بيروت ـ فادي سماحة
فقد العالم العربي الإعلامية المخضرمة يمن الأخوي، بعد رحيلها عن 68 سنة، إذ تعتبر من رواد الإذاعة اللبنانية في مرحلة "الزمن الجميل"، وهي عبارة أطلقتها بنفسها على تلك السنوات الذهبية من عمر لبنان.
تألّقت يمن الأخوي إلى جانب زوجها الراحل الإعلامي الرائد شريف الأخوي، لكنها أبت إلا أن تكون ظلّه وسنده، في السراء والضراء.
ويمن الأخوي سليلة وجهاء من عائلة جنوبية مرموقة، أعطت بسخاء في حياتها العامة والخاصة ولم تمنّن أحداً، حتى تحوّل منزل الزوجين في بيروت إلى صالون ثقافي، ومقصد للأدباء والمبدعين من لبنان وأنحاء العالم العربي، وأصبح ممراً إلزامياً للوجوه الناشئة الموهوبة في عالم الإذاعة والتلفزيون في السبعينات والثمانينات من القرن الأخير.
عملت يمن الأخوي في صمت وكانت من الأشخاص الذين يخفون معاناتهم سواء مع المرض أو الضيق أو الألم، وهكذا عندما رحل زوجها مبكرًاً أواخر الثمانينات، تحمّلت بقوة شخصيتها وصلابة إرادتها، مسؤولية تنشئة أولادهما الثلاثة الإعلامي المعروف جاد الأخوي، ورامي وزينة.
وحملت أيضاً رسالة زوجها الراحل في رفع شأن محتوى الإعلام العربي، فكانت وراء إنتاج برامج تميّزت بالنوعية والرقي، شهدت قبولاً وانتشاراً واسعين في الإذاعات والتلفزيونات العربية.
وحرصت يمن الأخوي على تكريم المبدعين الذين سبقوها في الرحيل، ملمّة بتفاصيل تضحياتهم، بذاكرتها الثاقبة وتقييمها الصائب لكل منهم. لذا لم يكن غريباً أن تحصل على جائزة تكريمية على مجمل أعمالها خلال مسيرتها الإعلامية من اتحاد الاذاعة والتلفزيون في مصر، خلال مهرجان القاهرة للإعلام العربي، في دورته الخامسة والعشرين، في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، بعدما كانت عضواً في لجنة التحكيم في المهرجان طوال 11 سنة.
وتنقلت خلال37 عاماً من العمل الإذاعي بين الإذاعات اللبنانية والقطرية وأبو ظبي، والـ"بي.بي.سي" وغيرها، وحصدت العديد من الجوائز العربية والعالمية. لكن أحب البرامج إلى قلبها كانت تلك التي شاركت فيها رفيق العمر، مثل "نزهة" و"أهلا بهالطلّة" و"مرآة الذاكرة" و"لقاء الأحد"، و"جولة".
وكانت يمن الأخوي من الرافضين لعبارة "الجمهور عايز كده"، وفي ذلك تقول في إحدى المقابلات الصحافية معها: "كنا نحترم المستمع. نلهث وراء تقديم المادة الجيدة والراقية للجمهور، من دون التفكير كثيراً في المردود المالي والإعلاني. كنا ننجح في عملنا.
باختصار، كان الراديو أداة تعليم، تثقيف وترفيه موجّهة".
حتى اللحظات الأخيرة قبل دخولها في غيبوبة في المستشفى قبل أسابيع، ظلت يمن وفية لشريف الأخوي وحريصة على إيلائه حقّه.
تتذكر برنامجه "سالكة وآمنة" الذي شكّل حالة نادرة، أوصلت إبداعه إلى العالمية وكان يقدّم فيه نصائح للبنانيين ليسلكوا طرقاً آمنة، في خضمّ الحرب الأهلية. تقول: "كان شريف يومها حاكم البلد من وراء الميكروفون. وبعد تلك الفترة، اجتاحت الأحزاب الإذاعة اللبنانية، فتركناها أنا وزوجي".