صورة من الارشيف للرئيس المصري و قيادات من حماس
غزة ـ محمد حبيب
كشفت صحيفة "يديعوت احرنوت" الاسرائيلية، الجمعة، عن مفاوضات غير مباشرة بين حركة حماس، والحكومة الإسرائيلية بوساطة مصرية، جرت خلال الأسابيع الماضية ، تناولت قضية الأسرى المضربين عن الطعام، وتطبيق اتفاقات التهدئة الموقعة بين حركة حماس وإسرائيل، في ظل حديث اسرائيلي عن
اشتراط مصر اطلاق اسرى فلسطينيين ، مقابل الجهود الأمنية التي تبذلها في سيناء وتمنع بواسطتها تهريب الأسلحة الثقيلة وصواريخ متطورة إلى قطاع غزة.
واشارت الصحيفة ، الى وصول ثلاثة وفود اسرائيلية الاسبوع الماضي إلى القاهرة ، لبحث عدد من القضايا مع الجانب المصري وصفت "بالجدية والمهمة للغاية"، واوضحت أنه خلافاً لجميع اللقاءات السابقة التي عقدت بين الجانبين المصري والإسرائيلي، فإن اللقاءات الأخيرة اتسمت برغبه الطرفين في الوصول إلى تفاهمات جدية حول عدد من القضايا، ومن ضمنها تطبيق بنود اتفاق التهدئة.
وبينت الصحيفة أنه في أعقاب العملية العسكرية الأخيرة على قطاع غزة، والحكومة المصرية تشعر بمسؤولية تجاه القطاع، وبضرورة كسر الحصار المفروض عليه منذ ما يقارب الست سنوات، وبدأت حتى بخطوات عملية، كان آخرها السماح للوقود القطري بالدخول عبر معبر رفح البري.
ولفتت الصحيفة إلى أن المفاوضات بين حركة حماس والحكومة المصرية والإسرائيلية تدار في خمسة محاور منفصلة، المحور الأول يدار من قبل عناصر في المخابرات الإسرائيلية ورئيس المخابرات المصري اللواء رأفت شحاتة بشأن تهريب السلاح إلى قطاع غزة والذي مصدره من السودان وإيران.
أما بالنسبة للمحور الثاني تتم إدارته من قبل رئيس قسم التخطيط في الجيش الإسرائيلي غروشيفي والذي تناول ما يسمى بتهريب الأسلحة عبر الأنفاق من مصر إلى قطاع غزة، بينما أدار المحور الثالث منسق الارتباط مع الأراضي الفلسطينية "إيتان دنغوت" والذي تناول موضوع فتح المعابر مع قطاع غزة.
إلا أن المحورين الأخيرين كان يديرهما مسؤول كبير في المخابرات المصرية هو اللواء نادر الأعصر والذي شارك لفترة طويلة في مفاوضات صفقة جلعاد شاليط.
وتشير الصحيفة إلى أن إدارة المفاوضات بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني قد اختلفت نوعاً ما عن تلك التي كانت في صفقة شاليط حيث يصل الوفد الإسرائيلي بشكل منفرد من دون وجود الطرف الآخر في الغرف المجاورة كما كان في مفاوضات شاليط.
وذكرت الصحيفة أن في الزيارة الاخيرة للوفد الإسرائيلي الى القاهرة فقد استقبل في المطار ومن ثم أخذ إلى مقر المخابرات المصرية في العاصمة المصرية، مشيرة إلى أن المصريين طلبوا بضغط كبير من الإسرائيليين تقديم تسهيلات من أجل الانتهاء من قضية الأنفاق.
كما أكدت الصحيفة ان المفاوضات التي تمت الأحد الماضي بوساطة مصرية تناول الأطراف موضوع الأسرى المضربين عن الطعام وإطلاقهم كحسن نوايا إسرائيلية على حد تعبير الصحيفة.
وكشفت مصادر إسرائيلية، الخميس، أن مصر تطالب إسرائيل بأن تطلق سراح بضع مئات من الأسرى الفلسطينيين المحتجزين لديها، مقابل الجهود الأمنية الكبيرة التي تبذلها في سيناء وتمنع بواسطتها تهريب الأسلحة الثقيلة إلى قطاع غزة. وقالت هذه المصادر إن إسرائيل لم ترفض الفكرة، مع أن هناك انتقادات شديدة لها في الغرب على رفضها إطلاق الأسرى لمصلحة السلطة الفلسطينية، بينما هي تطلقهم لمصلحة قوى إسلامية مثل حماس وحزب الله.
وقالت هذه المصادر إن المطلب المصري طرح خلال المحادثات المكثفة الجارية على أعلى المستويات الأمنية بين البلدين، التي تشارك فيها أيضا حكومة حماس في قطاع غزة، بشكل غير مباشر. وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» قد كشفت، الخميس، أن ثلاثة جنرالات برتبة «لواء» في الجيش الإسرائيلي قاموا بثلاث زيارات إلى القاهرة خلال الأيام الخمسة الأخيرة (الأحد والاثنين والخميس)، وأجروا محادثات وصفت بأنها جدية للغاية مع رئيس المخابرات المصرية رأفت شحاتة، ونائبه أحمد نادر الأعسر، اللذين كانا قد أدارا المفاوضات الناجحة لصفقة شاليط، وبموجبها أطلق الجندي الإسرائيلي الأسير، جلعاد شاليط مقابل 1100 أسير فلسطيني وجميع الأسيرات الفلسطينيات.
وأوضحت المصادر الإسرائيلية أن هذه المحادثات بدأت في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، حول وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية المسلحة في غزة واستمرت حتى اليوم، لكنها اتسعت لتشمل تفاهمات مصرية - إسرائيلية تتعلق بالمسار الثنائي للعلاقات بينهما، وأنها تجري بمعرفة وتأييد الرئيس المصري محمد مرسي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وأنها ترافقت مع تغيير تدريجي في السياسة الإسرائيلية تجاه غزة وتقليص تدريجي للحصار الإسرائيلي عليها. وتمثل ذلك بشكل خاص في إصدار قرار إسرائيلي بالاستجابة لكل المطالب الفلسطينية باستيراد بضائع من إسرائيل وتفاهمات مصرية - إسرائيلية - قطرية على تزويد القطاع بما يحتاجه من الغاز القطري لحل مشكلة الانقطاع في التيار الكهربائي.
وتجري هذه المحادثات، وفقا للمصادر الإسرائيلية، على ثلاثة مسارات: الأول يديره اللواء شحاتة مع رؤساء المخابرات الإسرائيلية (الموساد والمخابرات العسكرية) حول منع تهريب الأسلحة عبر شبه جزيرة سيناء المصرية من السودان وإيران إلى قطاع غزة. والثاني يقوده رئيس قسم التخطيط في الجيش الإسرائيلي الجنرال نمرود شيفر ويتعلق بتهريب الأسلحة عبر الأنفاق، من سيناء إلى القطاع. والثالث ويديره من الجانب الإسرائيلي الجنرال إيتان دانغوت، منسق شؤون الضفة الغربية وغزة، وتتعلق بتهريب البضائع من سيناء إلى القطاع عبر الأنفاق وإمكانية التعويض عنها باستيراد البضائع من إسرائيل بشكل علني ورسمي بما يتيح لحكومة حماس أن تواصل جبي الجمارك عليها كما تفعل في الأنفاق.
وتم اخيرا توحيد المسارين الثاني والثالث، ويدير المحادثات حولهما من الجانب المصري، اللواء نادر الأعسر، الذي يعتبر من أبرز الخبراء المصريين في الشؤون الإسرائيلية وشغل منصب قنصل عام في السفارة المصرية في تل أبيب، وسبب نشاطه الواسع، في حينه، انزعاجا لدى الأوساط الإسرائيلية.
وحسب «يديعوت أحرونوت»، فإن الجنرالات الإسرائيليين يصلون إلى مطار عسكري في مصر وينقلون إلى مقر المخابرات المصرية، حيث يكون في انتظارهم الوفد المصري من جهة ووفد حركة حماس من جهة ثانية. ويلتقي المصريون مع الطرفين، كل على حدة. وبعد ساعات من المحادثات، يعود الإسرائيليون إلى تل أبيب. وقد لوحظ تقدم كبير في المحادثات في الأيام الأخيرة، بعدما شعرت إسرائيل بالارتياح من تصرفات مصر وحماس. فهناك هدوء تام على الحدود واحترام شامل لاتفاق وقف النار من كل الفصائل الفلسطينية، وهناك تحسن في الأوضاع الأمنية في سيناء، حيث يتم اعتقال مسلحين (بعضهم من حماس)، وفي الآونة الأخيرة اعتقلت فرقا عدة تعمل في تجارة السلاح ونقله إلى القطاع، وتم إفشال عملية تهريب صواريخ بعيدة المدى إلى القطاع.
في المقابل، فتحت إسرائيل معابرها مع القطاع أمام البضائع في الاتجاهين، وسمحت بتصدير منتجات زراعية غزاوية إلى الضفة الغربية، ووسعت من نطاق مناطق الصيد في البحر أمام قطاع غزة. لكن مصر لا تكتفي بذلك وهي تريد مكافأة أكبر تبرر تعاونها الأمني مع إسرائيل، لذلك طلبت إطلاق مجموعة كبيرة من الأسرى الفلسطينيين تضم جميع المعتقلين الإداريين والأسرى المرضى والمضربين عن الطعام وكذلك السجناء المصريين في السجون الإسرائيلية.