تونس ـ أزهار الجربوعي أكد رئيس "المرصد التونسي لاستقلال القضاء" أحمد الرحموني وابن شقيق المناضل الوطني أحمد الرحموني، أن قد رضخ إلى ضغوط المؤسسة العسكرية، التي "ترفض الاعتراف بماضيها وأخطائها"، على خلفية تراجع المرزوقي عن دفن إعادة دفن المناضل الراحل أحمد الرحموني في مقابر الشهداء، الذي تمت إعادة دفنه مساء الأحد، بعد خمسين عامًا على إعدامه ودفنه في مقبرة جماعية، إثر اتهامه في الضلوع في ما يعرف بـ"انقلاب 1963"، الذي كان يهدف للإطاحة بنظام الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.
وأكد الرحموني لـ"العرب اليوم" أن الرئيس التونسي تراجع عن دفن مناضلي "الحركة اليوسفية" في مقبرة الشهداء في السيجومي، رغم أن والده كان أحد "اليوسفيين"( نسبة إلى الزعيم الوطني صالح بن يوسف، الذي اعترف الحبيب بورقيبة باغتياله في فرانكفورت)، وشدد الرحموني على أن أهالي مدينة تالة قاموا بطرد زعيم "حركة النهضة الإسلامية" راشد الغنوشي من موكب دفن عمه المناضل أحمد الرحموني، تعبيرًا عن حالة الغضب والاحتقان الشعبي، الناجم عن إخلاف الحكومة التي يقودها "إسلاميون" لوعودها الانتخابية، ومواصلتها سياسة الحيف الإجتماعي، والإقصاء والتهميش ضد أبناء مدينة تالة، التابعة لمحافظة القصرين شمال البلاد.
وأضاف الرحموني "إن الأهالي الذين أعطوا أصواتهم لحركة "النهضة" ولأحزاب ائتلاف "الترويكا" الحاكم شعروا بخيبة أمل كبيرة، وهو ما يفسر انفجار الوضع، والتهجم على راشد الغنوشي، أثناء حضورة موكب الدفن".
وشدد الرحموني على أن أهالي تالة مستاؤون جدًا من القضاء العسكري، نظرًا لتوليه ملف شهداء ومصابي ثورة 14 يناير، مشددًا على أن الحكومة لم تفي بوعودها، وأن العسكر واصل نفوذه على الحياة السياسية، وهو ما ساهم أيضًا بالاتجاه نحو العنف.
وأكد أحمد الرحموني أن العائلة لم توجه أي دعوة إلى الرموز السياسية، على غرار الشيخ راشد الغنوشي، الذي حضر إلى موكب الدفن صحبة وزير الشؤون الدينية نور الدين الخادمي، والنائب عن المجلس التأسيسي وليد البناني، قائلاً "المناسبة مناسبة عزاء، والدعوة كانت مفتوحة للجميع"، مشيرًا إلى أن "الانزلاق نحو العنف والاعتداء على سيارة الغنوشي ومنعه من إلقاء كلمة كان طبيعيًا، في ظل الحشود التي حضرت بالآلاف لتشييع الرحموني،  والتي كانت تحمل موقفًا سلبيًا من الحكومة، التي يقودها حزب النهضة".
وأشار الرحموني إلى أن "راشد الغنوشي كان أحد تلامذة الشيخ العلامة والمناضل الوطني أحمد الرحموني، وهو ما يفسر إصراره على حضور موكب تشييعه، بعد خمسين عامًا على إعدامه ودفنه في مقبرة جماعية، من قبل النظام البورقيبي".
يُذكر أن عدد من أهالي تالة الحاضرين في موكب تأبين  المناضل أحمد الرحموني، قاموا بطرد بعض المنتمين للجبهة الشعبية اليسارية، بعد أن استقبلوا رئيس "حركة النهضة" راشد الغنوشي، والقيادي في الحركة وليد البناني، ووزير الشؤون الدينية نور الدين الخادمي، رافعين شعار "إرحل"، وهو ما دفع بالغنوشي إلى العودة على أعقابه، وسط حراسة أمنية مشددة، كما عمد عدد من الأهالي إلى تهشيم الزجاج الخلفي لسيارته.
من جانبه، قال القيادي في حركة النهضة وليد البناني، الذي كان حاضرًا في موكب إعادة دفن أحمد الرحموني، أن مجموعة من المرتزقة قامت برشق الحجارة على الحاضرين في مدينة تالة، وأكد البناني أن عائلة المناضل أحمد الرحموني والمشرفين على إعادة دفنه وجهوا دعوة لرئيس "حركة النهضة" راشد الغنوشي لحضور موكب التأبين وإعادة الدفن، وهو ما نفته العائلة جملة وتفصيلاً.
جدير بالذكر أن المناضل التونسي أحمد الرحموني كان أحد أبرز قيادات "الحزب الحر الدستوري"، الذي قاد تونس نحو الاستقلال عن المستعمر الفرنسي عام 1956، وكان عضو مكتبه التنفيذي، وقد عرف بمناصرته للزعيم الوطني صالح بن يوسف، الذي كانت تربطه علاقة عداوة مع الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، الذي اعترف بوقوفه وراء اغتيال صالح بن يوسف في مدينة فرانكفورت الألمانية، في حزيران/يونيو 1961.