غزة ـ محمد حبيب نفى المستشار السياسي لرئيس الحكومة الفلسطينية في غزة د. يوسف رزقة ما أوردته وسائل إعلام عن وجود دعوات ومطالب داخل الحكومة بإقالة على خلفية حوادث القتل المتكررة، والتضييق على الحريات العامة في قطاع غزة. وقال رزقة في تصريح صحافي، الإثنين، "ما نُشر بوسائل الإعلام بشأن إقالة وزير الداخلية عارٍ عن الصحة وغير دقيق. حماد على رأس عمله ولا توجد أي دعوات لإقالته من منصبه"، مطالبًا وسائل الإعلام بالتحلي بالمسؤولية والدقة في التعامل مع مثل تلك الأنباء.
وقالت مصادر مطلعة في قطاع غزة إن ثمة مطالبات متزايدة داخل "حماس" لإقالة مسؤول داخليتها فتحي حماد، بعد تكرار حوادث القتل في قطاع غزة، واتهام عناصرها باستخدام القوة بشكل مفرط، إلى جانب شن حملات غير قانونية أضرت بسمعة الحركة داخليًا وخارجيًا.
وبحسب المصادر المحسوبة على "حماس"، فإن قيادات ونوابًا عن الحركة في قطاع غزة يطالبون باستبدال حماد، وخصوصًا بعد حادثة مقتل أحد عناصر "كتائب القسام" المعروفين في بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة قبل 4 أيام بالخطأ، في حملة أمنية كانت تستهدف تجار مخدرات.
وقالت المصادر: "زادت الضغوط على القيادي في حماس إسماعيل هنية لإقالة حماد، في ظل ارتفاع معدل الجريمة في القطاع. لقد قتل 7 في غضون أسبوعين، بينها حالة وقعت بالخطأ، خلال عملية مطاردة عناصر من الشرطة لتجار مخدرات في بلدة بيت لاهيا، وقُتل بالخطأ أحد عناصر القسام".
ويُعد حماد المعروف بتصريحاته المثيرة للجدل قريبًا إلى "كتائب القسام"، ويشكل هذا مصدر قوته الأساسية، ويؤجل ذلك وفق المصادر إقالته حتى الآن، إذ يحظى أيضًا بدعم قيادات سياسية ومن "كتائب القسام" في شمال قطاع غزة، حيث يسكن.
وطالب هؤلاء بعدم إقالته، وإنما الاكتفاء بتشكيل لجان تحقيق في حوادث مختلفة، ومحاسبته فقط على أي أخطاء أو قصور.
ويؤخذ على حماد، حسب مناهضيه، أنه لم يتعامل بحزم كامل مع قضايا جنائية تتعلق بتجار المخدرات، مما قوى شوكتهم في القطاع، كما يأخذون على عناصره استخدام القوة والقانون بغير وجه حق مع مواطنين، واعتقالهم والاعتداء عليهم ومنعهم من السفر، إضافة إلى إطلاق حملات غير قانونية مسّت بشكل مباشر بحريات الناس، وأضرت بسمعة "حماس".
وأدانت لجنة تحقيق شكلت بعد حادثة مقتل الناشط في "القسام" خلال الاشتباكات الأخيرة مع تجار المخدرات حماد واتهمته بالقصور في ما يخص التعامل بحزم مع تجار مخدرات في القطاع، والتهاون معهم بالإفراج عنهم بكفالات مالية، مما قوى شوكتهم.
وأظهرت التحقيقات قصورًا من أمن "حماس" بعدما تأخرت في الوصول إلى مكان الاشتباكات، مما تسبب في تفاقمها بشكل كبير.
وهاجم مسلحون مقر شرطة الشيخ زايد في بلدة لاهيا، بعد مقتل سلمان، قبل أن يتدخل مسؤولون من "حماس" لحل المشكلة.
وسبق ذلك كله موجة انتقادات واسعة لحماد إثر إطلاقه حملات "فضيلة" استهدفت شبان يرتدون "السروال الساحلي" وآخرين يقلدون مشاهير في "تسريحة الشعر"، ومحالاً تعرض ملابس نسائية ومقاهي تسمح للنساء باستخدام النارجيلة.
وتعرض حماد لمساءلة قاسية من قبل نواب "حماس"، في جلسة للمجلس التشريعي في غزة، نهاية الشهر الماضي، بشأن تعرض الأجهزة الأمنية لمواطنين بالاعتداء عليهم واعتقالهم، ومنع آخرين من السفر من دون قرار من النيابة العامة، وازدياد معدل الجرائم، و"حملات الفضيلة غير القانونية"، وهروب سجناء جنائيين من عناصر "حماس" من سجن أنصار المركزي.
ووجه مسؤول لجنة الرقابة في المجلس التشريعي النائب يحيي موسى، أسئلة لحماد بشأن هروب سجناء أمنيين متورطين في قضايا قتل، وتلقيهم تسهيلات من قبل بعض العناصر الأمنية، وتزويد المعابر بقائمة أسماء بعض الأشخاص الممنوعين من السفر، من دون مسوغات قانونية، والاعتقال من دون مبرر.
وبدا حماد مرتبكًا، وقال إن داخليته تعمل في ظروف صعبة، وتحقق نجاحات، وإن ما يثار عن "حملات الفضيلة" مجرد إشاعات.
ووصل الغضب من حماد ذروته بعد تصريحه الشهير بأنه سيحارب كل من يحاول "خفض مستوى الرجولة" في غزة، وأنها تراقب ذلك، وهو ما أحرج "حماس" التي لم تجد ما تبرر به هذا التصريح.
ووصف مسؤولون هذا التصريح بأنه" كلام فارغ"، وطالب موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لـ "حماس" علنًا من حماد تفسير كلامه، وكتب على "فيسبوك": "أناشد الأخ الكريم الأستاذ فتحي حماد بتفسير مستوى الرجولة للاختلاف البين بشأن هذه العبارة، وما هو مستوى النجاح"، وتحول الأمر إلى نكته في أحيان كثيرة.
ويتعرض حماد لانتقادات مؤسسات حقوقية بشكل دائم، متهمينه بالمس بحريات الناس من دون مسوغ قانوني، ولم يتخذ رئيس مجلس "حماس" التنفيذي إسماعيل هنية قرارًا في الأمر.
وأفادت المصادر بأنه يفكر ويتشاور مع القيادات، إذ ثمة مخاوف من أن إقالته قد تؤجج صراعًا داخل "حماس"، أو بين الشمال والجنوب في القطاع، ناهيك عن إيجاد بديل مناسب.