محتجون يمنيون يهتفون بشعارات في تظاهرة في الذكرى الثانية لجمعة الكرامة في صنعاء
صنعاء ـ علي ربيع
لقي ناشط يمني من أنصار المعارضة اليمنية الجنوبية، حتفه، الاثنين، في حضرموت(شرق اليمن) أثناء مواجهات بين قوات الأمن ومعارضين من"الحراك الجنوبي" الذين يرفضون المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني الذي بدأ أعماله الاثنين في العاصمة صنعاء، ويتمسكون بالانفصال عن شمال اليمن. وأكدت
مصادر محلية في حضرموت (شرق اليمن)أن ناشطًا جنوبيًا لقي حتفه، في مدينة "تريم" خلال مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين انفصاليين معارضين للحوار الوطني، ومنددين بالقيادات الجنوبية التي وافقت على المشاركة فيه".
من جهته اعترف الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، في كلمة له ألقاها، صباح الاثنين، في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الحوار الوطني في دار الرئاسة بالعاصمة صنعاء، بفشل القيادات السياسية التي تعاقبت على حكم اليمن في العقود الماضية، وقال إن "أي تفكير لفرض أي تصور بالقوة المسلحة لن يقود إلا إلى فشل ذريع وأخطاء كارثية ودمار كبير". على حد قوله.
وظهر الرئيس اليمني أكثر ثقةً خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، التي قاطعها نحو عشرة أعضاء أغلبهم جنوبيون، ودعا اليمنيين إلى تناسي جراحاتهم والتأسيس لصفحة جديدة، وقال"عليكم فتح صفحة بيضاء بقلوب مخلصة، وترك مكايد السياسة خارج قاعات الحوار، وتمسكوا بنبل شباب اليمن الأطهار الذين انطلقوا في مختلف الساحات في البلاد ليعبروا عن نيتهم الصادقة في بناء دولة مدنية".
وحضر الجلسة الافتتاحية قبل نهايتها بوقت قصير، أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج الدكتور عبداللطيف الزياني، بالإضافة إلى ممثل عن الأمين العام للجامعة العربية، ومستشار الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن جمال بنعمر، وسفراء الدول العشر الراعية للعملية الانتقالية في اليمن.
وغاب عن جلسة الافتتاح رئيس مجلس الوزراء اليمني محمد سالم باسندوة، وسط أنباء تحدثت عن تضامنه مع الزعيم القبلي ورجل الأعمال حميد الأحمر الذي كان أعلن في وقت سابق، مقاطعته لمؤتمر الحوار، كما غابت الناشطة توكل كرمان الحائزة على جائزة نوبل للسلام، بعد أن أعلنت عدم مشاركتها في الحوار، احتجاجًا منها على عدم تمثيل "شباب الثورة" وعدم توحيد الجيش، بحسب قولها على صفحتها في "فيسبوك".
وأشار الرئيس اليمني إلى أن حل "القضية الجنوبية" سيقود إلى صياغة عقد اجتماعي جديد. وخاطب أعضاء الحوار بالقول: "نريد منكم دستورًا يخرجنا من كل ذلك، ويكفل لأبنائنا وأحفادنا أسس المعيشة الإنسانية الراقية".
ويصادف يوم انطلاق الحوار اليمني الذكرى الثانية لما عرف بـ"مجزرة جمعة الكرامة" التي قتل فيها نحو 50 شابًا برصاص قناصة موالين لنظام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وهي التي اعتبر هادي، يوم حدوثها يومًا فارقًا باتجاه التغيير في بلاده وقال" كان يومًا فارقًا في ملحمة التغيير اليمانية، باستشهاد ذلك العدد الكبير من شباب اليمن الطاهر، ذلك الحدث الذي زلزل ضمير اليمنيين جميعًا، والعالم كله، فكانت البذرة الأولى للحل السياسي المعروف بالمبادرة الخليجية الناتجة عن ذلك اليوم الدامي".
وحث هادي أعضاء الحوار اليمني على إنجاحه، باعتبار ذلك هو الخيار الوحيد، وقال مخاطبًا لهم:"إنَّ شعبنا قادر على عمل المعجزات إذا تغلبتم على النوازع الصغيرة والمصالح الضيقة وقررتم تخليد أسمائكم ليس فقط في ذاكرة أجيالنا القادمة بل في ذاكرة العالم كله أيضا باقتناعكم الكامل بأن هذا المؤتمر الوطني الكبير ليس أمامه سوى خيار واحد هو خيار النجاح والنجاح فقط وبذلك ستتجاوزن تعقيدات الماضي وعاداته الأسيرة وأساليبه الجامدة".
وكان الرئيس هادي أصدر في وقت متأخر من مساء السبت، قرارًا رئاسيًا بتشكيل رئاسة مؤتمر الحوار، قضى بتعيين نفسه رئيسًا، وإلى جانبه ستة نواب من توجهات سياسية مختلفة، هم عبدالكريم الإرياني، (المؤتمر الشعبي)، ياسين سعيد نعمان(الاشتراكي)، عبدالوهاب الآنسي (الاصلاح)، أحمدالصريمة (الحراك الجنوبي)، سلطان العتواني(الناصري)، وصالح هبرة(جماعة الحوثي).
وغاب صالح هبرة عن الجلسة الافتتاحية، وظل مقعده في المنصة الرئيسية شاغرًا، وقال مصدر مقرب من جماعة الحوثي(أنصار الله) لـ"العرب اليوم"إن تغيب هبرة عن جلسة الحوار الوطني الأولى يأتي ضمن سياسة "أنصار الله" التي تقضي بمقاطعة أي فعالية يحضرها السفير الأميركي في صنعاء".
من جهته قال الزياني في كلمة مقتضبة " لقد حرصت على المشاركة في افتتاح أعمال مؤتمر الحوار الوطني الشامل رغم الظروف الفنية التي أعاقت وصولي في الوقت المناسب، حرصا مني على أن أكون معكم".
من جانبه، أشار مستشار الأمين العام للأمم المتحدة، ومبعوثه إلى اليمن جمال بنعمر إلى فرادة نقل تجربة السلطة في اليمن، وقال"إنه ورغم رياح التغيير العاتية التي هبت على المنطقة بأسرها، فـإن اليمن يشكل الحالة الوحيدة التي تحقق فيها انتقال السلطة عبر عملية تفاوضية سلمية، تتضمن خطوات وإجراءات عدة تهدف إلى تغيير جذري، بإشراك مكونات جديدة بما فيها الشباب والنساء، وتعلى فيها قيم حقوق الإنسان والحكم الرشيد وسيادة القانون، وترسم إطارًا لمعالجة القضايا المستعصية في البلاد، وفي مقدمتها القضية الجنوبية، حيث توجد مظالم مشروعة ينبغي معالجتها، إلى جانب معالجة أسباب الحروب في صعدة التي خلفت جراحًا عميقة".
في السياق نفسه، احتشد الآلاف من أنصار"الحراك" الموالي لنائب الرئيس اليمني الاسبق علي سالم البيض، الاثنين، في أحد ميادين مدينة عدن (كبرى مدن الجنوب) ونظموا تظاهرة أسموها "القرار قرارنا" احتجاجًا على مشاركة بعض قوى "الحراك الجنوبي" في مؤتمر الحوار الوطني، وتأكيدا لرفضهم للحوار الوطني وتمسكهم بمطلب الانفصال عن شمال اليمن.
وفي العاصمة صنعاء، خرجت، تظاهرة حاشدة، نظمها "شباب الثورة"، إحياء لذكرى"مجزرة جمعة الكرامة"، وطالب المشاركون فيها بمحاكمة مرتكبيها، كما عبروا عن رفضهم للحوار الوطني إذا لم تحقق مخرجاته أهداف انتفاضتهم ضد نظام الرئيس السابق.
وتتواصل الثلاثاء جلسات الحوار اليمني، وسط تفاؤل بنجاحه،حيث يناقش المتحاورون الذين سيتوزعون على تسع فرق عمل، تسع قضايا تشمل القضية الجنوبية وقضية صعدة والقضايا ذات البعد الوطني ومنها قضية النازحين واسترداد الأموال والأراضي المنهوبة، فضلاً عن قضية المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية وبناء الدولة , والحكم الرشيد ، وأسس بناء الجيش والأمن ودورهما ، بالإضافة إلى استقلالية الهيئات ذات الخصوصية والحقوق والحريات.
إلى ذلك يناقش المشاركون خلال شهرين ونصف، هي المدة المقررة للحوار، قضايا تتعلق بالتنمية الشاملة والمستدامة، وقضايا اجتماعية وبيئية خاصة، بالإضافة إلى تشكيل لجنة لصياغة الدستور وإعداد الضمانات الخاصة بتنفيذ مخرجات الحوار.