الرئيس الأفغاني حميد كرزاي
لندن ـ سليم كرم
شكك ، في مدى نجاح مهمة قوات حلف شمال الأطلسي "الناتو" في بلاده، والمقرر انسحابها في العام 2014، قائلاً "لم يعد واضحًا إذا كانت القوات الغربية قد غادرت أفغانستان بعد عقد من الزمان، لأنها شعرت بأنها حققت الهدف من وجودها بجعل البلد أكثر أمنًا من خلال القضاء على
الجماعات الإرهابية الدولية، أو لأنها أدركت أن البعثة كانت تحارب في المكان الخطأ"، فيما اعترف كرزاي بأن "حكومته لن تنجو من هجمات حركة (طالبان) من دون المساعدات العسكرية والمالية الغربية بعد انتهاء مهمة (الناتو)".
وأضاف كرزاي، في حديث خاص لصحيفة "غارديان" وشبكة "أي تي إن" البريطانيتين، نُشر الإثنين، سبق لقائه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الباكستاني آصف علي زرداري، في لندن لمنع عودة نفوذ "طالبان" في أفغانستان بعد انسحاب القوات البريطانية العام المقبل، "إن الأمن كان أفضل في ولاية هلمند الجنوبية، قبل وصول القوات البريطانية، وأن القوات الأجنبية شعرت بالوفاء في ما يتعلق بهدفها في محاربة الإرهاب وإضعاف تنظيم (القاعدة)، أو أنهم شعروا أنهم كانوا يحاربون في المكان الخاطئ في المقام الأول، ولذلك لم يستمروا في ذلك وغادروا البلاد".
وقال الرئيس الأفغاني الذي يحكم البلاد منذ سقوط حركة "طالبان" في العام 2001، "لم يكن التهديد طويل المدى، والأخطر بالنسبة للبلاد هو التمرّد وتوسّط القوى الأجنبية"، ولم يحدد في تصريحاته باكستان، لكنه واجه انتقادات حادة من الدولة المجاورة، بأنه يقدم الملجأ والملاذ لحركة "طالبان" منذ سنوات عدة، كما اتهمت حكومته الاستخبارات العسكرية لإسلام أباد بـ"التلاعب بالمتمردين".
وأعقب اللقاء الثلاثي تحركًا باكستانيًا من أجل بناء الثقة، مثل إطلاق سراح عدد من سجناء حركة "طالبان"، ممن دعت كابول إلى إطلاق سراحهم، مما رفع آمال التقدم في محادثات السلام الأفغانية، والتي يمكن أن تكون مستحيلة من دون الدعم الباكستاني، وجاء في بيان أصدره مكتب كرزاي أن المحادثات في بريطانيا ستركز على "سبل تسريع عملية السلام في أفغانستان، وتعزيز التعاون بين كابول وإسلام أباد في الحرب ضد الإرهاب والتطرف".
وأوضح كرزاي أنه "لم يكن ممكنًا تحقيق السلام من خلال اتفاق بيننا وبين (طالبان) الأفغانية فحسب، بل سيتحقق السلام من خلال انخراط العناصر الخارجية التي شاركت في خلق عدم الاستقرار والصراع والخروج عن القانون في أفغانستان، في محادثات السلام، وأنه أكثر تفاؤلاً عن العام الماضي، حيث أن الاتصالات بين حكومته وحركة (طالبان) تأتي ثمارها حيث تحسنت العلاقات مع دولة باكستان، مضيفًا أن "الدور البريطاني في تلك النقطة ذو قيمة عالية في مسعاها في عملية السلام في بلاده، وجمع أفغانستان وباكستان في حوار من أجل تحسين العلاقات".
وبينما يقترب الانسحاب الكامل للبعثة التي يقودها حلف "الناتو"، أصبح تركيز الحكومة الأفغانية الآن على ما ستتمخض عنه محادثات السلام، قبل انسحاب جميع القوات بحلول نهاية العام المقبل، بيد أن أفغانستان لاتزال تعاني من عدم الاستقرار واسع النطاق، كما أن الجيش والشرطة المحلية ستواجه حربًا قاصية ضد "طالبان"، في الوقت الذي اعترف فيه كرزاي أن الاعتقاد بأن الحكومة يمكنها النجاة من دون المساعدات العسكرية والمالية الغربية بعد انتهاء مهمة "الناتو"، "هو أمر خيالي"، موضحًا أن "الشعب الأفغاني غير مهتم بشأن بنجاح أو فشل القوات الغربية في البلاد، حيث أن تركيزهم الأكبر على محاولة التعافي بعد 30 عامًا من الحرب، كما أن رحيل (الناتو) سيزيل الظلم الذي قاد بعض المحاربين إلى حمل السلاح، وأنه يعتقد بأن هيلمند كانت أكثر سلامًا قبل وصول عشرات الآلاف من القوات البريطانية والأيمريكية من أجل محاربة (طالبان) عام 2006".
وقد نقلت صحيفة "غارديان" عن كرزاي قوله في العام 2008، "السؤال المهم هو لماذا تسيطر (طالبان) على هذه المناطق الآن؟، فمنذ عامين مضت كنت أسيطر على هيلمند، فلدينا فتيات في المدارس و160 قوات أجنبية"، وعند سؤاله بشأن هذا التعليق وعما إذا كان يشعر بأن التواجد الدولي قد ساعد المنطقة، أشاد كرزاي بالتضحيات التي قدمتها بعثة "الناتو" وقال إنه "لم تكن أسباب تزايد العنف واضحة، وفي الواقع ماقلته كان حقيقيًا ويظل حقيقًا إلى اليوم، فقد شهدت أفغانستان في الفترة من 2002 حتى 2006 أمن بشكل أفضل بكثير، حينما تواجدنا، ومع التواجد القليل للقوات الأجنبية تم إعادة فتح المدارس في هيلمند، وعادت الحياة أكثر أمنًا"، وطالما عارض كرزاي تواجد القوات الأجنبية في المدن والقرى الأفغانية، غير أنه قال إن "بقاء بعضها في القواعد الكبرى كان أمرًا ضروريًا" .
وتدرس الولايات المتحدة ترك ألاف عدة من القوات في أفغانستان، تدعمها جنود من حلفاء "الناتو"، من أجل مطاردة الجماعات المرتبطة بتنظيم "القاعدة" في المناطق البرية حول الحدود الباكستانية، وإمداد قوات الأمن الأفغانية المتزعزعة بالتدريب اللازم، بيد أن إدارة أوباما تقول أنها تدرس مغادرة جميع القوات في العملية التي أطلقت عليها "العملية صفر"، والتي حذر كرزاي من أن تكون "كارثة" لأفغانستان، قائلاً "العملية صفر ستكون إخفاقًا ليس نجاحًا، ونأمل بأن تكون أفغانستان دولة مثالية، غير أن البلاد تحتاج إلى إعادة بناء ذاتها، ولذلك فنحن بحاجة إلى تواجد المجتمع الدولي وحلفاؤنا إلى جانبنا".