بغداد ـ جعفر النصراوي شيّع سكان مدينة الفلوجة، السبت، جثامين 6 متظاهرين قُتلوا في اشتباك مع القوات العراقية، الجمعة، وسط حالة من الاحتقان والتوتر الأمني، بعد أسابيع من تظاهرات غاضبة مناهضة لحكومة نوري المالكي، فيما أكدت خلية الأزمة العامة التابعة للحكومة، سقوط 11 من أفراد القوات الأمنية العراقية بين قتيل وجريح في الأحداث التي شهدتها الفلوجة، وذلك بالتزامن مع إعلان محافظة الأنبار أن القوات الأمنية ستفرض حظرًا للتجوّل ليلاً في الفلوجة.
وقالت خلية الأزمة العامة، في بيان صدر عنها مساء الجمعة وتلقى "العرب اليوم" نسخة منه، عقب اجتماع عقدته لمناقشة الأحداث التي وقعت في الفلوجة، إنه "تم الاتفاق على التشديد على القوات الأمنية بضرورة التمسك برباطة الجأش وعدم الانجرار للمخطط الطائفي ومنعه من تحقيق أهدافه في استدراج القوات الأمنية لمواجهات مسلحة وتفجير الوضع الأمني".
وأكَّدت الخلية مقتل 3 وإصابة ثمانية من عناصر القوات الأمنية المرابطين في شوارع المدينة لحماية المتظاهرين"، مبيِّنة أنه "تم استهدافهم بالقاذفات والرمانات اليدوية ما دفع أفراد السيطرة للرد والدفاع عن أنفسهم وإصابة بعض المهاجمين ما أثار موجة من الرعب والاستنكار عند المتظاهرين، وأن المتظاهرين ما خرجوا للاصطدام بأبنائهم من القوات المسلحة بقدر ما خرجوا ليعبروا عن مطالب تعنيهم، وفق حق التظاهر المشروع المعبر عن طلبات المواطنين"، مشيرة إلى أن "القوات الأمنية تؤكد التزامها بقرار الحكومة في حماية المتظاهرين ومنع تسلل المجموعات الإرهابية داخل المدينة خشية العودة إلى الأيام السوداء التي سيطر الإرهاب فيها على المدينة وأذاقها المر والهوان".
وطالبت خلية الأزمة "الأجهزة الأمنية كافة بضرورة التعامل الحسن مع المتظاهرين وضبط النفس وحماية المتظاهرين، ودعت أبناء العراق كافة بتفويت الفرصة على المجموعات الإرهابية وأصحاب النوايا السيئة الذين يريدون استغلال المظاهرات لصالح مخططاتهم العدوانية"، موصية بـ"ضرورة متابعة اللجنة التحقيقية المشكلة لتحديد المقصرين ومعاقبتهم وفق القانون من أي جهة كانت".
يذكر أنَّ خلية الأزمة العامة المكونة من ممثيلن عن وزارات الداخلية والدفاع والأمن الوطني والصحة العراقية قد شكلت من قبل الحكومة العراقية، الجمعة، بتوجيه من رئيس الحكومة نوري المالكي عقب الاشتباكات التي شهدتها مدينة الفلوجة.
من جهته، أعلن محافظ الأنبار قاسم الفهداوي، أنَّه تم الاتفاق مع الحكومة العراقية على سحب قوات الجيش من ساحات الاعتصام في المحافظة خلال 24 ساعة واستبدالها بقوات الشرطة الاتحادية التي ستوكل  لها مهام تأمين الاعتصامات وذلك على خلفية الصدامات الدموية التي وقعت في الفلوجة بين المتظاهرين والجيش.
وقال الفهداوي لـ"العرب اليوم" إنَّه "تم الاتفاق مع الحكومة العراقية على سحب قوات الجيش من ساحات الاعتصام في المحافظة خلال 24 ساعة واستبدالها بقوات الشرطة الاتحادية التي ستوكل لها مهام تأمين الاعتصامات"، مبينًا أن "القطعات العسكرية ستبدأ بالانسحاب في أسرع وقت ممكن".
وأضاف الفهداوي أنَّ القوات الأمنية ستقوم بفرض حظرًا للتجوال في مدينة الفلوجة اعتبارًا من ليل الجمعة حتى إشعار آخر ويبدأ من الساعة الثامنة مساءً وينتهي عند السادسة صباحًا.
وشهدت الفلوجة اشتباكات دموية بين متظاهرين من أبناء المدينة وقوات من الجيش، سقط خلالها قرابة 66 قتيلاً وجريحًا بحسب مصدر طبي في مستشفى الفلوجة العام الذي أكد لـ"العرب اليوم" ، أن "مستشفى الفلوجة العام استقبل حتى الساعة الرابعة من بعد ظهر الجمعه 6 جثث لمتظاهرين قتلوا بعد إصابتهم بطلقات نارية في مناطق حساسة من الجسم إضافة إلى اكثر من ستين شخصا أصيبوا بجروح متفاوتة بالشدة من جراء تعرضهم إلى إطلاق نار مباشر".
وأكد المشرف على ساحة الاعتصام في الفلوجة خالد الجميلي لـ"العرب اليوم"، أن "المتظاهرين تعرضوا إلى الاستفزاز من قبل قوات الجيش الذين دخلوا بعجلاتهم إلى داخل الساحة لتشتيت المعتصمين"، مضيفًا أن "المتظاهرين قاموا برمي الحجارة على الجيش، الذي رد بإطلاق النار عشوائيًا على المتظاهرين".
وتعد مواجهات الفلوجة تصعيدًا بارزًا في مسار الاعتصامات التي تشهدها البلاد منذ أكثر من شهر، وكانت مواجهات طفيفة سجلت بين المتظاهرين وقوى الأمن العراقية خصوصا في مدينة الموصل وآخرها أمس الخميس وأدت إلى إصابة أربعة متظاهرين بهراوات ونيران الشرطة الاتحادية التي حاولت تفريقهم من ساحة الأحرار بعدما تجمعوا لإحياء ذكرى المولد النبوي.
من جهتها، أعلنت السلطات العراقية أن "الاشتباكات اندلعت الجمعة في الفلوجة، وهي مدينة تقطنها غالبية سنية على بعد 50 كيلومترا شمال العاصمة بغداد، حين ألقى الجيش القبض على ثلاثة محتجين، واشتبك مع متظاهرين يلقون الحجارة ويحاولون قطع طريق رئيسي، فيما قررت السلطات منع إقامة الصلاة الموحدة في محافظات صلاح الدين وكركوك وديالى، وقامت بمصادرة خيام المعتصمين، وأعادت قوات الشرطة في مدينة الرمادي فتح الطريق المؤدي إلى ساحة الاعتصام بعدما قامت بإغلاقها صباح الجمعة.
وشارك عدد من نواب "ائتلاف العراقية" ورئيس مجلس محافظة الأنبار، إلى جانب الآلاف من المحتجين، في جمعة "لا تراجع" في الفلوجة، في حين شارك عشرات الآلاف في صلاة الجمعة، وسط توتر أمني شديد، دفع خطيب الجمعة إلى حث المصلين على عدم الصدام مع الأمن، في الوقت الذي احتشد فيه الآلاف من أهالي محافظة الأنبار ومحافظات عراقية أخرى في ساحة الاعتصام في مدينة الرمادي، للمشاركة في المسيرة السلمية التي دعت إليها اللجان المنظمة للتظاهرات لمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، حيث رفع المتظاهرون لافتات كُتب عليها "لن نرحل حتى ترحل"، في رسالة إلى حكومة المالكي، كما أكد المعتصمون أنهم باقون في ساحاتهم حتى تنفّذ الحكومة مطالبهم كافة.