صحافة العراق في 2015

لا زالت البيئة القانونية للوسط الاعلامي في العراق غير واضحة المعالم ويشوبها الكثير من الغموض، فيما تستند محكمة قضايا النشر والاعلام على مواد قانونية خطيرة تتنافي مع ما ذكر في الدستور العراقي الذي كفل حرية الصحافة وحرية التعبير، بحسب تقرير سنوي عن واقع حريات الصحافة في العراق.
وذكرت  الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين، ان الصحفيين يتعرضون لمضايقات وتهديدات مختلفة سواء بوقوعهم تحت طائلة مواد قانون العقوبات. كما تقوم محكمة قضايا النشر والاعلام بالاستماع  للشكاوى المقامة ضد الصحفيين والمؤسسات الاعلامية على خلفية نشر تلك المؤسسات الاعلامية تقارير عن الفساد المتفشي في اغلب مؤسسات الدولة.
ومما يعيب على محكمة قضايا النشر والاعلام هو عدم وجود  قانون للمحكمة يتضمن في فقراته اعلى درجات الحماية للصحفيين ومنع حبس الصحفي او الترويج للشكاوى التى تقام في المحكمة المذكورة بسبب  النشر او بسبب ممارسة العمل الصحفي، تقول الجمعية ومقرها بغداد.
وقد صدمت الاوساط الصحفية بقرار  المحكمة المذورة المرقم 421 في   17 كانون الاول الحالي والمتضمن القاء القبض على الصحفيين احمد عبد الواحد مدير قناة اسيا  ومقدم البرامج  ناهى مهدى  وفق المادة  434  من قانون العقوبات العراقي  الرقم 111  لسنة 1969 المعدل . على خلفية بث برامج تلفزيونية  في القناة المذكورة  حول مظاهر الفساد المتفشي في مؤسسات الدولة . واعتبرت الجمعية  عملية القاء القبض على الصحفيين  انما هى محاولة لتحجيم حرية الصحافة وحرية التعبير ومحاولة لاسكات الاصوات التى تمارس حقها الدستورى  (المادة38)  من الدستور العراقي الذى كفل حرية الصحافة وحرية التعبير.
وتؤكد ان الاسرة الصحفية تتنظر بفارغ الصبر موافقة مجلس النواب العراقي على تشريع قانون حق الحصول على المعلومة والذي تم تقديمه من قبل  الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين  الى  المجلس المذكور وتم قراءته قراءة واحدة. وسيساهم هذا القانون في حال تشريعه بحزمة اجراءات تخدم الصحفيين  من خلال تسهيل حصولهم على المعلومة".
ورصدت الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين ارتفاع نسبة الشكاوى والدعاوى المقامة ضد الصحفيين  والمؤسسات الاعلامية على خلفية نشر مقالات او تقارير صحفية تنتقد  عمل الجهات الرسمية واستغلت المحكمة من قبل تلك الجهات الرسمية وغير الرسمية للمطالبة بتعويضات وصلت الى  ارقام خيالية ولعل ابرز تلك التعويضات والشكاوى تلك التى اقيمت ضد مؤسسة النهار العراقي  حيث وصلت الى مبلغ (410) مليار دينار عراقي فيما  تدفع الصحفية المذكورة مبالغ شهرية الى رئيس مجلس النواب العراقي السابق اسامة النجيفي على خلفية دعوى قضائية اقامها  ضد الصحيفة بسبب نشر اخبار انتقدت فيها تصريحات للنجيفي.
فيما اقام وزير النقل باقر جبر صولاغ دعوى رسمية ضد  الصحيفة المذكورة. على خلفية نشر تقارير عن عمل وزارة النقل . فيما اخبر حسن جمعة رئيس تحرير صحيفة النهار مكتب  الجمعية  انه تلقي تهديدات من جهات حزبية .
في حين تتولى محكمة قضايا النشر والاعلام اصدار امر القاء قبض على الصحفي الذى تقام دعوى قضائية ضده من قبل بعض الجهات النافذة وهو امر غير قانونى واجراء لايستند الى اى غطاء قانوني. ولكن رغم ذلك فان القوانين التي خلفتها الحقبة الماضية مازالت سارية المفعول ويستمر العمل بها ما يؤدي الى وقوع الصحفيين تحت طائلة المحاسبة في حالات ابداء الرأي او النشر لاسيما فيما يتعلق باستخدام المواد القانونية المتعلقة بالتشهير والقذف الواردة في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل.
ويتعرض الصحفيون ووسائل الإعلام للمحاكمات على وفق المواد القانونية (81،82،83،84،202،210،211،215،226،227،403،433،434) من قانون العقوبات العراقي. الامر الذي يعطي الفرصة لمقاضاة وسائل الاعلام والصحفيين من قبل من توجه اليه الانتقادات ، ما يؤدي الى تقييد حرية النشر والتعبير. ويشكل تهديدا صريحا للصحفيين.
وعبرت الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفين عن بالغ قلقها الشديد ازاء تزايد حالات العنف ضد الصحفيين في العراق وكان تنظيم داعش الارهابي  في مقدمة الجهات التى ارتكبت جرائم بحق الصحفيين في  اغلب محافظات العراق
فقد لقي (31) صحفيا  مصرعهم على ايادى تنظيم داعش الارهابي  وجماعات  مسلحة مجهولة  وخلال عام 2015 فيما لازال مصير 10 صحفيين مجهول.  وحسب ماذكرته مصادر  مطلعة للجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين .حيث يعيش هولاء الصحفيين  في ظروف بالغة التعقيد وقد غيبوا بشكل خطير ولا يستطيع حتى  ذويهم من  تتبع اخبارهم او مقابلتهم .
فيما غادر عشرات الصحفيين محافظات ( نينوى ، والانبار) بسبب  سيطرة  تنظيم داعش الارهابي  على تلك المحافظات واصدارهم قرار باعتقال اى صحفي  ضمن تلك المدن .
وقد وجه تنظيم داعش الى الصحفيين تهمة ايصال الاخبار والمعلومات الى وسائل اعلام ( معادية) لتنظيم داعش، فيما يمنح تنظيم داعش موافقات  رسمية للصحفيين يتم الاتفاق مع مؤسساتهم  لغرض اجراء مقابلات  داخل المحافظات التى يسطر عليها التنظيم الارهابي ، فيما نزح العشرات من الصحفيين  الى خارج العراق ويعيش غالبيتهم في ظروف انسانية بالغة التعقيد ولازال البعض منهم عالق في مخيمات جماعية وفي ظل  غياب حكومي لمتابعة شؤونهم  او تقديم يد العون .
واخفقت قيادة شرطة محافظة البصرة في الوصول الى الجناة  المتورطين بحادثة خطف واغتيال الصحفي  سياب ماجد والذى خطف يوم 9 اذار 2015 في البصرة وعثر على جثته بعد ساعات من اختطافه.
ولم تفتح قيادة الشرطة تحقيقا رسميا ومهنيا  بالحادثة واكتفت  بتقييد الجريمة ضد مجهول وهو اجراء اعتادت اجهزة الشرطة علي مارسته بحوادث الاعتداء والقتل التى يتعرض لها الصحفيون وقد ازدادت ظاهرة الافلات من العقاب في السنوات الاخيرة  الامر الذى شجع على زيادة العنف ضد الصحفيين في العراق.
وايضا حادثة  الاعتداء على الصحفيين في مبنى مستشارية الامن الوطنى بتاريخ18شباط من العام الحالي من قبل عناصر حماية الامن الوطنى حيث اصيب عدد من الصحفيين بجراح خطيرة  وقد اهملت الشرطة  اكمال التحقيق وسمح لعناصر الحماية بالافلات من العقاب وتم اغلاق القضية .
ورصدت  الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين  خلال عام 2015 تعرض مايقارب (235) صحفيا لاسوأ انواع الانتهاكات وتنوعت بين (  الضرب ، الحجز ،مصادرة ادوات الصحفي  ، المنع من التغطية ،  الاعتقال،  التهديدات ،  تشويه السمعة ،الاغتيالات،  الخطف  ) وغالبيتهم من العاملين في القنوات الفضائية .
والقت الازمة المالية في العراق ظلالها على المؤسسات  الاعلامية في العراق  حيث رصدت الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين  حالة الطرد التعسفي لاعداد كبيرة من الصحفيين العاملين في تلك المؤسسات الاعلامية جراء تخفيض نفقات تلك المؤسسات الاعلامية من قبل الممولين وتقليص المكاتب الاعلامية وغلق بعض المؤسسات الاعلامية . وكانت المؤسسات الاعلامية المستقلة التى عانت امن ايقاف نشر الاعلانات التي تعتبر مصدرا رئيسا لتمويل تلك المؤسسات بسبب الازمة المالية التى تعانى منها مؤسسات الدولة  كافة.
وسجلت الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين  انخفاضا في مستوى  التدريب الذى يتلقاه الصحفيون والمراسلون خاصة اولئك الذين يغطون المعارك في المناطق الساخنة. بل ان عددا  كبيرا من المصوريين والمراسلين الحربيين لم يتلقوا اى تدريب في مجالات  السلامة البدنية او التدريبات الخاصة بالمراسل الحربي بل ان عددا  كبيرا منهم لايملك وسائل الامان الخاصة بالمراسل الحربي مثل الخوذة والدرع المضاد  للرصاص .