طرابلس ـ مفتاح المصباحي يعقد "المؤتمر الوطني العام" في ليبيا، الأحد، جلسة مهمة سيتم خلالها التصويت على تعديل الإعلان الدستوري، بشأن انتخاب الهيئة التأسيسية لوضع الدستور، في حين لا يزال الهاجس الأمني عامل قلق مشترك بين الحكومة والمواطن، وبخاصة مع تزايد حدة الأحداث الأمنية الدامية في مختلف مناطق البلاد. وقال النائب الثاني لرئيس المؤتمر، صالح المخزوم، في تصريحٍ إلى وكالة الأنباء الليبية، "إن التعديل يحتاج موافقة ثلثي الأعضاء لإقراره، أي 126 عضوًا من أعضاء المؤتمر الوطني العام"، فيما صوّت المؤتمر خلال شباط/ فبراير الماضي لصالح قرار اعتماد آلية انتخاب لجنة الدستور، بحيث تضم اللجنة 60 عضوًا، موزعين بالتساوي على المناطق الليبية الثلاثة "الجنوبية والشرقية والغربية"، بعدما أجرى المجلس الوطني الانتقالي السابق، في تموز/يوليو الماضي، تعديلاً على الإعلان الدستوري الموقت، يقضي بأن ينتخب الليبيون لجنة وضع الدستور مباشرة، بدلاً من قيام المؤتمر الوطني العام باختيارها.
واعتبر المحللون السياسيون، أن "المشهد الليبي يعتريه خلال هذه الأيام، حرارة كتلك التي تصاحب أيامه المنذرة بصيفٍ أكثر سخونة، فلا يمر يوم إلا وهناك حدثٌ يُنغص الاستقرار المنشود، على الرغم من انضمام الآلاف من الثوار إلى الأجهزة الأمنية والعسكرية في الدولة، وتخريج الدفعات تلو الأخرى التي تم تدريبها داخليًا وخارجيًا من أفراد وضباط الأمن، إلا أن الوصول إلى الأمان يبدو أنه لا يزال بعيد المنال، فبعد اللُّحمة الوطنية التي شهدتها أرجاء البلاد كافة، خلال الاحتفالات بالذكرى الثانية للثورة، والحرص الشديد من الجميع من دون استثناء، على استتباب الأمن، وعودة مؤسسات الدولة بهيبتها، والانضواء تحت القانون، وكذلك البدء في تنفيذ خطة المجاهرة بالأمن التي أعلنت عنها الحكومة، وأيدها المؤتمر الوطني العام بإصداره للقرار رقم 26 للعام 2013، بشأن إخلاء مدينة طرابلس من المظاهر المسلحة غير الشرعية كافة، لا يزال الهاجس الأمني مشتركًا بين الحكومة والمواطن، وتتزايد حدة الأحداث الأمنية في مختلف مناطق ليبيا على الرغم من اختلاف أنواعها، إلا أن الرابط المشترك بينها جميعًا، هو أن هناك من لا يريد أن تقوم الدولة بفرض سيطرتها وتفعيل القانون".
وقد تعرضت قاعدة "تمنهنت" في منطقة سبها، فجر السبت، إلى هجومٍ من قبل مجموعة مسلحة مجهولة الهوية، مستهدفة الطيارين المكلَّفين بحماية الحدود ضد عمليات التهريب، مما أدى إلى مقتل اثنين وجرح اثنين آخرين، أحدهما حالته خطيرة، فيما تعهدت وزارة الدفاع في بيانٍ لها، بملاحقة الجناة والقصاص منهم، واتخاذ الإجراءات المكثفة لحماية الموقع، والتحقيق الفوري والعاجل في الواقعة، ونعت العقيد طيار موسى رزق الله العوامي، والجندي سامي عبد الله محمد، اللذين لقيا حتفهما في الحادث.
ويوجد في قاعدة "تمنهنت" مقر الحاكم العسكري للمنطقة الجنوبية الآن، وكانت مصنعًا للطائرات إبَّان النظام السابق، فيما تعرض مبنى المحكمة الابتدائية في منطقة الساحل الشرقي في درنة، إلى اعتداء بعبوة ناسفة، الجمعة، من قبل مجهولين، مما تسبب في حدوث أضرار جسيمة في المبنى، ولم تحدث أضرار بشرية لعدم وجود عامِلِين في المبنى وقت حدوث الانفجار.
واستمرارًا لمسلسل تفجير وتدمير الأضرحة والزوايا الصوفية، قامت مجموعات مجهولة، صباح السبت، بتفجير 3 مقامات دينية في مدينة رقدالين غرب طرابلس، بالإضافة إلى تفجير ضريح في منطقة العسة في الزاوية الغربية، وكانت إحدى تلك الزوايا الصوفية تُدرِّس علوم القرآن لأكثر من 700 عام،   فيما قام مجهولون، فجر الخميس، بتدمير ضريح ومسجد سيدي "الأندلسي"، الكائن في منطقة تاجوراء في ضواحي طرابلس، والذي يُعد أحد المعالم الأثرية والتاريخية في المدينة، وذلك باستخدام مواد متفجرة، مما ألحق أضرارًا جسيمة في المبنى وإحراق محتوياته.
 واستنكر رئيس مجلس طرابلس المحلي، السادات البدري، خلال زيارته إلى موقع الضريح، هذا العمل "غير المسؤول"، الذي استهدف الضريح والمسجد، أحد أهم المعالم الأثرية في طرابلس، معربًا عن أسفه لهدم هذا المعلم الأثري، معتبرًا أن "مثل هذه الأعمال، تمثل جهلاً بالدين الإسلامي الحنيف، وبثقافتنا وعاداتنا وبعرفنا وتراثنا"، داعيا إلى "ضرورة معاقبة مرتكبي مثل هذه الأعمال، وعدم التهاون والسكوت على مثل هذه الأفعال التي تسيئ إلى الإسلام، وإلى كرامة الليبيين واحترام عرفهم وأخلاقهم وتقاليدهم".
وأوضح رئيس المجلس الفرعي في تاجوراء، عز الدين كلّيش، أن ضريح ومسجد سيدي "الأندلسي"، يعود تاريخ إنشائه إلى ما يزيد عن 500 عام، وهو مَعْلَمٌ من معالم هذه المدينة، مُطالبًا مفتي عام ليبيا، بأن يقف وقفة جادة حيال استمرار هدم الأضرحة ونبش القبور، وإصدار فتوى شرعية بشأن هذه الأعمال، فيما استنكرت دار الإفتاء في بيانٍ لها، المواجهات المسلحة التي وقعت الخميس في تاجوراء، على خلفية هدم الضريح، ودعت الأطراف كافة ألاَّ يسمعوا في هذا الوقت إلى "من يُهَيّجهم، ويؤجّج لهذه الفتنة، ويثير فيهم الحمية من شيوخهم أو مناصريهم، باسم نصرة الدين، وإقامة التوحيد".
وعلَّق المجلس المحلي في مدينة بنغازي أعماله، نتيجةً للانفلات الأمني، بعد تعرّض رئيسه وأعضاءه وعددٍ من موظفيه إلى تهديداتٍ واعتداءات من قبل مواطنين، يطالبون بمنحهم أموالاً مقابل حراستهم لمناطقهم أثناء الحرب عام 2011، حيث أصدر المجلس بيانًا قال فيه "إن الأمر تجاوز الحد بعد أن قامت مجموعة باحتجاز أمين سر المجلس المحلي، والاعتداء عليه بالضرب وإرغامه على اعتماد قوائم تتضمن أسماءهم بهدف صرف أموال لهم".
وبحث وزير الداخلية مع مسؤولي الأجهزة الأمنية في بنغازي، السبت، سبل تطبيق وتنفيذ قرار مجلس الوزراء بشأن تشكيل القوة الأمنية المشتركة، في إطار تفعيل خطة المجاهرة بالأمن ورفع مستوى أداء الأجهزة الأمنية في المدينة، لمواجهة بعض الإشكاليات التي تحدث من حين لآخر، فيما أوضح الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، مجدي العرفي، أن القوة الأمنية المشتركة، التي تعمل تحت إشراف السلطة القضائية، تنفيذًا لقرار المؤتمر الوطني العام رقم (27) للعام 2013، بشأن إخلاء مدينة طرابلس من المظاهر المسلحة غير الشرعية كلها، قامت منذ أن باشرت مهامها بإخلاء 36 موقعًا، ما بين عقارات ومعسكرات تم استغلالها في تنفيذ مشاريع إجرامية من قبل مجموعات مسلحة خارجة عن القانون..
كما شهدت مدينة بنغازي، خلال اليومين الماضيين، جريمة بشعة تمثلت في اغتصاب فتيات بريطانيات أمام والدهن، حيث كانت الأسرة ترافق قافلة إنسانية متجهة إلى غزة، فيما وصفت نقابة المحامين الليبيين، في بيانٍ لها، الاعتداءات على مؤسسات ومقرات تابعة للدولة، من بينها مجمعات النيابات والمحاكم والمستشفيات في عددٍ من المدن، من قبل مجموعات وأفراد مسلحين، بالانتهاكات الجسيمة والخطيرة، معتبرةً أن "هذا الأمر مؤشرٌ خطير على تردِّي الأوضاع الأمنية في البلاد