الصحف العراقية

أعلن عدد من رؤساء التحرير وأصحاب الصحف العراقية، الأحد، عن تأسيس أول اتحاد خاص بهم تحت مسمى "اتحاد أصحاب الصحف العراقية"، مطالبين نقابة الصحافيين باتخاذ دورها في حل أزمة تسريح عشرات الصحافيين العراقيين من عملهم. وأصدر رؤساء التحرير في اجتماع وصفوه بالطارئ في بغداد، الأحد، بياناً، قالوا فيه إنّ "العامين الأخيرين شهدا، وبدوافع سياسية، انهيار الصحافة باعتبارها تشكل مصدر قلق لهم، بسبب ما تقوم به من كشف ملفات الفساد وتسليط الضوء على إخفاقات الحكومة، والانتهاكات الكبيرة ضد الصحافيين".

وأضاف البيان أنّ "الاجتماع الطارئ جاء لاتخاذ تدابير ضرورية، لإيقاف مسلسل انهيار الصحف العراقية، ولتكثيف الجهود لإنقاذ المؤسسات الصحافية في البلاد". ونقلت وسائل إعلام محلية عراقية جانباً من البيان الذي صدر في بغداد، وتضمن الاتفاق مقررات اعتبرها المجتمعون مهمة في إنقاذ المؤسسات الإعلامية والصحف العراقية من الانهيار، منها "تأسيس اتحاد أصحاب الصحف العراقية الذي يهتم بتوحيد الجهود ووضع استراتيجية مستقبلية لحل الأزمة الخانقة التي تمر بها الصحافة العراقية".

وفضلاً عن دعوة الرئاسات الثلاث العليا في البلاد إلى حماية حرية التعبير، وتوفير الحلول اللازمة وإقرار التشريعات للحفاظ على أداء "صاحبة الجلالة" (السلطة الرابعة). وطالب البيان، نقابة الصحافيين العراقيين، باتخاذ التدابير اللازمة لحل أزمة تسريح أعداد كبيرة من الصحافيين العراقيين من عملهم، بتفعيل الاتفاقات السابقة مع أصحاب الصحف، والعمل بتعليمات الأمانة العامة لمجلس الوزراء المتعلقة بهذا الصدد، والتي شملت عدم تسريح أي صحافي من عمله بدون عذر مقنع، بحسب المصادر.

وحذّر المجتمعون مما وصفوه بـ"اضطرارهم إلى قرارات مفتوحة في حال تجاهل معاناتهم واستمرار مسلسل الانهيارات في الصحف العراقية"، معتبرين أنّ هذا البيان جاء لإطلاع الرأي العام على الحقائق والضرر الذي لحق بالصحف العراقية.

ووقع على البيان 16 رئيس تحرير لصحف عراقية معروفة، من بينها "الدستور" و"الزمان" و"الصباح الجديد" و"المدى" و"العالم" وغيرها. وشهدت الأعوام الثلاثة الماضية، انهيارات متتالية لعدد من الصحف العراقية لأسباب مالية أو سياسية مختلفة وانتهاكات، بإغلاق عدد منها أو تسريح عدد كبير من الصحافيين العاملين فيها لتقليص النفقات. واعتبر صحافيون هذا الاتحاد انطلاقة جديدة للحفاظ على الصحف العراقية من الانهيارات المتلاحقة، في وقت تخشى فيه الجهات السياسية إعادة الحيوية إلى الصحافة في البلاد، بسبب استمرارها في كشف ملفات الفساد وتسليط الضوء على الإخفاقات المتكررة للحكومة العراقية.

وقال الصحافي محمد الجبوري إنّ "الصحف العراقية تعاني كثيراً بسبب أزمات مالية أو سياسية، فحرية التعبير كثيراً ما تتعرض لمشاكل أو تهديدات حزبية من هذه الجهة أو تلك تسببت في إغلاق صحف وتسريح عشرات الصحافيين من عملهم، فضلاً عن تأثيرات الأزمة الاقتصادية الخانقة في العراق".

ويرى الجبوري أن "هذا الاتحاد يمكنه توحيد الجهود المشتركة لأصحاب الصحف ورؤساء تحريرها، بهدف إيجاد حلول للأزمات الصحافية التي تحدث، خاصة في الأعوام الثلاثة المنصرمة، حتى لا تتسبب الأزمات السياسية والاقتصادية في انهيار الصحف العراقية المعروفة التي كانت سبباً في كشف أخطر ملفات الفساد".

وكشف رئيس تحرير إحدى الصحف العراقية اليومية، عن "محاولات جارية مع الحكومة العراقية بهدف توفير مطابع لهم ودعم للمؤسسات والصحف، منعاً لانهيارها، ولتقليل نسب تسريح الصحافيين من العمل بسبب الأزمة الاقتصادية".

وأثرت الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد منتصف عام 2015 على الصحافة العراقية بشكل كبير، في وقت تعتمد فيه أغلب الصحف واسعة الانتشار على إعلانات الوزارات لتوفير تمويلها ورواتب موظفيها. وتعتمد صحف أخرى على الدعم المالي المقدم لها من قبل أحزاب وكتل سياسية، لكن أغلب الصحف ترفض هذا النوع من الدعم بسبب الأجندات التي تفرض عليها من قبل الممولين، ما يعتبره أصحابها مصادرة لحرية التعبير وتسييساً لها.

وشهدت البلاد منذ عام 2003 فوضى عارمة في مجال الصحافة، وانتشرت عشرات الصحف ووكالات الأنباء والقنوات الفضائية التابعة لأحزاب سياسية لم تلق قبولاً في الشارع العراقي، بسبب ترويجها لتلك الأحزاب. وفي هذا الوقت، تعرّض عدد كبير من الصحافيين العراقيين لفقدان عملهم في الصحف بسبب قلة التمويل والأزمة الاقتصادية الخانقة وتوقف العديد من الوزارات العراقية عن الإعلان في تلك الصحف، ما قلص كثيراً من وارداتها المالية.