دمشق - نور خوّام
تفاوتت مواقف الدول حول مصير الرئيس السوري "بشار الأسد" في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تعقد دورتها السبعين في مقر المنظمة الدولية في نيويورك، ففي حين أكدت أميركا وفرنسا وتركيا والسعودية أن لا مكان له في المرحلة الانتقالية في سورية، اعتبرت روسيا في المقابل أن عدم التعاون مع الأسد يمثل خطأً جسيمًا، بينما أبدت إيران استعدادها للمساعدة بنشر "الديمقراطية في سورية".
وأكد الرئيس الأميركي "بارك أوباما" إنه لا بد من مرحلة انتقالية في سورية لا تشمل الأسد، موضحًا أن هناك من يدعو لبقائه وهو يقتل شعبه بحجة أن البديل أسوأ.
وأضاف "أوباما" أنه يجب على الجميع أن يدرك أنه بعد كل الدماء التي سفكت، وكل المجازر التي وقعت على أيدي النظام السوري، لا يمكن العودة إلى وضع ما قبل الحرب، معتبرًا أن الأسد لا يمكنه أن يوفر السلام لشعبه، لأنه كان السبب في قتل عشرات الآلاف منهم.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة على استعداد للعمل مع أي دولة -بما في ذلك روسيا وإيران- لحل الصراع في سورية، مؤكدًا أن "الواقعية تقول إن التسوية مطلوبة لكي نصل إلى حل، لكن الواقعية تتطلب أيضًا مرحلة انتقالية تدار بعيدًا عن
الأسد".
فرنسا كانت أقرب إلى الموقف الأميركي، حيث أكد الرئيس الفرنسي "فرانسوا هولاند" أن باريس تريد العمل مع جميع الدول دون استثناء من أجل الوصول إلى حل سياسي في سورية، لكنه شدد على أن الأسد لا يمكن أن يكون جزءًا من الحل.
وقال أولاند في كلمته إن "هناك من يكرس جهوده الدبلوماسية لإقحام الأسد في هذه العملية، متسائلا "هل يعقل أن يعمل الضحايا والجلاد سويًا؟ إن الأسد هو أساس المشكلة ولا يمكنه أن يكون جزءًا من الحل".
و اعتبر أن حل الأزمة السورية يكمن في إبعاد الأسد عن السلطة، مضيفًا أنه من الخطأ تجريم تنظيم "داعش" فقط، في حين أن النظام هو الذي هيأ الأرضية لذلك.
وكشف "هولاند" في لقاء مع الصحفيين أن بلاده ستبحث مع شركائها في الأيام المقبلة اقتراحًا طرحته تركيا وأعضاء في المعارضة السورية بإقامة منطقة حظر طيران في شمال سورية.
من جهته، أكد وزير الخارجية السعودي "عادل الجبير" أن لا دور لبشار الأسد في مستقبل سورية، معتبرًا أن هناك إساءة فهم لمقترحات الغرب حيال الأزمة السورية، وهي لا تنص على بقاء الأسد.
وقال الجبير في أعقاب اجتماع عقده على هامش اجتماعات الجمعية العامة لأمم المتحدة مع نظرائه في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وتركيا والأردن بشأن الأزمة السورية، إن المقترحات الغربية لحل الأزمة السورية، تنص على ضرورة التوصل إلى عملية انتقال سياسي لما بعد الأسد وليس الإبقاء عليه.
وبدوره أكد رئيس الوزراء التركي "أحمد داود أوغلو" في مؤتمر صحفي عقده في مقر الأمم المتحدة أن بشار الأسد، ليس له أي دور في مستقبل سورية، وأن موقف تركيا واضح للغاية بهذا الخصوص وهو “لا للأسد، ولا لتنظيم "داعش"".
وقال داود أوغلو "نحن مستعدون للعمل مع أي دولة من أجل مواجهة تنظيم "داعش"، ولكن علينا ألا ننسى أيضًا أن التنظيم لم يكن موجودًا في سورية قبل 3 أعوام، وأن جرائم وفظائع الأسد هي التي أدت إلى ظهوره".
وتابع داود أوغلو "علينا أن نذكر أنه بعد ذبح أكثر من 300 ألف من السوريين، وبعد انقضاء أربعة أعوام، نحن الآن أمام ديكتاتور يسيطر على 14% من أراضي سورية، فكيف يمكن لمثل هذا الديكتاتور أن يدير مرحلة انتقالية".
ومن المنتظر أن يتم تناول الأزمة السورية في كلمة داود أوغلو أمام الجمعية العامة ، وفي الاجتماع الوزاري لمجلس الأمن.
كما دعا أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الشيخ تميم ، إلى التعاون من أجل فرض حل سياسي في سورية، ينهي عهد الاستبداد.
ودعا الشيخ تميم في كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى التعاون من أجل فرض حل سياسي في سورية، ينهي عهد الاستبداد، ويحل محله نظام تعددي يقوم على المواطنة المتساوية بين جميع المواطنين، ويعيد المهجرين إلى ديارهم، ويتيح بناء سورية.
وحذر الشيخ تميم من أن الصراع في سورية تحول إلى حرب إبادة وتهجير جماعي للسكان، مشيرًا إلى أن تلك الحرب تمتلك تبعات خطيرة على الإقليم والعالم كله، وحتى على الدول التي لا تستعجل الحل.
وأضاف أنه تتولَّد عن الأزمة السورية بأبعادها وتداعياتها الراهنة والمستقبلية نتائج كارثية على منطقة الشرق الأوسط، بل والعالم، في ظل استمرار الجرائم البشعة والأعمال الوحشية التي يرتكبها النظام بحق الشعب السوري، وتهديد كيان الدولة وشعبها، وخلق بيئة خصبة لتفاقم ظاهرة التطرف والتشدد تحت رايات دينية ومذهبية وعرقية زائفة تهدد الإنسان والمجتمع والإرث الحضاري في سورية والمنطقة.
وأكد أمير قطر أن عبث النظام السوري بمفهوم التطرف، فسمى المظاهرات السلمية تطرفًا، ومارس هو التطرف الفعلي.
في المقابل، اعتبر الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" أن عدم التعاون مع نظام بشار الأسد يعد خطأ جسيمًا، مشددًا على ضرورة دعم قوات النظام السوري لمواجهة تنظيم "داعش".
واتهم بوتين الولايات المتحدة ودول الغرب "بتغذية التطرف" والعمل على خلق ظروف تفضي للعبث بأمن الشعوب واستقرارها، وقال إن "المعارضة السورية "التي يسميها الغرب بالمعتدلة تقف إلى جانب المسلحين الإسلاميين".
وخلال مؤتمر صحافي في مقر الأمم المتحدة، قال بوتين "نفكر بالطريقة التي تجعلنا نزيد من المساعدة للجيش السوري ولكن في ما يتعلق بإرسال قوات إلى الأرض فان المشاركة الروسية لا يمكن أن تكون مدار بحث".
وفي مؤتمر صحفي عقده في نيويورك أقر بوتين ببقاء خلافات بينه وبين أوباما، بما في ذلك إزاء سبل معالجة الأزمة السورية.
وأشار بوتين إلى أن روسيا تدرس إمكانية المشاركة في غارات جوية ضد "داعش" في سورية والعراق لكن في إطار القانون الدولي فقط.
من جانبه، قال الرئيس الإيراني "حسن روحاني" في كلمة بلاده أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة "نحن مستعدون للمساعدة في نشر الديمقراطية في سورية واليمن كما ساعدنا سابقًا في العراق وأفغانستان".
في هذه الأثناء، اقترح العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، سبع خطوات لمحاربة "التطرف" وتعزيز الجهود المشتركة في تعظيم الاعتدال والجوامع بين الأديان، وتشجيع الشباب على مبادئ التسامح والتعايش.
جاء ذلك في كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تعقد اجتماعات دورتها السبعين في مقر المنظمة الدولية في نيويورك.
وقال الملك عبد الله أن "الخطوات هي، العودة إلى الجوهر والروح المشتركة بين الأديان، وتغيير لهجة الخطاب وتخليصه من العنف والخوف والغضب، وتجسيد القيم والمبادئ لديننا (الإسلام) في حياتنا اليومية، وتعظيم صوت الاعتدال، وكشف الزيف والخداع على حقيقته (فيما يتعلق بالتطرف)، واتخاذ موقف واضح وعلني ضد التطرف مهما كان نوعه أو شكله، والتواصل الذي يجمع الإنسانية على قضية واحدة".
وشدد العاهل الأردني على أنه من واجب العالم إيجاد الحلول وتقديم الإغاثة للملايين من اللاجئين في الشرق الأوسط، مضيفًا "تلاحقنا صور الآلاف من اللاجئين على شواطئ وحدود أوروبا، الساعين وراء الأمل بعيدًا عن وطنهم، لقد واجهنا في الأردن هذا التحدي منذ بداية الأزمة السورية، حيث يشكل اللاجئون السوريون لوحدهم اليوم 20% من سكان المملكة".
إلى ذلك، دعا الرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي" المجتمع الدولي، لإيجاد مخرج سياسي في سورية.
ورأى "السيسي" في كلمته التي ألقاها في وقت متأخر من مساء أمس الاثنين، أمام الدورة 70 للجمعية العامة للأمم المتحدة أن سورية تكاد تواجه خطر التقسيم في ظل صراعات بين الجماعات المتطرفة ذاتها التي قفزت على تطلعات الشعب السوري، لافتًا أن مصر دعت القوي الوطنية السورية لإقرار مرحلة انتقالية بما يحافظ على كيان الدولة ومؤسساتها.