نواكشوط - محمد أعبيدي شريف كشفت مصادر مطلعة في العاصمة نواكشوط لــ"لعرب اليوم"، الثلاثاء، أن السلطات الموريتانية ممثلة في أجهزتها الأمنية الموريتانية، تتواصل مع حركة أنصار الدين المقاتلة في إقليم أزواد شمال مالي، منذ نحو شهر، حيث يشرف على عمليات تنسيق اللقاءات بعض الموريتانيين المتنفذين والشخصيات التجارية الذين تربطهم علاقة كبيرة مع سكان الشمال، لسبب الحركة التجارية في المنطقة.
وأضافت المصادر أن تلك الاتصالات السرية تتم مع بعض القادة النافذين من حركة أنصار الدين المقاتلة، وأن السلطات الموريتانية تهدف من خلال تلك اللقاءات إلى وضع بعض مصالحها في سلات مختلفة مواكبة لتطورات الأوضاع على الميدان بعد قرار موريتانيا عدم الدخول في الحرب المترقبة في الشمال المالي، فيما يتوقع مراقبون أن يكون التحرك الموريتاني مدعوما من طرف الفرنسيين والجزائريين في إطار مساعي إقليمية لاحتواء أنصار الدين وفك ارتباطها بالقاعدة.
فيما عبرت العديد من الجمعيات والأحزاب السياسية المالية، مساء الاثنين، عن رفضها أي تفاوض مع جماعة أنصار الدين الإسلامية المسلحة والمتمردين الطوارق في الحركة الوطنية لتحرير أزواد، وهما المجموعتان اللتان يُفترض أن تبدأ محادثات مع السلطة في مالي برعاية بوركينا فاسو، كما رأى تحالف الديمقراطيين الوطنين في مالي، والذي يضم قرابة 20 حزبًا سياسيًا و10 جمعيات، أن الحركتين لا تمثلان طوارق شمال مالي، معبرا عن رفضه أي تفاوض مع الحركة الوطنية لتحرير أزواد وأنصار التي تدعو إلى فرض الشريعة، والتي قامت بجلد العديد من الشباب وقطع أيدي آخرين.
وتعتبر حركة أنصار الدين واحدة من الجماعات الجهادية التي تسيطر منذ 8 شهور على شمال مالي مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا، حيث أعلنت تلك الحركات سيطرتها على مناطق إدارية واسعة في الشمال هي كيدال وتمبكتو وغاو بين نهاية آذار/ مارس، ومطلع نيسان/ أبريل، بعد هجوم استمر حوالي 3 شهور مع حركة تحرير أزواد التي قام الإسلاميون بعد ذلك بطردها من المدن الكبرى.
كما يعمل الرئيس البركنابي بليز كومباوري على إعداد حل تفاوضي بالتزامن مع الاستعدادات لتدخل عسكري مسلح لطرد الاسلاميين المسلحين من شمال مالي، فيما قالت مصادر لوكالة الأنباء الفرنسية، إن وفدا من الحكومة المالية من ثلاثة مسؤولين بقيادة وزير الخارجية المالي تييمان كوليبالي، وصل إلى واغادوغو منذ، الأحد، وسيستقبله الرئيس، الثلاثاء، ليعرض عليه أجندة مباحثات مع حركتي الطوارق وأنصار الدين، كما أكدت المصادر ذاتها أن ممثلين عن أنصار الدين قادمين من الجزائر، وعن حركة أزواد قادمين من موريتانيا، سيصلون للمشاركة في اللقاء.
كما ذكرت بعض التقارير الواردة من الشمال أن المتمردين في مالي حققوا تقدماً غير مسبوق باستيلائهم على مناطق شاسعة في الشمال، وهو ما تجلى في ارتفاع أعداد النازحين في اتجاه الجنوب، وأصبحت مدينة موبتي المالية شبه خالية من السكان خوفاً من تقدم المسلحين المتشددين.
ويرى المراقبون أن انهيار دولة مالي يشكل كابوساً حقيقياً للقارة السمراء، حيث أصبحت العديد من تلك المناطق تخضع لقوانين أكثر تشدداً وملاذاً لكثير من المتشددين وحتى تجار المخدرات، إذ تعتبر مالي إحدى محطات التهريب إلى الشمال، وقبل أن تتخذ الأسرة الدولية قرارات سريعة وإجراءات حاسمة لوقف التدهور الأمني في منطقة الساحل، لا زالت الأنظار تنتظر قرار مجلس الأمن يوم 15 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، كي يحسم عملية التدخل التي تستعد دول غرب أفريقيا لإرسال نحو 3000 جندي إلى منطقة النزاع.
يذكر أن كلا من الجزائر وموريتانيا رفضتا المشاركة في أي حل عسكري للنزاع، وتخشى بلدان المنطقة من انتقال الصراع إلى حدودها، ويبدو أن مصير شمال مالي لم يتحدد بعد في غياب نظرة شاملة لعمق الأزمة في هذا البلد الذي شهد انقلابا عسكريا على الرئيس توماني توري لتتمركز الجماعات الجهادية في شماله وتفرض سيطرتها عليه