورد 9 بتأثير المهارات الأساسية/ التعليم بالحاسوب، وكان الارتفاع الأكثر لدى الطلاب ذوي التحصيل المتدني.

 أفاد نصف المعلمين في العينة أن التكنولوجيا ساعدت إلى حد كبير في تحقيق الأهداف التعليمية في فيرجينيا الغربية، وأنهم أصبحوا- بمرور الوقت - أكثر حماسًا لتطبيق برنامج المهارات الأساسية/ التعليم بالحاسوب، ولم تُظهر النتائج أي اختلافات في التحصيل والتقدم، أو في استعمال الحاسوب، ترتبط بالجنس.

5.دراسة هارولد وينغلينسكي لأثر التكنولوجيا في تحصيل الطلاب لمبحث الرياضيات على المستوى القوميّ   
قوّم هارولد وينغلينسكي "1998" تأثيرات تكنولوجيا المحاكاة ومهارات التفكير العليا في عيّنة قومية مكونة من 6227 طالبًا من طلاب الصف الرابع، و 7146 طالبًا من طلاب الصف الثامن فيما يتعلق بتحصيل الرياضيات في نطاق التقويم القومي للتقدّم التربوي NAEP، وعمل في دراسته على ضبط الوضع الاجتماعي والاقتصادي، وحجم الصف، وخصائص المعلم. وقد أظهرت النتائج ما يأتي:

 النتائج الإيجابية:
أظهر طلاب الصف الثامن الذين استعملوا أجهزة المحاكاة، وبرمجيات مهارات التفكير العليا تحسنًا واضحًا في علامات الرياضيات مقارنة بالمتوسط العام.
أظهر طلاب الصف الثامن الذين تلقّى معلموهم تدريبًا مهنيًّا في الحاسوب تحسنًا واضحًا في علاماتهم في الرياضيات مقارنة بالمتوسط العام.
ارتبطت استعمالات الحاسوب عالية المستوى والتدريب المهني للمعلمين ارتباطًا إيجابيًّا بتحصيل طلاب الصفين الرابع والثامن في الرياضيات.

  النتائج السلبية:
كان أداء طلاب الصف الرابع الذين استخدموا التكنولوجيا للعب الألعاب التعليمية، وتطوير مهارات التفكير العليا أفضل من أداء الطلاب الذي لم يستخدموا التكنولوجيا.
كان أداء طلاب الصفين الرابع والثامن الذين استعملوا التكنولوجيا للتمرين والممارسات التعليمية أسوأ من الطلاب الذين لم يستخدموها حسب تقويم إدارة التقويم القومي للتقدم التربوي.

6.دراسات سكارداماليا وبيريتر عن بيئة التعلّم المقصودة القائمة على الحاسوب

جعلت التطورات الحديثة في تكنولوجيات الشبكات استخدامَ الحاسوب مشروعًا اجتماعيًا وتعاونيًا. وقد شملت دراسات البيئة التعليمية المقصودة القائمة على الحاسوب التي أجراها كل من مارلين سكارداماليا، وكارل بيريتر في عام "1996"، دراسةً موسعة في استخدام الحاسوب التعاوني في المدارس. وكان الأطفال في الدراسة يدركون ما قيل، أو كُتب عن الحواسيب على مدار فترة طويلة من الزمن، ويستجيبون له ويُعيدون صياغته. وكانوا يطرحون الأسئلة، ويبحثون عن إجابات الطلاب الآخرين لأسئلتهم، ويعلقّون، ويراجعون، ويستعرضون أعمال

الطلاب الآخرين، ثم يعيدون بناء الإجابات عن استفساراتهم الأولية وصياغتها. ولقد بينت ثمانية أعوام من الأبحاث حول دراسات البيئة التعليمية المقصودة القائمة على الحاسوب ما يأتي:
تفوق طلاب دراسات البيئة التعليمية المقصودة القائمة على الحاسوب على طلاب الصفوف العادية وفق مقاييس عمق الفهم والتأمل، وأيضًا في اختبارات القراءة المعيارية واللغة، والمفردات اللغوية.
توسّع دراسات البيئة التعليمية المقصودة القائمة على الحاسوب من تفكير الطالب، وتُشجّع على التفكير المتقدم، وأخذ وجهات نظر متعددة، والتفكير المستقل.

7.مجموعة التعلّم ونظرية المعرفة في معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا
استخدم كل من سيمور بابرت، وميتشل ريسنيك، وياسمين كافاي، وإيديت هارل مبادئ التعلّم بالتصميم في تكنولوجيا التعليم بما يجعل الطلاب مبدعين ومصممين لبرمجيات التعليم، ويستخدم هؤلاء الباحثون الحاسوب كأداة يمكن الاعتماد عليها، والطلاب كفاعلين، وبالتالي يتعلم الطلاب من خلال أنشطة التصميم عن طريق برمجة الحاسوب لتطوير تطبيقات يستطيع طلاب آخرون استعمالها، والتعلم منها.

استخدم البحث الذي أعدته إيديت هارل "1988، 1991" برمجة "اللوغو" لتصميم البرمجيات من أجل تدريس الكسور للطلاب الصغار. لذا كان على الطلاب إعادة بناء برنامج الحاسوب، والاحتفاظ بروابط بين المحتوى والعملية، وتصميم واجهة المستخدم البينية والأنشطة. بالإضافة إلى ذلك، يحتاج الطلاب إلى استنباط أفكار أخرى حول تدريس الكسور للطلاب الصغار, وقد أثبتت دراسة هارل ما يأتي:

·   تعلم الطلابُ الذين صمموا برمجيات اللوغو لتعليم الكسور لطلاب آخرين الكسورَ أفضل بكثير من الطلاب الذين تعلموا الكسور بالاعتماد على الطرائق التقليدية.
تعلّم الطلاب الذين استعملوا برمجيات اللوغو من أجل تصميم برمجة اللوغو أفضل بكثير من الطلاب الذين حصلوا على تعليمات برمجة اللوغو فقط.

استنتاجات عن الأثر والفعالية   

هذه الدراسات أنه في أكثر من 700 دراسة خاصة بالبحوث التجريبية، وفي الدراسة الخاصة بكامل ولاية فيرجينيا الغربية، والعينة القومية لطلاب الصفين الرابع والثامن، وفي تحليل التكنولوجيا التربوية الحديثة، أن الطلاب الذين يستطيعون الحصول على تقنيات مثل:

"أ‌"التعليم بمساعدة الحاسوب، أو "ب‌" تكنولوجيا النظم التعليمية المتكاملة، أو "ج" المحاكاة والبرمجيات التي تدرس مهارات التفكير العليا، أو "د" تكنولوجيات الشبكات التعاونية، أو
"هـ" تكنولوجيا التصميم والبرمجة.

قد حققوا نتائج أفضل في التحصيل في الاختبارات المبنيّة من قبل الباحث، والاختبارات المعيارية والاختبارات القومية، إلا أن هناك مؤشرات في بعض هذه الدراسات على أن تكنولوجيا التعليم تكون أقل فاعلية، أو عديمة الفاعلية، إذا كانت الأهداف التعليمية غير واضحة، والتركيز على استخدام التكنولوجيا مشتتًا. وتبعًا لما تقوله الدكتورة مارتا ستون ويسكي، المدير المشارك  لمركز تكنولوجيا التعليم في كلية هارفارد لدراسات التربية والتعليم العليا: فإن إحدى الصعوبات الدائمة في مجال تكنولوجيا التعليم والتعلم أن العديد  من الناس يفكرون بالتكنولوجيا أولاً، ومن ثم بالتعليم.