بغداد ـ جعفر النصراوي  أقامت وزارة الداخلية العراقية مؤتمرًا للعشائر العراقية، السبت،  طالبتهم فيه التدخل لفض اعتصام المتظاهرين في المحافظات الغربية وخاصة محافظة الأنبار مانحة إياهم الإذن بحمل السلاح الشخصي، فيما دعا أمير الدليم المرجعيات الدينية لتحريم القتال بين السنة والشيعة متهمًا بعض السياسيين بإذكاء الفتنه، بينما أكدت اللجان الشعبية  المنظمة لتظاهرات الأنبار أنها تقف تمامًا ضد فكرة الانقسام إلى إقليم سني في العراق، هذا و تشهد محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وكركوك منذ الـ21 من كانون الأول/ ديسمبر 2012 الماضي، تظاهرات يشارك فيها عشرات الآلاف وجاءت على خلفية اعتقال عناصر من حماية وزير المال القيادي في القائمة العراقية رافع العيساوي، وذلك تنديداً بسياسة رئيس الحكومة نوري المالكي، والمطالبة بوقف الانتهاكات ضد المعتقلين والمعتقلات، وإطلاق سراحهم، وإلغاء قانوني المساءلة والعدالة ومكافحة الإرهاب، وتشريع قانون العفو العام، وتعديل مسار العملية السياسية وإنهاء سياسة الإقصاء والتهميش وتحقيق التوازن في مؤسسات الدولة.
و من جانبه قال  الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية العراقية عدنان الأسدي على هامش المؤتمر لـ" العرب اليوم"  "إن المؤتمر عقد لنقول للمتظاهرين من أبنائنا عبر شيوخ عشائرهم كفاكم تظاهرًا وقد  وصلت أصواتكم ووصلت مطالبكم إلى الحكومة وسوف يتم تنفيذ ما يتفق منها مع الدستور".
ودعا الاسدي شيوخ العشائر إلى "التدخل لوقف التظاهرات التي تشهدها البلاد كون استمرارها ينتج عنه تدخل الإرهابيين بين صفوفهم واستغلال الظرف لإذكاء الفتنه  والكل يخسر، وأكد الاسدي أن "هناك معلومات استخباراتية تؤكد اختراق التظاهرات من قبل إرهابيين، وتم إلقاء القبض على بعضهم وبحوزتهم أسلحة كاتمة وقنابل صوتية وقنابل معدة للتفجير بعد التظاهرات فنحن نخشى من هكذا تظاهرات وتجمعات أن تخترق من قبل الإرهابيين"، فيما أشار أن "الحكومة عليها أن تنفذ المطالب المشروعة للمتظاهرين"، مستدركًا بالقول "أما المطالب التي سمعناها بإسقاط الحكومة فهي مرفوضة "
من جانبه، دعا أمير قبائل الدليم ماجد العلي السليمان، في كلمة له خلال المؤتمر المرجعيات الدينية إلى إصدار "فتوى تحرم القتال" بين السنة والشيعة، وفي حين طالب الحكومة بتلبية مطالب المتظاهرين "الدستورية منها"، اتهم بعض السياسيين بـ"افتعال" الأزمات.
واعتبر السليمان في كلمته  إن "الحكومة أخطأت في فهم رسائل المتظاهرين لأنهم لا يطالبون بإطلاق سراح المجرمين ولا الإرهابيين بل بالأبرياء وضحايا المخبر السري".
وأضاف السليمان، أن "المتظاهرين يريدون تحقيق أشياءً ملموسة كي تتوقف التظاهرات والاعتصامات"، معرباً عن أمله بأن "تصل اللجنة الحكومية التي شكلت للوقوف عل مطالب المتظاهرين إلى نتائج إيجابية خلال الأيام القليلة المقبلة".
وبين السليمان   "إن العراق  يواجه مؤامرات خارجية تهدف لإثارة الفتنة بين مكوناته"، داعيا المرجعيات الدينية إلى "إصدار فتوى تحرم القتال بين السنة والشيعة".
وأشار السليمان أن "التظاهرات التي تشهدها محافظة الأنبار تهدف للمطالبة بحقوق الشعب العراقي"، مطالبا الحكومة العراقية بـ"تلبية المطالبة الدستورية والمشروعة منها، لقطع الطريق أمام المتربصين الذين يسعون إلى تفرقة الشعب العراقي".
واتهم السليمان "بعض السياسيين بافتعال الأزمات وتصديرها عبر وسائل الإعلام لدفع الناس إلى إثارة الفوضى، لتحقيق الأجندات الخارجية التي يعملون بها"، مطالبا رؤساء القبائل بـ"العمل على وحدة العراق ونبذ الفتنة الطائفية".
وعلى صعيد آخر وزعت وزارة الداخلية العراقية خلال المؤتمر استمارات خاصة  تسمح لحاملها بحيازة وحمل السلاح وتم توزيع الاستمارات لأكثر من 150 من شيوخ العشائر بينهم من الأنبار والموصل وكركوك.
وفي الشأن ذاته أعلنت اللجان المنظمة لتظاهرات الأنبار، عدم  وجود مطالبات بين المتظاهرين بإقامة إقليم للمحافظة، وأكدت أن ما "يشاع" عن هذا الموضوع هو مجرد "بيانات فردية" لا يسمح بها.
وقال المتحدث الرسمي باسم المتظاهرين سعيد اللافي لـ "العرب اليوم"  "إن "المتظاهرين لا يريدون تقسيم العراق ولا يطالبون بالإقليم وإنما يطالبون بتنفيذ مطالبهم".
وأضاف اللافي أن "فكرة إقامة إقليم في الأنبار غير مطروحة من قبل المتظاهرين حتى في حالة عدم الاستجابة لمطالبنا، وأن كانت هناك بيانات فردية تدلي بتصريحات من داخل ساحة الاعتصام فهذا غير مقبول ولا يمكن أن نسمح لأي احد ان يطالب بالأقاليم في داخل الساحة".
وأضاف اللافي أن "ساحة الاعتصام كبيرة وفيها توجهات كثيرة وهناك كثيرين يحاولون أن يركبوا الموجة"، مؤكدا أن "فكرة إقامة إقليم في الأنبار لم تطرح أبدا والخيارات كلها مفتوحة من قبل المتظاهرين في ساحة العزة والكرامة إلى الحكومة المركزية في بغداد لتنفيذ مطالبهم".
وكانت اللجنة الإعلامية في داخل ساحة الاعتصام نشرت مقالا بعنوان "الإقليم لمنع التقسيم"، طالبت فيه بتشكيل إقليم للأنبار كحل وحيد "لقضية" المتظاهرين ومنع "تقسيم العراق".
هذا ووزع على المتظاهرين بيانًا وقع من قبل اللجنة الإعلامية للتظاهرات جاء فيه أن استقر في الأذهان كلمة عراق موحد يرددها الجميع وكأنها لسان ناطق في كل فم مع أن (كلمة عراق موحد) لم تكن موجودة في قواميس العراقيين ولم ينطقوا بها سابقا فالعراق سابقا كان واحدا وليس موحدا "، مضيفا أن "من الطبيعي أن يتم إنتاج المصطلحات حسب الحاجة وما يقتضيه الواقع وكأننا نقول بملء فينا أن العراق ليس واحدا وهذا صحيح بنظر كل عراقي فالذي جرى ويجري من تهميش وإقصاء وظلم واجتثاث لأهل السنة والجماعة كل هذا يستدعي منا أن نفتش عن حل لعراق موحد (لا واحد ولا مقسم(، وبالتالي نستنتج أن الإقليم حل لان يبقى العراق موحدا وإلا فالتقسيم هو النتيجة المتوقعة إذا بقيت الطائفية وحكم الطائفة".
وهاجم عشرات من المتظاهرين المؤيدين للمالكي خلال الأيام الماضية  التظاهرات التي تشهدها المحافظات الغربية عادين أن  "مواقف المالكي هي التي أعادت الأمان إلى العراق بعد العنف الطائفي الذي مر به خلال السنوات الماضية"، داعين المتظاهرين في المحافظات الغربية إلى "إيقاف الشعارات واللافتات الطائفية وعدم الانجرار وراء البعثيين والإرهابيين، لأن العراق لن يشهد ربيعا عراقيا أو عربيا".
وقوبلت التظاهرات المؤيدة للحكومة التي نظمت بشكل متقطع على مدى الأسبوعين الماضيين في محافظات الوسط والجنوب وبغداد وآخرها في ساحة التحرير برفض من قبل الأحزاب الشيعية نفسها، خصوصا من التيار الصدري وحزب المؤتمر الوطني اللذين وصفا تلك التظاهرات بأنها "مدفوعة الثمن" واتهموا حزب رئيس الحكومة باستغلال مؤسسات الدولة ومنتسبيها في تلك التظاهرات خصوصا وان وزير المصالحة الوطنية عامر الخزاعي كان قاد مؤيدة للمالكي علنا في13 كانون الثاني/ يناير 2013 في منطقة الجادرية في بغداد.
ويظهر المتظاهرون في المناطق الغربية الذين تظاهروا في جمعة (لا تخادع) بمئات الآلاف انعداما تاما للثقة بإجراءات الحكومة لتلبية مطالبهم، ويؤكدون أن التظاهرات التي يسيرها المالكي ضدهم ما هي إلا دليل على ذلك.
وكانت جهات حكومية وسياسية عديدة انتقدت مطالبة المتظاهرين إطلاق سراح المعتقلين كافة، وعدتها محاولة للإفراج عن "المجرمين" والذين "تلطخت أيديهم بدماء العراقيين"، قبل أن تعود الجهات المشرفة على التظاهرات والاعتصامات لاسيما في الأنبار وصلاح الدين، بتوضيح موقفها، مؤكدة أن المقصود بذلك هم الآلاف من الأبرياء الذين انتزعت اعترافاتهم بالإكراه والتعذيب، أو من خلال "وشاية" المخبر السري، وأولئك الذين يقبعون في السجون والمعتقلات منذ سنوات طويلة من دون محاكمة، أو الذين أخذوا نيابة عن ذويهم وأقاربهن.  
وفي محاولة لتدارك الأزمة دعا رئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري في الـ15 من كانون الثاني 2013، إلى لقاء وطني، اتفق المشاركون فيه على اعتماد الحوار كأساس في حل المشاكل التي تعاني منها البلاد، وفي حين أكدوا تشكيل لجنة مشتركة للتنسيق مع الحكومة بشأن المعتقلين في السجون ومعالجة باقي مطالب المتظاهرين، بينوا أن اجتماعا آخر سيعقد في غضون أيام لاستكمال الحوار.