جانب من فعاليات احتفال "حماس" بانتصار المقاومة ومرور 25 عامًا على انطلاقها
غزة ـ محمد حبيب
أكد قادة "حماس" الفلسطينية، أن الحركة أصبحت في واقع المعادلة الدولية والإقليمية، ولا يمكن تجاهلها، فيما أكدوا أنه على مدار الربع قرن الماضية "كانت الحركة الأقرب إلى نبض الشارع الفلسطيني"، وبينما تحتفل "حماس" هذه الأيام بالذكرى الـ25 لانطلاقتها، يتوافد قادة الحركة في الخارج، وعدد
من الشخصيات الدولية للمرة الأولى على قطاع غزة للمشاركة في هذه المناسبة، إلى جانب الاحتفال بالنصر الذي حققته المقاومة الفلسطينية خلال العدوان الأخير على غزة.
وبعد مرور 25 عامًا، طرأت العديد من تغيرات على الحركة، وبدلاً من اقتصار دورها على المقاومة فقد حدث تحول، وتسعى إلى المزاوجة بين السلطة والمقاومة، فقد أكد القيادي في الحركة سيد أبو مسامح، أن "حماس"، وبعد عقدين ونصف من الزمان، استطاعت أن "تبدأ بمشروع المقاومة ووصلت إلى مشروع المزاوجة مع السلطة"، مشدداً على أن "الحركة أصبحت في واقع المعادلة الدولية والإقليمية ولا يمكن تجاهلها".
وقال أبو مسامح:" إن معيار نجاح الحركة يُقاس بمن يستطيع أن يمتلك قرار المقاومة وقرار الهدنة، وتجربة المزاوجة بين السلطة والمقاومة جديد بالنسبة للحركة"، لافتًا إلى أن "الحركة تتطور في العديد من القضايا سواء على صعيد أخطاء مارستها واستطاعت أن تستفيد منها، أو أن تزاوج في ذلك في كافة القضايا على أرض الواقع"، فيما شدد أبو مسامح، على أن "الحركة أصبحت الآن في واقع المعادلة الدولية والإقليمية، والتي ليس من السهل تجاهلها، خاصة أن الأطراف الدولية تتجاهل من هم خارج المعادلة وتحاصرهم وتفرض عليهم مزيداً من المضايقات".
وفي سؤال بشأن علاقة "حماس" بالفصائل الفلسطينية، قال أبو مسامح: "إن هذه العلاقة كان يشوبها عدم الإيمان بالآخر، ولوحظ ضعف واضح في الحوار في القضايا الوطنية والإسلامية"، مُستدركاً أن العلاقة مع حركة "الجهاد الإسلامي" في الفترات الأخيرة شهدت تعاملاً كبيرًا، وتوافقًا في الوعي الجهادي والسياسي".
وأوضح أبو مسامح، أن "القيادة السياسية لحركة الجهاد الإسلامي الواعية للمعادلة الدولية دفعت تجاه المزيد من التقارب". وبخصوص المصالحة قال:"كلا الطرفين قادرين على إنهاء الانقسام، والأمور لا تؤخذ بالنيات، ومرحلة أوسلو قيدت جميع الفصائل، ولابد من البحث عن الوحدة بعيداً عن الاتفاقات الضعيفة".
وبخصوص الحديث عن ضعف العلاقات بين "حماس" وسورية وإيران، أكد أنه"من المستحيل تجاوز أهم ثلاثي دولي وهو تركيا وإيران والعرب"، مطالباً بـ"ضرورة النظر إلى المصلحة العليا". وفيما يتعلق بالثورات العربية، أوضح أبو مسامح أن "القضية الفلسطينية مركزية بالنسبة للأمة العربية، وهناك حركة تكاملية بين الثورات العربية والقضية الفلسطينية، والشعوب العربية في مرحلة جديدة سوف تعود في النهاية إلى قضيتها الأساسية فلسطين".
وقد أصبحت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي تأسست عام 1987 معادلة مهمة في القضية الفلسطينية، ورغم نشأتها الدعوية في المساجد، إلا أنها بعد سنوات قليلة طرحت نفسها بديلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية. ووجد مؤسسو الحركة أن المنظمة لم تعد قادرة على إعادة حقوق الشعب الفلسطيني المغتصبة من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
واستشهد أغلب قادة "حماس" التاريخيين، وحصدت هي أعلى الأصوات في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، التي كانت نقطة تحول مهمة في تاريخها، إلا أن تجربتها في الحكم لم تحظ برضا كبير لدى الشارع الفلسطيني.
وتباينت المواقف حول حركة "حماس" التي تحتفل بانطلاقتها رقم 25 من جانب الأنظمة العربية والإسلامية فمنهم من دعمها ،وهناك من رفضها حتى عندما ترأس احد قادتها الحكومة الفلسطينية.
ويرى القيادي في الحركة الدكتور أحمد يوسف، أنه "خلال ربع قرن كانت الحركة الأقرب إلى نبض الشارع الفلسطيني"، لافتًا إلى أن "حصار قطاع غزة والانقسام الفلسطيني بخلاف حالة الاستقطاب الداخلية أضعف مكانة الحركة لدى الشارع الفلسطيني"، إلا أنه بعد حرب إسرائيل الأخيرة على غزة استعادت "حماس" الكثير من شعبيتها. وعن علاقتها بالفصائل الأخرى، قال يوسف: إن "حماس" أدركت أنها ليست قادرة على إقصاء حركة "فتح" فكان لابد من عمل قواسم مشتركة، فيما شدد يوسف، على أن "حدود 67 هو الحد الأدنى المطلوب في هذه المرحلة، مع الحرص على حق عودة اللاجئين".
من ناحيته، قال مسؤول حركة "فتح" في غزة، الدكتور يحيى رباح: إن "حماس" رغم نشأتها الدعوية في المساجد إلا أنها " كائن سياسي"، قادر على التطور والانسجام مع الواقع حسب الضرورات السياسية، مشيرًا إلى أن "الحركة لديها القدرة على اجتياز الخطوط الحمراء، وتعتبر أفضل الطرق أن تكون جزءا من المشهد السياسي وهى تراعى قواعد اللعبة".
عن تقييمه لتجربة حكم "حماس" اكتفى بالقول: إن سلوك "حماس" في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة كان أفضل من الحرب عام 2008"، موضحًا أنه خلال الحرب الأخيرة التي دامت 8 أيام لم تحدث أزمات على مستوى الغذاء، منبها أن "أي خروج عن السياق الفلسطيني مدان".
من ناحيته، قال المحلل السياسي الفلسطيني حمزة إسماعيل أبوشنب:" إن عام 1996 كان علامة فارقة لحركة حماس، التي نفذت خلاله سلسة عمليات داخل إسرائيل"، ردًا على اغتيال المهندس يحيى عياش القائد البارز في كتائب "عز الدين القسام"، الذراع المسلح للحركة، وتلاها مؤتمر شرم السيخ بحضور دولي كبير وتم خلاله تصنيف الحركة على أنها "منظمة إرهابية" وأصبحت ملاحقة ماليًا وسياسيًا، كما جرت حملة اعتقالات واسعة لعناصرها .
وأضاف أبو شنب، أنه "من العلامات الفارقة أيضا للحركة خوضها عام 2006 الانتخابات التشريعية ببرامج مختلفة، ما أدى إلى حصادها أعلى الأصوات الفلسطينية، خاصة بعد فشل برنامج التسوية مع إسرائيل ما شكل مرحلة جديدة في توجهات الحركة التي اتسمت برامجها بالمرونة"، فيما أشار أبوشنب، إلى أن "هذه المرونة ظهرت في إعلان الحركة قبولها بدولة فلسطينية على حدود عام 67، في الوقت نفسه حافظت على تبنيها برنامج المقاومة المسلحة".
ولفت أبو شنب، إلى أن "حماس" ما تزال تواجه عقبات في الاتصالات الخارجية، رغم أنها نجحت في فرض نفسها كمعادلة مهمة في الواقع الفلسطيني"، لافتا إلى أنها "حافظت على وحدتها بعيدًا عن الانشقاقات".
وعن تجربتها في الحكم، رأى أبو شنب، أن "مستوى الرضا عن أدائها لدى الشارع الفلسطيني يتساوى تقريبًا مع عدم الرضا"، موضحًا أن "الانقسام الفلسطيني خلق جزءًا من عدم الرضا تجاهها"، فيما لفت إلى أن "الأداء الأمني في قطاع غزة وإنهاء الانفلات ووقف انتشار السلاح قوبل بتأييد وترحاب كبيرين. وفي المقابل أدى ارتفاع نسبة البطالة وقصر "حماس" الوظائف على عناصرها خلق نوعًا من عدم الرضا تجاهها لدى بعض الفلسطينيين.