"حزب الله" يخلي شقق عبرا
بيروت ـ جورج شاهين
اعتبر الجيش اللبناني، الروايات "المفبركة" بشأن انضمام مسلحين إلى صفوفه في عملية عبرا "فضيحة إعلامية"، في الوقت الذي أخلى "حزب الله" شقتين قريبتين من المجمع الذي كان يتحصن فيه إمام مسجد بلال بن رباح الشيخ أحمد الأسير في صيدا، قبل سيطرة الجيش على مقره أخيرًا وهروبه مع مجموعة من
رفاقه بعد معركة ضارية، فيما حذرت بريطانيا على رعاياها في لبنان التنقل بين بعض المناطق اللبنانية الحساسة، وحظرت عليهم بعض المناطق نهائيًا.
وطلبت السفارة البريطانية، في بيان لوزارة خارجيتها نشرته سفارتها لدى بيروت، من رعاياها مراجعتها ومواكبة وسائل الإعلام متى كان هناك داع للتنبه إلى وضع أمني غير طبيعي.
وعادت الحياة الطبيعية إلى صيدا، فيما تبلغت النائب عن "تيار المستقبل" بهية الحريري، من مخابرات الجيش، بإخلاء شقق "حزب الله" في عبرا ووضعها في عهدة الجيش اللبناني.
وقالت مصادر مطلعة، إن مخابرات الجيش أوقفت العنصر في سرايا "حزب الله" محمود الصوص، على خلفية الأحداث الأخيرة في صيدا، وهو الذي كان سببًا في الإشكال الذي وقع بين مجموعة سرايا المقاومة وجماعة الأسير بعد التعرض لشقيق الأسير، مما أسفر عن اشتباكات اندلعت في 16 حزيران / يونيو الجاري، واستخدمت فيه مختلف أنواع الأسلحة المدفعية والصاروخية قبل أسبوع بالضبط على المواجهة بين الأسير والجيش اللبناني، والتي انتهت بتفكيك مجمعه في عبرا.
وأكد مصدر في "حزب الله "، أن الحزب أخلى الشقتين لهدف إعادة الهدوء إلى مدينة صيدا، وذلك بعد احتجاجات، ولا سيما في صفوف الطائفة السنية، والتي طالبت بالمساواة في التعامل مع المظاهر المسلحة وإغلاق الشقق الأمنية التابعة للحزب في صيدا، أسوة بإغلاق مجمع الأسير.
وأعلن الجيش اللبناني إخلاء الشقتين، لكن مصادر أمنية وقضائية قالت إن الشقق التابعة لـ"حزب الله" لا تحصى بأقل من بضعة عشرات في المنطقة نفسها، وتزيد على المئات في المدينة وتلالها الإستراتيجية.
بُشار إلى أن الوضع انفجر الأحد الماضي بين أنصار الأسير والجيش اللبناني، بعدما هاجم مسلحون من جماعته حاجزًا للجيش قرب المجمع الواقع في بلدة عبرا شرق صيدا، مما تسبب في مقتل وجرح عدد من أفراده.
وتابع مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، إشرافه على التحقيقات التي تجريها مديرية المخابرات في الجيش اللبناني مع الموقوفين في أحداث عبرا، الذين بلغ عددهم حتى الآن 180 موقوفًا، ويتم ترك كل شخص يتبين ألا علاقة له بالأحداث، وقد ترك 35 شخصًا، والتحقيقات مستمرة وتستغرق وقتًا نظرًا إلى كثرة العدد.
ونفت قيادة الجيش اللبناني، مديرية التوجيه، في بيانين، الروايات "المفبركة" بشأن انضمام مسلحين إلى جانب الجيش في عبرا ومحيطها، واحتفظت لنفسها بحق المقاضاة، بعدما اعتبرت هذه الروايات "فضيحة إعلامية".
وقال بيان الجيش، "في وقت كان الجيش اللبناني يخوض معركة شرسة ضد مجموعة مسلحة تعمل على نشر الفتنة والعبث بأمن البلاد، وفيما كانت تشن عليه حملة تكفير ودعوات إلى الجهاد ضده، فوجىء الجيش بحملة إعلامية وسياسية لبنانية رخيصة، من خلال فبركة أفلام وتسجيلات صوتية وصور مركبة، بشأن دخول الجيش إلى منطقة عبرا ووجود مسلحين يقاتلون إلى جانبه، ولقد انتظرت قيادة الجيش عبثًا حتى يعي القائمون بالحملة خطورة ما يقترفونه بحق الجيش وشهدائه، وجرحاه الذين لا يزالون في حالات الخطر، وفي حق لبنان عبر بث مشاهد مزيفة وبعيدة عن مناقبية الجيش وتربية ضباطه وعسكرييه، فالجيش قاتل وحيدًا في صيدا، أما بالنسبة إلى وجود بعض المدنيين المسلحين، فتذكر قيادة الجيش أن عناصر مديرية المخابرات يرتدون اللباس المدني، إذ سبق أن حصل ذلك في أماكن عدة، وأي تجاوز أمني أو أخلاقي من قبل جندي أو وحدة عسكرية فسيكون عرضة للتحقيق العسكري الداخلي، ولاتخاذ أقصى الإجراءات التأديبية، وإن قيادة الجيش تأسف لوصول بعض وسائل الإعلام اللبناني، الذي كان رائدًا في مجال قول الحقيقة، إلى هذا المستوى من التضليل الذي يكشفه أي خبير تقني بسهولة، وهي مع عائلات الشهداء والجرحى، لا ترى في هذه الحملة المشبوهة إلا اغتيالاً ثانيًا للشهداء، وبدم أكثر برودة، وإن قيادة الجيش تعتبر أن الحملة المذكورة (فضيحة إعلامية)، وهي كما لم تسكت عن استهدافها عسكريًا وأمنيًا، فإنها لن تسكت عن التعرض لشهدائها إعلاميًا، وتحتفظ لنفسها بحق اللجوء إلى القضاء اللبناني المختص، كي يعود الحق إلى أصحابه، وينال المعتدون على الجيش جزاءهم العادل، ويرتاح الشهداء في مثواهم الأخير".