بيروت ـ جورج شاهين باشر رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الثلاثاء، سلسلة لقاءات ومشاورات شملت ممثلين لحلفائه من قوى 8 آذار قبل أن يلتقي ممثلين لحزبية الكتائب والقوات اللبنانية القطبين المسيحيين من قوى 14 آذار فرسمت المواقف المعلنة خريطة جديدة من المواقف بشأن لمن ستكون الأولوية في المرحلة المقبلة، لطاولة الحوار أم لقانون الإنتخاب بالإضافة إلى شكل الحكومة المقبلة هل ستكون من طرف واحد من 8 أو من 14 آذار أو حكومة إنقاذ وطني لا تستثني أحدا سوى من يستثني نفسه من المشاركة فيها وكل ذلك يجري في ضوء استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي والاستحقاقات المقبلة.
وبدا من الصعوبة بمكان الركون إلى أي توقعات مهما كان مصدرها لموعد محتمل لولادة حكومية جديدة او لطبيعة وشكل هذه الحكومة في أعقاب استقالة الرئيس ميقاتي، نظرا إلى التقلبات السريعة التي حكمت الأجواء منذ ما قبل الاستقالة التي فاجأت أقرب المقربين من ميقاتي كما المعارضة في حد ذاتها، رغم مطالباتها المتكررة بهذه الخطوة. وشكل اتصال الرئيس سعد الحريري برئيس الحكومة المستقيل دليلا على المفاجأة التي أسقطت الشروط المحددة كلها من الفريق المعارض لتفتح صفحة جديدة من المشاورات عنوانها حكومي بامتياز.
وقالت مصادر واسعة الاطلاع إلى "العرب اليوم" إن الحديث عن اسم الرئيس الجديد المحتمل لتشكيل الحكومة ما زال مبكرا وسط سيناريوهات عدة تتحدث عن سلة من الأسماء من دون أن تغفل إمكان عودة الرئيس ميقاتي إلى السرايا في حال واحدة وهي حال التفاهم على تشكيل حكومة إنقاذ من مختلف القوى اللبنانية أو حكومة تكنوقراط يمكن أن يشكلها من سيعلن سلفا أنه لن يكون مرشحا للانتخابات النيابية المقبلة.
وهنا تبرز أسماء عدة يتقدمها كل من الوزير السابق ورئيس الهيئآت الاقتصادية عدنان القصار أو وزير المال في الحكومة المستقيلة محمد الصفدي الذي قدم نفسه على أنه الرئيس المحتمل لحكومة حيادية متعهدا بعدم الترشح الى الانتخابات النيابية المقبلة.
وظهرت الاثنين تسريبة إعلامية تقول إن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله اقترح الوزير السابق للعدل بهيج طبارة لرئاسة الحكومة بهدف رفع مستوى التحدي مع تيار المستقبل وخصوصا أن الوزير طبارة الذي كان المستشار القضائي والعدلي للرئيس الشهيد رفيق الحريري بات حاليا في موقف معارض لهذا التيار بعد الخلافات الواسعة التي نشبت بينه والرئيس فؤاد السنيورة وهو بات من أشد المنتقدين لسياسات المستقبل.
والتقت مصادر في حزب الله وأخرى مقربة من الوزير طبارة على نفي هذه الرواية عبر "العرب اليوم"  واعتبرتها من محض خيال مطلقيها بغية الإساءة المبكرة إلى احتمال تكليف طبارة بتشكيل الحكومة  الجديدة في إطار سياسة حرق الأسماء، باعتبار أن الحديث عن أسماء المكلفين لرئاسة الحكومة ما زال مبكرا ولم يكشف أحد حتى اليوم عن أوراقه.
ومع أن الاستشارات النيابية الملزمة لن تبدأ قبل انتهاء عطلة عيد الفصح الأسبوع المقبل إلا أن استشارات من نوع آخر انطلقت اليوم من عين التينة حيث عقد رئيس مجلس النواب نبيه بري سلسلة اجتماعات ضم أولها الوزير جبران باسيل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل والوزير السابق يوسف سعادة والوزير علي حسن خليل تناولت الوضع المستجد ثم استقبل تباعا النائبين جورج عدوان وسامي الجميل.
ونقل عدوان عن بري قوله إن الأولوية للاستشارات وتشكيل الحكومة ثم إلغاء قانون الستين فرفع سن التقاعد للقادة الأمنيين. أما النائب سامي الجميل فقد أعطى الأولوية لتشكيل حكومة إنقاذ وطني لتعبر البلاد الاستحقاقات السياسية والاقتصادية والأمنية الخطيرة التي تمر بها ولا سيما على مستوى مواجهة الوضع في سورية وتردداته على الساحة اللبنانية.
وأفادت مصادر عين التينة بأن اللقاءات التي عقدها رئيس المجلس مع زواره ستُسْتَكْمَل الثلاثاء مع وفد من تيار المستقبل يتقدمهم الرئيس فؤاد السنيورة ومع سائر ممثلي الكتل النيابية والأطراف الراغبة في الحوار واستطلاع أفق المرحلة المقبلة والتي تقتضيها الأحوال التي يعيشها لبنان والمنطقة، وهي غير محصورة في طرف أو فريق أو تكتل، لا بل أن رئيس المجلس يهدف من خلال لقاءاته هذه إلى دفع الأمور في البلاد من جمودها الراهن في اتجاه التلاقي والتفاهم حول القضايا الساخنة ومنها الحكومة الجديدة والحوار والوضع الأمني.
وأكدت أن رئيس المجلس يعلم تماما أن الأمور منوطة في أطرها الدستورية وأوقاتها لكنه يرى أن من شأن مثل هذه اللقاءات أن تسهم في إيجاد المقاربات والمناخات المطلوبة سواء بالنسبة إلى استشارات التكليف والتشكيل أو بالنسبة إلى معاودة الحوار برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان.
من جهة ثانية، علم أن المجلس النيابي سيعقد جلسة عامة لمناقشة القانون الانتخابي في الخامس عشر من الشهر المقبل، وأن الأرجحية هي لإقرار مشروع قانون التمديد لقادة الأجهزة الأمنية ولدرس وإقرار المشروع المختلط الذي كان تقدم به الرئيس بري بواسطة عضو كتلته النائب على بزي. كما علم أن الرئيس بري تطرق في الاجتماعات التي عقدها في عين التينة الثلاثاء لهذا الموضوع وأنه لمس أجواء إيجابية من الذين التقاهم.
وفي هذا الإطار، سرعت قوى 14 آذار وتيرة اتصالاتها واجتماعاتها الداخلية للتشاور في مرحلة ما بعد الاستقالة وتنسيق المواقف والخطوات للخروج بموقف موحد. وأكدت مصادر مطلعة لـ"العرب اليوم" أن اجتماعا عقد مساء الاثنين في بيت الوسط ضم عددا من الشخصيات في هذه القوى من بينها منسق الأمانة العامة النائب السابق فارس سعيد، مستشار الرئيس سعد الحريري الوزير السابق محمد شطح، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري، نادر الحريري، تم خلاله البحث في ما آلت إليه الأمور على المستويين المحلي والخارجي.
وتوازيا، قالت المصادر إن أي موعد لم يحدد بعد لاجتماع قوى 14 آذار على المستوى القيادي، ذلك أن الرئيس أمين الجميل غادر الاثنين إلى واشنطن كما أن هذه القيادات تفضل عقد الاجتماع بعد عودة الرئيس ميشال سليمان من سفره للوقوف منه على التطورات العربية، إلا أنها شددت على أن حظوظ التواصل مفتوحة على مصراعيها بين تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وأن اجتماعات عدة تعقد بين الطرفين بعيدا من الأضواء يتخللها عرض للمرحلة المقبلة وتشاور في الأوضاع.