دمشق ـ جورج الشامي تصل شحنات أسلحة أميركية إلى المعارضة السورية في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، عبر تركيا أو الأردن، بعدما أعلن البيت الأبيض أنه تأكد من استخدام دمشق للسلاح الكيميائي ضد قوات المعارضة مرات عدة، وسط مطالبات بفرض منطقة حظر جوي في سورية، وتزويد المعارضة بأسلحة نوعية ثقيلة مضادة للطائرات والطائرات، تزامنًا مع إعلان واشنطن أنها ستبقي مقاتلات "إف 16" وصواريخ "باتريوت" في الأردن، بعد انتهاء المناورات التي ستختتم في أواخر حزيران/يونيو الجاري، فيما وصف عضو بارز في البرلمان الروسي، المعلومات عن استخدام القوات السورية أسلحة كيميائية بأنها "ملفقة"، مشيرًا إلى أن "الولايات المتحدة ستستخدمها لتبرير تدخلها في الصراع".
وأكدت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أن شحنات أسلحة أميركية إلى المعارضة السورية في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، من طرف مسؤولين في وكالة الاستخبارات المركزية "سي أي إيه" عبر تركيا أو الأردن، وأن المجلس العسكري السوري أبلغ الولايات المتحدة حاجته لصواريخ مضادة للدبابات والطائرات لصدّ هجمات القوات الحكومية.
وأعلن البيت الأبيض، الخميس، أن الرئيس باراك أوباما قرر تقديم دعم عسكري للمعارضة السورية، وسيشمل أسلحة أميركية، بعدما تأكد استخدام دمشق للسلاح الكيميائي، وقال مساعد مستشار الرئيس للأمن القومي بن رودس، "إن أوباما قرر تقديم دعم عسكري إلى المعارضة السورية (من دون أن يذكر تفاصيل عن نوعية المساعدات المقررة)، وإنه لا قرار حتى الآن بفرض منطقة حظر طيران فوق سورية".
وأبلغ بن رودس الكونغرس، في جلسة استماع الخميس، بتفاصيل التحقيقات التي خلصت إلى استعمال الأسلحة الكيميائية في سورية من قبل القوات الحكومية، موضحًا أن "التحقيقات أظهرت أن هناك ما بين 100 و150 شخصًا قد قتلوا لسبب استخدام غاز السارين السامة في سورية من قبل الجيش السوري، وأن الرئيس أوباما سيتشاور الأسبوع المقبل مع قادة دول الثماني بشأن هذه المسألة، وسنطلع الشركاء الدوليين والأمم المتحدة على أدلة استخدام الكيميائي في سورية".
وقال مستشار أوباما، "إنه بعد الأدلة ذات الثقة عن استخدام النظام أسلحة كيميائية ضد الشعب السوري، رفع الرئيس أوباما أمن مساعدتنا غير الفتاكة للمدنيين، كما سمح بزيادة مساعدتنا للمجلس العسكري الأعلى، وسنستمر في التشاور مع الكونغرس حول هذه المسائل في الأسابيع المقبلة، والهدف من هذا الجهد هو تعزيز فاعلية المجلس العسكري الأعلى والمساعدة في تنسيق المساعدة التي تقدمها أميركا وشركاءها وحلفاءها، ببساطة، على الأسد أن يعلم ان أفعاله دفعتنا إلى زيادة مساعدتنا للمعارضة، بما في ذلك الدعم المباشر للمجلس العسكري الأعلى، وستستمر هذه الجهود في الزيادة، وأن لدى أميركا والمجتمع الدولي عددًا  من الردود القانونية والمالية والدبلوماسية والعسكرية المتوافرة، ونحن مستعدون لكل حالات الطوارئ، وسنتخذ القرارات بناء على جدولنا الزمني".
وشدد عضو الكونغرس الجمهوري جون ماكين، في جلسة استماع في الكونغرس، على ضرورة أن تكون إدارة أوباما أكثر تشددًا في ما يتعلق بالأزمة السورية، وتحديدًا ضد حكومة الرئيس بشار الأسد، فيما أعلن البيت الأبيض أنه سيتعامل مع الوضع في سورية بما يحفظ مصالح الأمن القومي الأميركي، وليس بما يرضي منتقدي سياسة باراك أوباما.
ورحب السناتور ماكين، بقرار أوباما زيادة الدعم العسكري لمقاتلي المعارضة السورية، ولكنه طالب مجددًا بفرض منطقة حظر جوي في سورية، وتزويد معارضي الرئيس بشار الأسد بأسلحة ثقيلة مضادة للطائرات والدروع، مشددًا على أن تدمير الدفاعات الجوية السورية لا يتطلب تدخلاً عسكريًا بريًا، إذ أن صواريخ "كروز" الجوالة قادرة على إنجاز هذه المهمة عن بعد.
وأكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي اندرس فو راسموسن، للصحافيين عقب محادثات في بروكسل مع رئيس وزراء مولدوفا يوري ليانكا، أن "العالم أوضح أن أي استخدام للأسلحة الكيميائية في سورية غير مقبول، ويمثل انتهاكًا للقانون الدولي، وهذه مسألة مثار قلق كبير".
ووصف العضو البارز في البرلمان الروسي اليكسي بوشكوف، المؤيد للكرملين، المعلومات عن استخدام قوات الرئيس السوري بشار الأسد أسلحة كيميائية بأنها "ملفقة"، وأن الولايات المتحدة ستستخدمها لتبرير التدخل في الصراع.
وقال رئيس لجنة السياسة الخارجية في مجلس النواب الروسي، في حسابه على "تويتر"، "المعلومات عن استخدام الأسد لأسلحة كيميائية جرى تلفيقها في المكان نفسه الذي لفقت فيه الأكاذيب بشأن أسلحة صدام حسين للدمار الشامل، فأوباما يسير في المسار ذاته الذي سار فيه جورج بوش"، في إشارة إلى الرئيس الأميركي السابق.
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، عن مسؤولين استخباراتيين أميركيين وأوروبيين قولهم، "إنهم باتوا مقتنعين بأن قوات الرئيس السوري بشار الأسد استخدمت أسلحة كيميائية ضد قوات المعارضة، وأن هذا الأمر سيزيد الضغوط على الإدارة الأميركية، شديدة الانقسام بشأن الرد على استفزاز اعتبره الرئيس الأميركي باراك أوباما (خطًا أحمر)".
وأشارت الصحيفة إلى أن "الحكومة الأميركية تتناقل مذكرة يرد فيها أن المجتمع الاستخباراتي خلص إلى أن نظام الأسد استخدم أسلحة كيمائية بوتيرة صغيرة ضد قوات المعارضة مرات عدة العام الماضي، وأن المذكرة تشير إلى أن المجتمع الاستخباراتي لديه ثقة عالية في تقييمه، نظرًا إلى سيل المعلومات المتعدد المصادر والمستقل".
وأعلن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية، طلب عدم ذكر اسمه، الخميس، أن الولايات المتحدة ستبقي مقاتلات "إف 16" وصواريخ "باتريوت" في الأردن، بعد انتهاء المناورات التي ستختتم في أواخر حزيران/يونيو الجاري، وأن الإدارة الأميركية تدرس احتمال تسليح المعارضة السورية، ولكنها لم تتخذ حتى الساعة أي قرار في هذا الشأن، وقررت بعد مشاورات مع المسؤولين الأردنيين إبقاء وحدة من مشاة البحرية "مارينز" على متن سفن برمائية قبالة سواحل المملكة.
وأكد قادة المعارضة السورية، لقناة "العربية"، أنهم ينتظرون من الإدارة الأميركية فرض منطقة حظر جوي في سورية، وتقديم سلاح نوعي للجيش السوري الحر، ولا سيما مضادات الدبابات والطائرات، وذلك تعليقًا على قرار واشنطن بتسليح المعارضة السورية، الجمعة.
وقال رئيس هيئة الأركان العامة للجيش السوري الحر اللواء سليم إدريس، من إسطنبول، "إن المعارضة تأمل في ترجمة التغيير في الموقف الأميركي إلى واقع فعلي وملموس بالحصول على الأسلحة والذخائر، وأن معنويات مقاتلي الجيش الحر مرتفعة رغم التراجع من مدينة القصير، وأنهم يدافعون بصلابة عن حلب ودير الزور، وأن استمرار بشار الأسد سيؤدي إلى انفجار المنطقة، وأن حكومة دمشق تمتلك كميات هائلة من مخزون الأسلحة الكيميائية لم تستخدم منها سوى عينات محدودة"، محذرًا من أن عدم تفعيل قرارات الإدارة الأميركية بشأن سورية، سيعني سيطرة إيران و"حزب الله" على المنطقة.
ورأى رئيس الائتلاف الوطني السوري بالوكالة جورج صبرة، أنه ليس من المقبول استمرار روسيا في دعم نظام الأسد، وأن الأزمة السورية اكتسبت بعدًا دوليًا، ولكن الجيش السوري الحر لا يزال قادرًا على لعب الدور الرئيس في حسم المعركة، وأن المعارضة تريد مواقف حقيقية من "أصدقاء سورية" بالحصول على دعم حقيقي، وهو ما لم يحدث حتى اللحظة، مضيفًا "ندخل الآن مرحلة جديدة لم يعد فيها النظام السوري قابلاً للحياة، وهو نظام استمراره مطعن حقيقي للحياة المعاصرة، وعامل أساسي لتخريب العلاقات بين المجتمعات، وأن المعارضة السورية لا تفكر حاليًا في أي مشروع سياسي، بل وقف (حزب الله)، وغزو المليشيات الطائفية، وتحرير أي شبر من بلادنا، وكذلك وقف أعمال القتل التي يقوم بها النظام، وحماية المدنيين، وهذا هو الاهتمام الأساسي، وبعد ذلك، يمكن أن ينفتح الأفق نحو المبادرات السياسية"، مشددًا على "ضرورة تغيير المعادلة، بحيث يصبح عمر النظام قصيرًا للغاية، على أن تستعيد الثورة مبادرتها، ويستعيد المجتمع الدولي قدرته على مساندة الشعوب".
وكشف المنسق السياسي والإعلامي للجيش الحر لؤي المقداد، أن المعارضة السورية ستطلب رسميًا من البيت الأبيض فرض منطقة حظر جوي، موضحًا أن "الأسد تجاوز كل الخطوط الحمر، وأن المساعدة العسكرية المقدمة إلى المعارضة يجب أن تكون أسلحة نوعية لحماية المدنيين، تؤمن الأجواء وتحمي السكان من تقدم الدبابات".