الحجاج في المشاعر المقدسة

عندما يتعرض الحاج في المشاعر المقدسة لأي عارض يمنعه من أن يؤدي فريضة الحج بيسر وطمأنينة، كأن يتوه عن المكان الذي يرغب التوجه إليه، أو يفقد أحد أفراد مجموعته، أو يتعرض للإغماء بسبب أشعة الشمس، أو أي موقف طارئ، فإنَّه سيظهر لذلك الحاج، فجأة، وفي وقت قياسي دون سابق ميعاد، إما رجل أمن، أو مسعف طبي، أو مرشد خرائط، بجواره، لقضاء ما يحتاجه ذلك الحاج.

يحصل هذا الشيء بصورة متكررة بسبب الإجراءات الإضافية التي أعدها مركز القيادة والسيطرة التابع لوزارة الداخلية في حج هذا العام بنشر أكثر من 5 آلاف كاميرا حية في أرجاء مشاعر الحج. ويعمل مركز القيادة طيلة 24 ساعة، حرصًا على تقديم الخدمات المتنوعة لمليوني حاج، والعمل على راحتهم، وتبدأ المبادرة في مساعدة الحاج، 
من المركز قبل طلب الحاج نفسه للخدمة، كون متابعة سير الحجيج مستمرة من شاشات العرض الموجودة في المركز.

قائد مركز القيادة والسيطرة في الحج اللواء عبد الله الزهراني، يعلق على ذلك بأنَّه جرى "استحداث برامج تقنية جديدة؛ للتعاون مع بقية الأجهزة الأخرى العاملة في خدمة ضيوف الرحمن".

تصميم الشاشات التلفزيونية في غرفة المراقبة التلفزيونية، على هيئة مربعات متراصة فوق بعضها البعض، يُشعر زائرها وكأنَّه في خلية نحل، يُضاف إلى ذلك الحركة الدؤوبة والمستمرة لمنسوبي المركز، فالجميع في حالة استنفار، فضابط يوجه، وفرد يعلن حالة تعثر حاج، وآخر يتلقى اتصالًا من المشاعر مستفسرًا عن شخص مفقود أو خطة سير الطرق تجنبًا للزحام، وآخر يرد على استفسار لقائد سيارة إسعاف أو طائرة تابعة للهلال الأحمر.

تضم غرفة المراقبة التلفزيونية قرابة 100 شاشة كبيرة الحجم، بالإضافة إلى أجهزة الحاسب الآلي متعددة الاستخدامات والمهام، وكذلك أجهزة تتعامل مع الرسومات والخرائط.

تسهيلَا لتنقل الحجيج تعمل الغرفة على متابعة الأجواء المحيطة بالحجاج ومساعدتهم للخيار الأفضل في أي جانب. ويوضح مدير الخطط والتقارير في المركز العميد محمد الكناني، أنَّ "غرفة المراقبة التلفزيونية التي ترصد حركة الحجيج في مكة المكرمة، تُقدِّم المساعدة العاجلة للمتعثر منهم".

تعاون مركز القيادة والسيطرة مع الجهات الأخرى، ينعكس نفعًا على الحجاج، ويعبر أحد الحجاج السوريين عن ذلك بقوله "أعجب بالخدمات التي يقدمها المرشدون الميدانيون، وكذلك أعضاء الكشافة لنا بصفتهم حجاجًا، في وقت قصير". تُقدِّم الكمرات المتواجدة في المشاعر، خدمات مستحسنة، ويشرح اللواء عبد الله الزهراني بقوله "حدَّثنا البنية التحتية ووظفنا التقنية الحديثة في جميع الأعمال، إضافة إلى استعمال 5 آلاف كاميرا جديدة لمساعدة الحجيج ومتابعتهم لمسافات نحو 60 كيلومترًا".

الخدمات التي تُقدِّم في المشاعر المقدسة لا تقتصر على الحجاج، وإنما الجهات القادمة كافة، لتغطية الحج من جهات عامة أو وسائل إعلام وموثقين أجانب لهذا الحدث الضخم.

ويتوجه كثير من الجهات الإعلامية إلى مركز القيادة والسيطرة الذي يضيف لخدماته الأمنية خدمات أخرى تتصل بالعلاقات العامة والإعلام. وفي مبنى المركز، يلتقي الإعلامي بمنسوب وزارة الحج، ويصادف فرد الهلال الأحمر نظيره في وزارة النقل أو العمل، ويحصل ذلك سواء في المؤتمرات الصحافية التي تنظم للجهات العاملة في الحج كافة، أو اللقاءات الودية، ويستفيد من ذلك وسائل الإعلام الأجنبية والدولية.

ويُعلّق على ذلك إعلامي جزائري قادم من لندن يقول "حضرت بصفتي مصورًا تلفزيونيًا لأخذ لقاء خاص مع المتحدث الأمني لوزارة الداخلية، وسهَّل لي المركز الإعلامي، لقاء مع المتحدث الأمني، وكذلك متحدث وزارة الحج والهلال الأحمر، وهذا يؤدي إلى نجاح مهمتنا التي قدمنها من أجلها".

منسوبو مركز القيادة والسيطرة وما يضمه من أقسام متنوعة من الأمن العام، هم في الأصل جهات أمنية، التي عادة ما يكون أفرادها في طابع رسمي؛ بسبب طبيعة المهمة، غير أنَّ تلك النظرة تتلاشى تمامًا عند دخول مركز العلاقات العالمة والإعلام.

ويشعر الإعلاميون القادمون إلى المركز، وكأنَّهم يتحدثون إلى محترفين في العلاقات العامة والإعلام، فضبط النفس والهدوء، رغم ضغوطات العمل بوجود مليوني شخص في فترة أيام معدودة، هما السمتان البارزتان للعاملين هناك.