جامعة الدول العربية (من الارشيف)
بيروت ـ جورج شاهين
طلب الرئيس اللبناني ميشال سليمان، الخميس، من وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور، تقديم شكوى ضد سورية أمام جامعة الدول العربية ومجلس الأمن، لسبب الغارات السورية المتكررة على الأراضي لبنانية، التي تُشكل خرقًا لسيادة لبنان وحرمة أراضيه، وتعريض أمن المواطنين وسلامتهم للخطر، بما يتعارض مع المعاهدات
التي ترعى العلاقات بين البلدين والمواثيق الدولية.
وكشفت مصادر مطلعة، لـ"العرب اليوم"، أن طلب سليمان الحاسم حتمته خطورة الانتهاكات السورية بعدما بلغت عمق البلدات اللبنانية، وتسببت في سقوط قتيل وعدد من الجرحى، وهو يُشكل حقًا مكتسبًا للبنان في اتخاذ كل التدابير الكفيلة بالدفاع عن سيادته وحماية أبنائه وسلامتهم، في خطوة انتقل خلالها الموقف اللبناني الرسمي من الخروق السورية المتكررة للسيادة اللبنانية من مرحلة الإدانة ورد الفعل إلى المبادرة بالفعل.
وسبق طلب سليمان من الخارجية تقديم شكوى، جولة اتصالات ومشاورات على مدى يومين شملت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور والأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني السوري نصري خوري، وقائد الجيش العماد جان قهوجي، الذي اطلع سليمان الخميس على تفاصيل الوقائع الميدانية المتعلقة بالاعتداءات التي طالت المناطق البقاعية، ولا سيما القريبة من الحدود مع سورية، مثل سرعين والنبي شيت والتعليمات المتعلقة برصد مصادر النيران والرد عليها.
وتوازيا مع الموقف الرئاسي الرسمي، توقفت المصادر عند موقف قيادة الجيش الحازم الذي أعقب سقوط الصواريخ السورية على عرسال الأربعاء، وأكدت أن البيان جاء شديد الوضوح، لا يحتمل أي تأويل لجهة اتخاذ وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة الإجراءات الدفاعية اللازمة للرد الفوري على أي خرق مماثل، بما يعني أن القيادة العسكرية اتخذت قرارها، وستبادر إلى إعطاء الأوامر بإطلاق النار على أي خرق جديد، وهو أمر يُشكل تطورًا نوعيًا في مسار التعاطي الرسمي والأمني بين البلدين.
وأضافت المصادر نفسها، أن الطلب الرئاسي بتقديم شكوى ضد سورية غير قابل للنقاش، وأن وزير الخارجية والمغتربين رفض الرد على سؤال عن الطلب، ملتزمًا سياسة "عدم التعليق" لعدم الإحراج، وهو الذي بات يعرف بوزير خارجية سورية متى غاب أي ممثل عنها في أي مؤتمر عربي أو غربي، في حين حسمت أوساط دبلوماسية في الوزارة الموقف، بالتأكيد أن إرسال شكوى إلى مجلس الأمن غير وارد، باعتبار أن الأمر سيشكل سابقة بين الدول العربية في تقديم شكوى أمام مجلس الأمن، على خلفية نزاع بين دولتين منضويتين تحت لواء الجامعة العربية، وسألت هل أن الذهاب إلى هذا المجلس يعكس طبيعة العلاقة بين لبنان وسورية، إلا أنها لم تستبعد اللجوء إلى الجامعة العربية لإبلاغها بالخروق بعد إجراء دراسة لمختلف جوانب القضية.
وردت مصادر في قوى "14 آذار" على ما وصفته "بقلة الدراية والمعرفة بالشأن اللبناني"، وذكّرت بالشكوى السورية ضد لبنان بعد باخرة "لطف الله – 2" أمام مجلس الأمن، حين أعلن مندوب سورية بشار الجعفري تقديمها منذ مدة غير بعيدة، بنسب ما أسماه عبور سلاح ومسلحين من لبنان إلى سورية، مضيفة "نذكر أيضًا من فاته قراءة التاريخ اللبناني، بالشكوى التي رفعها لبنان ضد الرئيس المصري جمال عبدالناصر عام 1958، لسبب تدخله في الشؤون اللبنانية الداخلية".
وتسارعت وتيرة المشاورات بين مكونات "14 آذار" بعد الاعتداء على عرسال، وكشف النائب السابق مصطفى علوش، الخميس، عن خطوات عدة ستتخذ من بينها زيارة تضامنية لأهالي عرسال، وأخرى لم يكشف عنها النقاب لكونها لا تزال خاضعة للنقاش، في حين فضلت أوساط في قوى "8 آذار" الموالية لسورية، عدم الخوض في سجال جديد مع قصر الرئاسة، في معرض سؤالها عن طلب تقديم شكوى، وقالت "إنها تنصح الرئيس سليمان وكل الحريصين على مصلحة لبنان، بمقاربة الأمور بتوازن، والتعاون مع الجانب الرسمي السوري لضبط الحدود وتسهيل عمل الجيش اللبناني ليقوم بمهمته، لا التغاضي عن الاعتداءات عليه".