تونس ـ أزهار الجربوعي أكدت مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ويندي شارمان، مساء الخميس، خلال لقاء جمعها برئيس الحكومة التونسية علي العريض في قصر الحكومة في القصبة، أن بلادها تتعامل مع تونس  في إطار علاقة يسودها الاحترام والندية ، نافية تدخلها في شؤونها السيادية، كما اعتبرت شيرمان أن موقف بلادها الرافض للأحكام الصادرة في حق المتهمين بالاعتداء على السفارة الأميركية لا يعني عدم ثقتها في القضاء التونسي، مشددة على أن حجم المساعدات الأميركية الأمنية والاقتصادية لتونس بعد الثورة قد ناهز 350 مليون دولار.
وقالت مساعدة وزير الشؤون الخارجية الأمريكي "إن الزيارة التي تؤديها إلى تونس صحبة وفد أمريكي رفيع المستوى، مكنتها من الإطلاع عن كثب على ما تشهده البلاد من تطورات في مرحلتها الانتقالية الراهنة"، مؤكدة أن حجم دعم بلادها المتواصل لمسار العملية الديمقراطية في تونس بلغ منذ الثورة 350 مليون دولار أمريكي تم تخصيصها لتعزيز جهود الأمن وخاصة تأمين الحدود وتوسيع تعاملات تونس الاقتصادية وتشجيع المبادرة صلب القطاع الخاص.
وأوضحت ويندي شارمان أن الولايات المتحدة تتعامل مع تونس بنظرة يحدوها التقدير والاحترام المتبادلين وأن علاقاتهما تتسم بالتكافؤ والندية ، مضيفة "إن بلادها ترغب في أن تظل تونس دائما المحدد الأساسي لخياراتها والمتحكم الوحيد في تقرير مصيرها واتخاذ قراراتها بنفسها دون تدخل، معلنة أن الولايات المتحدة لم تتدخل البتة في أي قرار اتخذته تونس ولم يحصل أن ضغطت للتأثير عليها في ما يهم شؤونها السيادية مضيفة أنها لمست من رئيس الحكومة رغبة جادة في تحسين مستوى معيشة المواطنين وإفراد الشرائح الهشة برعاية خاصة وحرصه على تقليص نسبة العاطلين عن العمل من خلال خلق مواطن الشغل إلى جانب السعي إلى توفير الظروف الملائمة لدفع عجلة التنمية خاصة في الجهات ذات الأولوية إضافة إلى جهود حكومته المبذولة لإرساء الأمن وإشاعة الطمأنينة والتصدي للجريمة والعنف وقطع الطريق أمام ظاهرة الإرهاب.
ولدى تطرقها إلى تداعيات أحداث السفارة الأميركية في تونس والأحكام القضائية الصادرة بشأنها أخيرًا من قبل القضاء التونسي ضد عدد من التونسيين المتهمين في وقائعها أكدت المسؤولة الأميركية أنه لا توجد أية شكوك تساور بلادها في استقلالية القضاء التونسي أو نزاهة الأحكام الصادرة لافتة النظر إلى وجه الشبه بين جهازي القضاء التونسي والأميركي من ناحية الشفافية والاستقلالية، مؤكدة أن موقف بلادها المعارض لما صدر من أحكام قضائية يدخل تحت طائلة حرية التعبير التي تعد تقليدا من تقاليد الولايات المتحدة السياسية والمجتمعية والقانونية وأن الحكم النهائي يبقى دوما من مشمولات القضاء التونسي الذي جددت التأكيد على نزاهته معربة عن الأمل في أن تتطابق الأحكام القضائية المزمع إصدارها لاحقا مع ما حصل من أحداث.
وفي معرض حديثها عن الإرهاب أعربت وكيلة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية عن أملها بأن لا يكون للإرهاب مكان أو مستقبل في تونس مؤكدة أن الدولة التونسية مشمولة بهذه الظاهرة التي تنسحب على كافة المناطق في العالم وأن الولايات المتحدة لن تتوانى عن دعم الجهود التونسية للتصدي لمخاطر هذه الظاهرة وأن تونس أثبتت من جهتها أنها حريصة كل الحرص وتسعى بخطى ثابتة لاجتثاث كل ما من شأنه أن يهدد أمن مواطنيها ويحقق طمأنينتهم.
وكانت المحكمة التونسية قد أصدرت حكمًا يقضي بسجن 20 متهما في حادثة الاعتداء على السفارة الأمريكية في تونس في أيلول/سبتمبر الماضي،  لمدة عامين مع تأجيل التنفيذ، إلا أن وزير العدل التونسي نذير بن عمو سرعان ما أعلن أن النيابة العمومية قد قامت بالطعن في الحكم الصادر في حق العشرين متهما .
و من جانبه قال بن عمو "إن قرار الطعن الصادر عن النيابة العمومية يعبر عن موقف الحكومة و رفضها لهذا الحكم"، مضيفًا "إن هذا القرار لا يعتبر تدخل السلطة التنفيذية في السلطة القضائية، نافيا أن يكون قرار الطعن نتيجة ضغوط أميركية".
واعتبر وزير العدل التونسي بيان السفارة الأميركية  الذي نددت فيه بصدور الأحكام في أحداث السفارة  " لا يُعد تدخل في الشأن القضائي التونسي، وإنما هو موقف منها باعتبارها متضررة من الأحداث".
 و يذكر أن السفارة الأميركية قد عبّرت  في بيان لها عن ما وصفته" شدة انزعاجها" من الأحكام التي صدرت بحق المتهمين بالهجوم على مقرها معتبرة أنّ هذه الأحكام التي قضت بإسعاف المتهمين بتأجيل التنفيذ لا تتطابق مع مدى خطورة أعمال العنف التي وقعت وحجم الأضرار التي لحقت السفارة، حسب نصّ البيان.
وبرغم نفي المسؤولين التونسيين والأميركيين وجود ضغوطات للتدخل في القضاء التونسي إلا أن بعض المراقبين إلى جانب التيارات الإسلامية في تونس يرون أن التصريحات والبيانات الأميركية المتكررة تعكس وجود ضغوطات أكبر خاصة وأن المتهمين في قضية السفارة الأميركية قد يواجهون أحكامًا بالسجن المؤبد.
ويعتبر أنصار التيار السلفي الجهادي في تونس أن بعض الجهات قامت بتدبير مخطط لاستدراج الشباب الإسلامي والزج به في مؤامرة لتشويه أبناء التيارات الإسلامية والإلقاء بهم في غياهب السجون مستغلين تجمعهم 14 سبتمبر_أيلول 2012 للاحتجاج ضد بث فلم أميركي مسيء للإسلام.