الرئيس الأميركي باراك أوباما
الرئيس الأميركي باراك أوباما
واشنطن - يوسف مكي
يبدو أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما باتت محاصرة بثلاث فضائح محتملة تتمثل في فضيحة (جهاز الضرائب وتعطيله لطلبات الإعفاء الضريبي من منظمات معينة لأسباب سياسية)، وفضيحة (الأسوشيتد برس وحصول وزارة العدل سرًا على تسجيلات هاتفية لصحافي الوكالة العام الماضي)، وفضيحة هجوم بنغازي،
وهي فضائح تفتح شهية أي كاتب للبحث عن الحقائق وراء ما يُسمى بأكاذيب أوباما، وينصب تركيز الانتباه كله على مسألة الهجوم على القنصلية في بنغازي في حين أن هناك فضحية أخرى حقيقية يتجاهلها الجمهوريين بصفة عامة، والتي تتمثل في أن الرئيس أوباما وقبل عامين قام بشن حرب في ليبيا ويشن الآن حربًا في باكستان وهو تصرف من الرئيس يتجاوز قدراته على شن حرب، ففي العام 2011 أمر الرئيس أوباما الطائرات الأميركية بالقيام بغارات فوق ليبيا من دون الحصول على تفويض بذلك من الكونغرس.
وتقول صحيفة "غارديان" البريطانية "ومع ذلك فإن العنصر المفقود في هذه الفضائح هو الدليل الفعلي الدامغ على وجود إثم من جانب إدارة أوباما. ولعل فضحية جهاز الضرائب هي الأكثر خطورة على المستوى السياسي، ومع ذلك فإن من غير الواضح ما إذا كان أي فرد في إدارة أوباما كان على علم بما يقوم به جهاز الضرائب أو أنه كان يستهدف الجماعات المحافظة لأغراض سياسية. أما فضيحة التسجيلات الهاتفية فهي أكثر إزعاجًا لأنها تكشف عن خطر التعرض إلى مراقبة غير مبررة".
أما الفضحية الثالثة فهي هجوم بنغازي وهي فضحية يثور بشأنها جدل وصخب هستيري على نحو يفوق الفضيحتين الأولى والثانية.
ويدل الواقع على أنه بات من المستحيل معرفة السبب الذي يجعل من هجوم بنغازي بمثابة فضيحة، هل السبب يكمن في رفض الحكومة الأميريكية إرسال قوات المارينز أو القوات الخاصة أو القوات الجوية لإنقاذ الرهائن؟ أم أن البيت الأبيض قلل من أهمية إمكان وقوع هجوم إرهابي في ليبيا حتى على الرغم من أن الرئيس أوباما لم يقل ذلك إلا بعد أيام من وقوع الهجوم؟ أم أن البيت الأبيض تلاعب في وضع نقاط وموضوعات الحديث بشأن الهجوم حتى يظل الرأي العام الأميركي قبل انتخابات الرئاسة بشهرين ينظر إلى أوباما باعتباره شخصًا لا يتهاون مع الإرهاب؟ الطريف أن أوباما نفسه قلل من خطورة وتهديدات الإرهاب خلال حملته الانتخابية بعد ذلك.
وتؤكد الصحيفة البريطانية أن مسألة هجوم بنغازي لم تكن أبدًا مسألة سعي وراء الحقيقة وإنما كانت وسيلة لمهاجمة أوباما من قبل، واستعداد لاستخدامها مستقبلاً مع هيلاري كلينتون لحظة استعدادها لانتخابات 2016، ولا يعني ذلك أن إدارة أوباما لا غبار عليها في ما يتعلق بليبيا.
وتشير الصحيفة إلى أنه من دواعي السخرية أن تركيز الانتباه ينصب كله على مسألة الهجوم على القنصلية في بنغازي في حين أن هناك فضحية أخرى حقيقية يتجاهلها الجمهوريين بصفة عامة، والتي تتمثل في أن الرئيس أوباما وقبل عامين قام بشن حرب في ليبيا وهو تصرف من الرئيس يتجاوز قدراته على شن حرب، ففي العام 2011 أمر الرئيس أوباما الطائرات الأميركية بالقيام بغارات فوق ليبيا من دون الحصول على تفويض بذلك من الكونغرس.
ويُعرف أن الرئيس غير ممنوع من عمل مثل هذه الأشياء ولكن وبموجب شروط قرار سلطات الحرب كان ينبغي عليه أن يبلغ الكونغرس بذلك خلال 48 ساعة من بداية التورط الأميركي، ومن ثم الحصول على تفويض رسمي من الكونغرس خلال ستين يومًا، وفي حال تعذر ذلك فإنه ينبغي عليه عندئذ أن يوقف العمليات الحربية خلال 30 يومًا.
وتذكر "غارديان" أن ما فعله أوباما هو أنه وجد ثغرة قانونية تمكنه من تجنب تلك الشروط في حالة إذا لم تكن الولايات المتحدة آنذاك متورطة في عدوان عملي ودائم، وذلك على الرغم من أن الطائرات الأميركية كانت تلقي بقنابلها على ليبيا وتطلق صواريخ تنسق مع بريطانيا، وهو يرى أن ذلك لا يمكن أن يوصف بأنه عمل عدواني. ويبدو في الواقع أن المجلس القانوني في مكتبه يرى أن ذلك بمثابة عمل عدواني، وأنه كان يتطلب تفويضًا من الكونغرس، ولكن الرئيس لم يأخذ بذلك.
ويُعتبر الأسوأ من ذلك أن الإدارة الأميركية وسعت نطاق حملتها في ليبيا بصورة واضحة، وتحولت من حملة إنسانية إلى حملة لتغيير النظام، وهو ما نجحت فيه بمقتل القذافي.
وقال أوباما العام 2007 عندما كان مرشحًا "إن الرئيس لا يملك صلاحيات دستورية للقيام بعمل عسكري بمفرده في موقف لا يتعلق بالتصدي لخطر وشيك على الأمة".
وأضاف أن "التاريخ دائمًا ما يقول إن أكثر العمليات العسكرية نجاحًا هي تلك التي تحظى بدعم السلطة التشريعية"، غير أنه ربما نسي أن يقول إن الكلام يسري على أي رئيس باستثناء الرئيس أوباما.
وتشير الصحيفة إلى أن "الأخطر أن انتهاكات الرئيس في هذا الشأن رغم أجواء الفضائح المحيطة به تتكرر من جديد الآن في باكستان، فهناك تقارير تقول إن طائرات الدرون الأميركية في باكستان لا تستهدف الآن زعماء القاعدة وإنما تستهدف أي مليشيات تعبر الحدود إلى باكستان، وخطورة ذلك تكمن في أنها تتناقض مع التأكيدات التي تكررها إدارة أوباما بأن غارات الدرون لا تستهدف سوى أعضاء تنظيم القاعدة أو من يشكلون خطرًا وشيك على الولايات المتحدة، ولا ينطبق ذلك على مليشيات طالبان". وتضيف "فضلاً عن ذلك فإن استهداف مشاة طالبان في باكستان لا يغطيه بتفويض الكونغرس في العام 2001 باستخدام القوة العسكرية ، وبالتالي فإن أوباما يقوم بعمل غير شرعي مخالف ليس فقط للقانون الأميركي وإنما أيضًا للقانون الدولي".
ولا يعني ذلك ضرورة توجيه اتهامات لأوباما بقدر ما يعني ضرورة مزيد من اهتمام الكونغرس وتدقيقه في هذا الشأن.
وتقول الصحيفة "مما لا شك فيه أن إدارة أوباما قامت بشن حربين على نحو غير مشروع على ليبيا قبل عامين وفي باكستان اليوم، والواقع أن هذه هي فضيحة أوباما الحقيقية".