القاهرة ـ أكرم علي أصدرت المحكمة الدستورية العليا في مصر، قرارًا بعدم دستورية قانون الانتخابات الجديد وإعادته إلى مجلس الشورى مجددًا، مع مراعاة ما كتبته من ملاحظات حوله، وتلقى "العرب اليوم" نسخة من التقرير التي أصدرته المحكمة وضم الاقتراحات والتوصيات التي يجب العمل بها. وأكدت المحكمة في صدر قرارها، أن "مهمتها تقف عند عرض نصوص المشروع المعروض على الدستور للتحقق من مطابقتها لأحكامه، ومن ثم فإنه يخرج عن نطاق هذه الرقابة التالي: مراجعة الصياغة القانونية للمشروع، والنظر في أي تناقض بين نصوص مشروع القانون بعضها البعض أو تعارضها مع أية نصوص قانونية أخرى، ما لم يرق هذا التناقض إلى مخالفة دستورية، وأنه بمراجعة مشروع القانون المعروض، فقد استبان للمحكمة أن المشروع بعد أن ردد نص المادة 229 من الدستور بالنسبة لتعريف العامل والفلاح، أضاف إلى هذا التعريف شرطًا مؤداه أن يعتمد العامل بصفة رئيسة على دخله بسبب عمله اليدوي أو الذهني في الزراعة أو الصناعة أو الخدمات، وهذا الشرط لا يعّد من قبيل الضوابط والمعايير التي فوّض المشرع في بيانها، لاعتبار المرشح عاملاً إعمالاً للنص الدستوري المتقدم، بل يُعَّد تقييدًا لما أطلقه النص الدستورى في تعريف العامل، إذ يستبعد من الترشيح كل عامل يعتمد على مصدر رئيسي لدخله خلاف أجره، كما أن اشتراط العمل في مجالات الزراعة أو الصناعة أو الخدمات مؤداه انحسار صفة العامل عن كل من يعمل لدى الغير في المجالات الأخرى، ومن ثم فإن ما ورد بالنص المذكور من عبارة "ويعتمد بصفة رئيسة على دخله بسبب عمله اليدوي أو الذهني في الزراعة أو الصناعة أو الخدمات"، يخالف نص المادة 229 من الدستور.
وتابعت المحكمة "لكي يتفق هذا النص مع أحكام الدستور، فإنه يتعين أن يمتد بحيث يسري حكمه وهو إسقاط العضوية إلى جميع الحالات التي يغير فيها عضو مجلس النواب الصفة التي ترشح بها، سواء كانت صفة العامل أو الفلاح أو إذا غير انتماءه الحزبي أو تخلى عنه وأصبح مستقلاً، أو صار المستقل حزبيًا، إذ بذلك وحده يتأكد حق الناخب في الاختيار على نحو ما استهدفه نص المادة (55) من الدستور، والقول بغير ذلك فيه انتقاص لحق الناخب الذىي كفلته المادة المذكورة بما يخالف أحكام الدستور"، مؤكدة أنه "يجب إعادة تقسيم الدوائر على نحو منضبط، بحيث يراعي التمثيل العادل للسكان والمحافظات، التزامًا بحكم المادة 113 من الدستور، كما يجب ألا ترسم الدوائر بطريقة تعسفية من دون مراعاة للصالح العام، وأنه في حالة جمع القائمة الواحدة بين منتمين لأحزاب ومستقلين يجب أن تظهر صفة المرشح كمستقل أو منتميًا لحزب معين لتعلق ذلك بحق الناخب في الوقوف على حقيقة المرشح عند الإدلاء بصوته لاختيار من هو أحق به والذي كفلته المادة (55) من الدستور، وقد ورد في البند (1) من المادة الأولى في المشروع ضمن الشروط الواجب توافرها في المرشح لعضوية مجلس النواب أن يكون مصريًا في حين أن نص المادة (113) من الدستور لم يكتف بكون المرشح مصريًا فقط وإنما ألزم بأن يكون مصريًا متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية، بما يجدر معه ـ اتفاقًا مع النص الدستوري ـ إضافة عبارة ( متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية ) إلى نص القانون المعدل، كما ورد في البند (5) من المادة ذاتها أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أعفي من أدائها أو استثنى منها طبقًا للقانون، وإذ تنص المادة (6) من قانون الخدمة العسكرية والوطنية الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 19980 على أن " يستثنى من تطبيق حكم المادة (1) منه ـ أداء الخدمة العسكرية ـ الفئات التي تصدر بقواعد وشروط استثنائها قرار من وزير الدفاع، طبقًا لمقتضيات المصلحة العموميةة أو أمن الدولة، ومن ثم فإن النص الماثل يجيز أن يترشح لمجلس النواب من سبق استثناؤه من أداء الخدمة العسكرية طبقًا لمقتضيات أمن الدولة، في حين أنه مادام أن هذا الأخير قد استثنى للسبب المتقدم، فلا يكون مقبولاً أن يُسمح له بالترشح للمجلس النيابي الذي يتولى مهمتي التشريع والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، لذا فإن الأمر يقتضي قصر الشرط الوارد في البند (5) على من أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أعفي من أدائها طبقًا للقانون .
وأضاف التقرير ذاته، "اشترطت الفقرة الأولى من المادة التاسعة مكررًا (ب) المستبدلة بالمادة الأولى من المشروع على أن يكون الطعن على القرار الصادر من اللجنة المنصوص عليها في المادة الثامنة من هذا القانون أمام محكمة القضاء الإداري خلال سبعة أيام، تبدأ من تاريخ إغلاق باب الترشح بالنسبة للمرشح أو الحزب أو ممثل القائمة، وعلى المحكمة أن تفصل في الطعن، من دون عرضه على هيئة المفوضين، خلال سبعة أيام على الأكثر، واشتراط أن يكون الفصل في الطعن من دون عرضه على هيئة المفوضين يُعّد تدخلاً في أعمال جهة القضاء الإداري، واعتداء على استقلالها على النحو الذي نصت عليه المادة (174) من الدستور، إذ قد ترى هذه الجهة عند نظر الطعن إحالته إلى هيئة المفوضين مع التقيد بالحد الزمني الذي وضعه النص وهو سبعة أيام للفصل في الطعن المعروض عليها، كما أن الدستور نص في المادة 232 منه لتطبيق حكمها في منع قيادات الحزب الوطني المنحل من ممارسة العمل السياسي والترشح للانتخابات الرئاسية والتشريعية لمدة عشر سنوات ـ ضمن حالات أخرى حصرتها المادة المذكورة ـ على من كان عضوًا في مجلس الشعب أو الشورى في الفصلين التشريعين السابقين على قيام الثورة، بينما نص البند رقم (7) من المادة الخامسة المضاف في المادة الثانية من المشروع على ألا يكون من قيادات الحزب الوطني المنحل، ويقصد بالقيادات، أو كان عضوًا في مجلس الشعب أو الشورى في أي من الفصلين التشريعيين السابقين على قيام الثورة، وهو ما يخالف حكم الدستور السالف بيانه الذي اشترط أن يكون عضوًا في الفصلين التشريعيين معًا.
وأوصت المحكمة بأنه "يتعين تفسير عبارة إعلان النتيجة في اللجان الفرعية الواردة في المادة الثامنة عشر مكررًا المضافة في المادة الثالثة من المشروع، بأنها تعني مجرد إجراء حصر عددي مبدئي لأصوات الناخبين لاينبئ عن فوز مرشح أو خسارة آخر، وذلك حتى يكون النص متفقًا وحكم المادة 228 من الدستور الذي نص على أن "تتولى اللجنة العليا للانتخابات القائمة في تاريخ العمل بالدستور، الإشراف الكامل على أول انتخابات تشريعية تالية " وتشمل العملية الانتخابية مختلف مراحلها والتي تبدأ بفتح باب الترشح لعضوية المجلس التشريعي بتحديد وإعلان نتيجة الانتخابات من قبل اللجنة العليا للانتخابات، وهو الحكم ذاته الذي نص عليه البند ثامنًا من المادة (3) مكررًا (و) من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية، ويصدق الوضع ذاته في حالة الدوائر المخصصة لنظام القائمة بالنسبة لما يعلنه رئيس اللجنة العمومية من نتائج، كما أن الأمر يقتضي وضع معيار محدد ودقيق لمنظمات المجتمع المدني المشار إليها في نص المشروع، حتى لا يسمح بحضور بعض ممثلي المنظمات غير المرخص لها وفقًا للقانون، وأن يوضع حد أقصى لعدد وممثلى هذه المنظمات في كل لجنة انتخابية حتى لا يؤدي كثرة العدد إلى تعطيل العمل أو اضطرابه، على نحو يخل بحقي الانتخاب والترشيح، كما أن مشاركة هذه المنظمات في أعمال اللجان المذكورة يجب أن يقتصر على تلك التي يصرح لها من قبل اللجنة العليا للانتخابات، وتصدق الملاحظات ذاتها على وسائل الإعلام، ويقتضي الأمر تعديل نص المادة 28 من مشروع القانون بتخويل اللجنة العليا للانتخابات وضع الوسيلة المناسبة لضمان عدم تكرار الإدلاء بالصوت الانتخابي حال أن المادة المعروضة قد نصت على أن تجرى عملية الانتخاب أو الاستفتاء في يومين متتاليين، وأن المداد الذي يغمس الناخب إصبعه فيه ربما يزول أثره قبل انتهاء اليومين .
وأخيرًا، قال التقرير "استحدث الدستور نظامًا جديدًا للإشراف على الانتخابات العمومية والاستفتاءات، عهد به إلى المفوضية الوطنية للانتخابات على نحو ما ورد في المادة (208) منه، ونص في المادة (210) على أنه استثناء من ذلك تسند المفوضية الإشراف على الاقتراع والفرز لأعضاء من السلطة القضائية والهيئات لمدة عشر سنوات على الأقل من تاريخ العمل بالدستور وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون، وإذا كانت مشاركة المصرين بالخارج في انتخابات مجلسي الشعب والشورى وانتخاب رئيس الجمهورية والاستفتاء على الدستور، التي أجريت خلال عامي 2011، 2012، قد تمت بمعرفة لجان فرعية ولجان فرز ولجان عمومية مشكلة من أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي، إلا أن هذا الأمر كان له سند دستوري وهو نص المادة (39 مكررًا 9 من الإعلان الدستوري الصادر في 30 أذار/مارس سنة 2011، والمضافة بالإعلان الدستور الصادر في 19 تشرين الثاني/نوفمبر سنة 2011 ، وإذ نصت المادة (236) من الدستور على أن "تلغى جميع الإعلانات الدستورية الصادرة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ورئيس الجمهورية منذ الحادي عشر من شباط/فبراير سنة 2011 وحتى تاريخ العمل بالدستور"، ومن ثم فإن السند الدستوري الذي كان يجيز إسناد عمليتي الاقتراع والفرز لغير أعضاء الهيئات القضائية قد تم إلغاؤه اعتبارًا من تاريخ العمل بالدستور الجديد، وصار لازمًا اتباع ما ورد به من أحكام والتي خلت من مثل هذا الاستثناء، ويغدو ما ورد في نص المادة السابعة من المشروع المعروض التي أضافت مادة جديدة برقم (3مكررًا ) (ل) إلى القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية، متعلقًا بشأن إشراف البعثات الدبلوماسية المصرية على انتخابات المصريين في الخارج ـ مخالفًا للدستور.