جانب من اعتصام لأهالي الأسرى الفلسطينيين
غزة ـ محمد حبيب
أكد والد الأسير القائد القسامي عبد الله البرغوثي، أن ابنه قد أبلغه أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، يحمل مفاجأة بخصوص قضية الأسرى في السجون الإسرائيلية، دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
وقال والد البرغوثي في مقابلة مع قناة القدس الفضائية صباح الإثنين أنه فحوى هذه
المفاجأة سيكشف عنها في الوقت المناسب كما أبلغه بذلك ابنه عبد الله من السجن خلال حديث سابق بينهما.
هذا وكان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس قد قال لوالدة الأسير حسن سلامة، خلال لقاء مع أهالي الأسرى والجرحى الأحد "أقسم بالله، أقسم بالله، أقسم بالله يا حجة ليخرج حسن سلامة وكافة الأسرى من السجون.
يذكر أنه منذ إعلان كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس ثالث أيام العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة في السادس عشر من الشهر الماضي، عن إسقاط طائرة حربية من نوع "f16"، وعدم تطرقها عن مصير طياريها، راجت أحاديث إعلامية، عن تمكن القسام من أسر الطيارين.
فيما لم يؤكد هذا الخبر أي مصدر من حركة حماس، ولكن عضو المكتب السياسي للحركة، عزت الرشق قال عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": في ما يخص أسر جنود صهاينة في العدوان الأخير .. لا ننفي .. ولا نؤكد.
وكان النائب الحمساوي مشير المصري والذي أكد نبأ إسقاط طائرة إسرائيلية، قال إن الإعلان عن أسر الطيار أو طيارين إسرائيليين هو في يد كتائب عز الدين القسام، لافتًا إلى أن ذلك الإعلان إن تم فلن يكون مجانيا.
ويقول محللون إن "حماس لن تعلن عن الأسر إن حدث، لدواعٍ أمنية، حتى تستطيع توفير مكان آمن لهما"، فيما تتكتم إسرائيل كمحاولة منها لتحريرهما. وذكرت المصادر أن الطيارين وقعا أسيرين بعد أن هبطا مظليا عقب استهداف طائرتهما.
هذا وبعد سويعات من إعلان "كتائب القسام"، عن استهداف طائرة حربية بصاروخ من طراز "أرض – جو" أكدت مصادر إعلامية عبرية، من بينها القناة الثانية، عن إصابة طائرة حربية وفقدان الاتصال بالطيارين الموجودين على متنها. لكن هذه التأكيدات لم تجد طريقها للاعتراف الرسمي، ولم يعلن الجيش أو المستوى السياسي عن أي معلومة في هذا الإطار.
لكن آنذاك، لم يتمكن الفلسطينيون من إخفاء مظاهر فرحتهم بالخبر الذي انتشر مع أذان المغرب من ثالث أيام العدوان، وخرجوا إلى الشوارع مهنئين مباركين للمقاومة بنصرها الجديد، وقاموا بتوزيع الحلوى والتكبير العفوي عبر مآذن المساجد.
وعند هذه اللحظة التي بدأ فيها الإعلام يشكك هذا الاستهداف، بدأت تثار التساؤلات حول الأمر، فلم يمر يومان، حتى خرج الناطق باسم "كتائب القسام"، "أبو عبيدة"، وأكد استهداف طائرة حربية ، وألمح إلى عدم اعتراف الاحتلال بخسارته فيها، لكنه قال: "إن الاحتلال سيضطر للإعلان عن خسارته عاجلا أو آجلا". وتجنب في الوقت ذاته الحديث عن أي مصير للطيارين، بل ورد أن هناك تعليمات لكافة المستويات بعدم التطرق إلى مصير الطيارين لا بالسلب أو الإيجاب.
وفي اليوم التالي لإعلان الناطق باسم "القسام"، نشرت كتائب القسام فيديو يوضح لحظة إطلاق الصاروخ صوب الطائرة، مدته ثوان معدودة، لم يظهر فيه ما إن كان الصاروخ أصاب الهدف أم لا.
وانتهى العدوان وأعلنت التهدئة، وبعد أربعة أيام ألقى عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" محمود الزهار ندوة في غزة، أكد فيها أن "كتائب القسام" استهدفت خلال العدوان سبع طائرات بصواريخ أرض – جو، وأنه تم العثور على حطام واحدة منها وسط القطاع.
وبعد يومين من حديث الزهار؛ أعلن مسؤول رفيع، حسب ما نشرت القناة العبرية الثانية، عن تعرض طائرات "سلاح الجو " لعشر محاولات إسقاط خلال العدوان الأخير.
كما أن مواطنين فلسطينيين أخرجوا من مياه بحر رفح أقصى جنوب قطاع غزة جسمًا حديديا كبيرًا مكتوب عليه أرقام دون معرفة إن كان هذا خزان وقود الطائرة التي أُسقطت كما قال البعض أم لا، إلا أن "كتائب القسام" لم تتطرق لهذا الأمر بالمطلق ولم تتعامل مع هذا الخبر عبر موقعها الإلكتروني.
الخبير العسكري الفلسطيني المتقاعد واصف عريقات رأى أنه "لو فقدت إسرائيل فعليا طيارين ثم عثرت عليهما لأعلنت عن ذلك فورًا، وأن احتمال وجود طيارين بقبضة المقاومة الفلسطينية وارد، كما أن عدم وقوعهما في الأسر وارد أيضًا".
وفي هذا الإطار، شدد على أن المقاومة باتت اليوم واعية بشكل كبير، ففي حال عثرت على الطيارين لن تعلن، لأن كل معلومة لا بد أن يكون لها ثمن، وإن لم يكن بحوزتها طيارون أسرى أيضًا لن تعلن، لأنه من الممكن أن يكون الطياران مفقودين ويكون هناك احتمال قائم لدى الاحتلال أنهما بيد المقاومة.
وأشار إلى أن المقاومة تعي جيدًا أن إعطاء معلومة حول وجود طيارين بيد المقاومة من عدمه يجب أن يكون لها ثمن، وهذا الثمن قد يصل إلى حد الإفراج عن 1000 أو 2000 أسير حسب قوة المفاوض الفلسطيني، وإلى هنا تنتهي القضية في حال أعطت المقاومة معلومة بأن الطيارين ليسوا بحوزتها.
لكن، في حال أجابت المقاومة بالإيجاب، حينها ستكتفي بالقول إن الطيارين بقبضتها دون إفصاح عن كونهما أحياء أو أموات، ثم تبدأ مفاوضات جديدة بثمن جديد حول معلومة كونهم أحياء أو أمواتا، وهلم جرا حتى يتم إبرام صفقة تبادل.
وإزاء ذلك، رأى اللواء ركن واصف عريقات، أنَّ هذا الغموض يسير في صالح المقاومة، وإن كان هناك طياران مفقودين فعلا فإن إسرائيل بالتأكيد الآن منشغلة في البحث عنهما بكل الوسائل، وتبحث عن قطع من الطائرات المستهدفة قد توحي لمكان أسر الطيارين.
وأشار إلى سيناريو وجود الطيارين على قيد الحياة، لكن ليس بقبضة المقاومة، في نقطة ما، مع وجود تواصل بينهم وبين قيادتهم، لكن يصعب عليهم الوصول إليهم لاعتبارات أمنية، أو لعدم معرفة المكان الموجودين فيه.
وعلى كل الأحوال، يرى عريقات أن الاحتلال سيبقي التكتيم على هذه القضية سيد الموقف إلى حين فقدان الأمل في العثور عليهما مطلقا، حينها سيعلن فشله في العثور على طياريه وعندها تبدأ معركة جديدة.
وعن تبرير إمكانية سكوت أهالي الطيارين المفقودين، أو المجتمع ، في حال كونهم مفقودين، قال: "سهل على الاحتلال أن يقنع أهاليهم بالسكوت، على اعتبار أن السكوت لصالح أولادهم ولصالح الحكومة التي تبذل الجهود في العثور عليهم".
ورأى الخبير والمحلل السياسي أن تصريحات خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خلال المؤتمر الصحافي الذي أعلنت فيه التهدئة، والذي قال فيها إن حركته ستعمل خلال الفترة المقبلة من أجل تبييض السجون من الأسرى، قد تكون تشير لشيء ما في الأفق، لكن ليس بالضرورة أنها تصريحات توحي بوجود طيارين بيد المقاومة.
وقد تكون تصريحات مشعل، بنظر عريقات، تنبئ بأن الحركة ستضع خلال الفترة المقبلة قضية الأسرى بشكل عام على سلم الأولويات، وستركز عليها بشكل كبير من خلال عمليات فدائية لتحريرهم أو بأشكال أخرى، "وبالمجمل، من لديه خطة، ليس شرطا أن يعلن عنها وعن كامل تفاصيلها".
وكان لافتًا للانتباه زيارة قام بها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الحرب إيهود باراك لقاعدة سلاح الجو في أواسط فلسطين المحتلة، بعد أربعة أيام من التوصل إلى تهدئة مع المقاومة.
وعلى الرغم من أهمية أن يظفر المقاومون الفلسطينيون بطيار أو اثنين أسرى لاستبدالهما بمئات الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وتجربة صفقة التبادل بالجندي شاليط ماثلة أمامهم؛ إلا أن المحللين العسكريين يؤكدون على أن إسقاط طائرة مقاتلة إستراتيجية من طراز "اف 16″ له مدلولات كبيرة، بل وغير مسبوقة في تاريخ الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، لا سيما وأن الحديث هنا عن إسقاطها بصاروخ من طراز "أرض – جو"، وهو سلاح تستخدمه المقاومة لأول مرة.
وطائرة "اف 16″ هي مقاتلة تكتيكية متعددة المهام، لديها القدرة على الطيران في جميع الظروف الجوية، قاذفة قنابل، وقادرة على حمل الأسلحة النووية والتقليدية، وتُعد من أفضل مقاتلات متعددة المهام في العالم، ناهيك عن كلفتها الباهظة الثمن.
ومؤتمرات القسام، ورسالة قائدها العام محمد الضيف خلال العدوان الأخير لم تفصح بشكل واضح عما يشير لوقوع أسرى بيد المقاومة، حسب عريقات، الذي رأى أنهما ألمحا كذلك إلى أن همهم الأساسي هو تحرير الأسرى خلال الفترة المقبلة، قد يكون هناك شيء في خاطرهم في المنظور الإستراتيجي.
يشار إلى أنها المرة الأولى خلال العدوان الأخير على غزة التي تستهدف فيها المقاومة الفلسطينية طائرات بصواريخ أرض- جو، في تطور نوعي يضاف لما تبنته كتائب القسام ولأول مرة عن إطلاق صواريخ من طراز "M75″ محلية الصنع، و"فجر 5″ تجاه مدينة القدس المحتلة، ومدينة تل أبيب.