دمشق ـ جورج الشامي كشف تقرير صادر عن الأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من 93 ألف شخص قُتلوا منذ بداية النزاع في سورية، وسط قلق دولي من تكرار ما حدث في بلدة القصير من إراقة للدماء في حلب، فيما أعلنت إسرائيل أنها ستنظر في إمكان المشاركة في "جنيف2"، تزامنًا مع قرار الإدارة الأميركية، باستثناء المعارضة السورية من العقوبات المفروضة على حكومة دمشق، في ما يبدو خطوة نحو إمداد المعارضة بالسلاح.
وأعلنت الأمم المتحدة، في تقرير لها، أن أكثر من 93 ألف شخص بينهم 6500 طفل على الأقل، قتلوا منذ بداية النزاع في سورية، وأنها تخشى أن يتكرر ما حدث في بلدة القصير السورية من إراقة للدماء في مدينة حلب، مما يقوض محاولات التفاوض من أجل السلام، مشيرة إلى ارتفاع كبير في عدد القتلى كل شهر، حيث قُتل أكثر من 5 آلاف شخص شهريًا منذ يوليو/تموز الماضي، وأن ريف دمشق وحلب سجلا أكبر عدد من القتلى منذ نوفمبر/تشرين الثاني.
وقالت المفوضة العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي، الخميس، "أدعو الطرفين إلى إعلان وقف فوري لإطلاق النار، قبل أن يقتل أو يجرح آلاف آخرون، فالمجازر مستمرة على مستويات كبيرة، ويسجل أكثر من 5 آلاف وفاة كل شهر منذ يوليو/تموز، و27 ألفًا آخرين منذ الأول من ديسمبر/كانون الأول، والعدد الحقيقي للقتلى قد يكون أكبر من ذلك بكثير، وسجل العدد الأكبر من القتلى في ريف دمشق (17 الفاً و800) وحمص (16 الفاً و400) ومناطق حلب (11 الفاً و900) وإدلب (عشرة آلاف و300) ودرعا (8600) وحماة (8100) ودمشق (6400) ودير الزور (5700)".
وأضافت بيلاي، لتلفزيون "رويترز"، أنها "تخشى أن يتكرر ما حدث في بلدة القصير السورية من إراقة للدماء في مدينة حلب مما يقوض محاولات التفاوض من أجل السلام، وكل التقارير التي أتلقاها هي عن زيادة الموارد والقوات من جانب الحكومة، وهذا ليس بسيناريو أو مسرحًا مناسبًا للتفاوض في هذه المرحلة، فهل تبدأ التفاوض مع أناس عازمين على الخروج كمنتصرين من صراع سمته العنف، كما أن أعمار الضحايا غير معروفة في غالبية الحالات، لكن الأمم المتحدة تمكنت من توثيق 6561 قاصرًا على الأقل بينهم 1729 طفلاً تقل أعمارهم عن العشر سنوات".
واتهم تقرير للأمم المتحدة، قوات الحكومة السورية ومقاتلي المعارضة، بتجنيد الأطفال في الحرب التي تشهدها البلاد منذ أكثر من عامين، وجاء فيه أن بعض الأطفال تعرضوا للتعذيب على أيدي قوات الحكومة لاتهامهم بأن لهم صلات بالمعارضة..
وذكر التقرير، الذي صدر الأربعاء بعد أن زارت، المبعوثة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن الأطفال والصراع المسلح ليلى زروقي سورية في كانون الأول /ديسمبر الماضي، ان آلاف الأطفال (أقل من 18 عاما) في سورية قتلوا في العنف "في حين شاهد آلاف آخرون أفراداً من عائلاتهم وهم يقتلون أو يصابون."
وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إن التعذيب وانتهاكات حقوق الأطفال المتهمين بأن لهم صلات بمقاتلي المعارضة يمثل اتجاهاً يبعث على الانزعاج، وأن هناك عدد من الروايات عن عنف جنسي ضد صبية للحصول على معلومات أو اعتراف من جانب قوات الدولة وهم في معظمهم أعضاء في أجهزة مخابرات الدولة والقوات المسلحة السورية لكن لا يقتصر ذلك عليهما، موضحًا أن "الأطفال المعتقلون عانوا أساليب للتعذيب مشابهة أو مطابقة لتلك التي يتعرض لها البالغون بما في ذلك الصدمات الكهربائية والضرب المبرح واتخاذ أوضاع مهينة وتهديدات أو أفعال للتعذيب الجنسي."
وأضاف التقرير أن جماعات المعارضة المسلحة، بما في ذلك الجيش السوري الحر، متهمة أيضاً باستخدام أطفال تتراوح أعمارهم في العادة من 15 إلى 17 عاماً في القتال وفي القيام بأدوار لمساندة المقاتلين مثل نقل الأغذية والمياه وتعبئة خراطيش الذخائر، مشيرًا إلى أن الحكومة السورية والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أكدا أنهما ملتزمان بالعمل مع الأمم المتحدة لوقف انتهاكات حقوق الأطفال.
 وأعلن نائب وزير الخارجية الإسرائيلي زئيف ألكين، في مؤتمر صحافي في موسكو، أن بلاده ستنظر في إمكان المشاركة في مؤتمر "جنيف 2"، في حال استلامها دعوة للمشاركة، إلا أن إسرائيل لا ترى جدوى من مشاركتها، بحسب قوله.
وقال ألكين، "لا أعرف كيف يمكن لإسرائيل أن تساهم في العملية، لسنا على اتصال بأي من جانبي النزاع في سورية، ولا تتدخل إسرائيل في النزاع الدائر في سورية، ولا تدعم المعارضة هناك"، مشيرًا إلى أن "إسرائيل قلقة من القتال الدائر في سورية، واحتمال زعزعة الوضع في كل المنطقة، نظرًا إلى ارتباط المقاتلين المعارضين في سورية بتنظيم (القاعدة)، إلا أنها لا تدعم نظام الأسد ولها اعتراضات كثيرة عليه".
وامتنع نائب وزير الخارجية الإسرائيلي عن الحديث عن آفاق انتصار أحد الجانبين في النزاع، وأضاف أن "إسرائيل قلقة جدًا بشأن تسليم صواريخ (إس - 300) الروسية إلى سورية، لأنها قد تصل إلى جهات أخرى، وأن الأسلحة، التي يمكن اعتبارها في روسيا دفاعية، تتحول إلى هجومية في الشرق الأوسط، وأن نشر مثل هذه الصواريخ في دمشق يعني إمكان إسقاط أية طائرة في المجال الجوي الإسرائيلي، وأن مسألة نشر قوات روسية في منطقة الجولان غير حيوية، لأن الوضع القانوني لا يسمح بذلك"، فيما بحث ألكين خلال زيارته إلى موسكو، إيجابيات وسلبيات نشر قوات روسية، وكذلك الأطر القانونية المحددة لنشر هذه القوات.
وقررت الإدارة الأميركية، الأربعاء، استثناء المعارضة السورية من العقوبات المفروضة على النظام السوري، في ما يبدو خطوة نحو إمداد المعارضة بالسلاح، حيث أعلنت واشنطن أن تخفيف عقوباتها التجارية ضد سورية لا يشمل إلا المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة، وبموجب هذه الإجراءات الجديدة، فإنه سيكون بإمكان الصناعيين الأميركيين، حالة بحالة، الحصول على تراخيص لتصدير معدات تهدف إلى "تسهيل إعادة إعمار المناطق المحررة"، بحسب ما ذكرت الخارجية الأميركية في بيان.
وقد التقى وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الأربعاء، في واشنطن نظيره البريطاني وليام هيغ، وبحث معه الوضع في سورية في وقت تجهز الولايات المتحدة لعقد مؤتمر "جنيف 2". وقال هيغ في ختام الاجتماع إن على بريطانيا أن تكون "مستعدة للقيام بالمزيد" مع حلفائها لإنقاذ الأرواح في سورية.
وصرح هيغ في مؤتمر صحافي مشترك مع كيري بأن بريطانيا "تعتقد أن الوضع بات يفرض مقاربة قوية منسقة وحازمة من قبلنا ومن قبل حلفائنا، وأن التطور الحالي للوضع على الأرض لا يساعدنا على إبراز حل سياسي ودبلوماسي"، لافتًا إلى أن "هذا النظام سيكون على الأرجح أقل استعدادا لتقديم تنازلات كافية خلال هذه المفاوضات وبات إقناع المعارضة بالمشاركة في المفاوضات أمرا أكثر صعوبة".
ووصف وزير الخارجية البريطاني الحرب في سورية، بأنها "الأزمة الأشد إلحاحًا في العالم اليوم"، محذرًا من أن الحكومة السورية "يبدو أنها تستعد لهجمات جديدة تضع في خطر أرواحًا بشرية وأمن مئات السوريين الذين ينقصهم كل شيء".
وتريد لندن وباريس تسليم أسلحة للمتمردين السوريين، ودفعتا الاتحاد الأوروبي إلى رفع حظره، في حين تكتفي الولايات المتحدة حتى الآن بتقديم مساعدات غير قتالية بقيمة 250 مليون دولار.
وجاء هذا اللقاء بين البلدين الحليفين في وقت طلب فيه الرئيس باراك أوباما هذا الأسبوع من "فريقه في مجلس الأمن القومي" في البيت الأبيض "درس الخيارات الممكنة كلها التي تسمح لنا بتحقيق أهدافنا لمساعدة المعارضة"، أي إرسال أسلحة للمعارضة، حسب ما ذكرت المتحدثة.
وتسعى المملكة المتحدة لاستثمار انعقاد قمة مجموعة الـ8 الأسبوع المقبل على أراضيها لمحاولة تقريب وجهات النظر بشأن سورية وحث طرفي الصراع السوري على حضور مؤتمر السلام المزمع عقده في مدينة جنيف السويسرية الشهر المقبل. وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، في هذا الصدد، أمام مجلس العموم البريطاني "علينا أن نستغل قمة الثماني لمحاولة الضغط على الأطراف كلها لعقد مؤتمر سلام واتخاذ خطوة نحو تشكيل حكومة انتقالية في سورية". وأضاف كاميرون أنه سيستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأحد المقبل لإجراء محادثات بشأن سورية قبل القمة التي تعقد في أيرلندا الشمالية.
وتجتهد واشنطن في مساعيها لعقد مؤتمر "جنيف 2" الذي كان قد تم الاتفاق عليه مع موسكو والأمم المتحدة، ويجب أن يجمع على الطاولة نفسها ممثلين عن دمشق والمعارضة.
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الأربعاء لقناة "فرانس 2" التلفزيونية إنه "علينا أن نوقف هذا التقدم قبل حلب. هذا هو الهدف التالي لحزب الله والإيرانيين. ويجب أن نمنع هذا لأنه إذا لم تتم استعادة التوازن في الوضع على الأرض فإنه لن يكون هناك مؤتمر في جنيف. لن توافق المعارضة على الحضور". وأضاف أن باريس ستحترم اتفاقا داخل الاتحاد الأوروبي على عدم تسليح مقاتلي المعارضة قبل الأول من آب/أغسطس المقبل، مؤكدا أنه "لا أحد يتحدث عن إرسال جنود على الأرض ولكن يجب أن يتمكن مقاتلو المقاومة من الدفاع عن أنفسهم".
وأفادت مصادر في المعارضة السورية، الأربعاء، أن الجامعة العربية من جانب، و"الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" من جانب آخر، يبحثان تداعيات المعارك في سورية، في وقت علمت فيه صحيفة "الشرق الأوسط" أن المبعوث العربي الأممي المشترك بشأن الأزمة السورية الأخضر الإبراهيمي، والموجود حالياً في القاهرة، التقى الرئيس السابق للائتلاف السوري المعارض، الشيخ معاذ الخطيب، الأربعاء.
  ولكن المصادر لم تفصح عن فحوى اللقاء بين الجانبين واكتفت بالإشارة إلى أنهما تناولا المؤتمر الدولي المزمع عقده بشأن سورية، وكذلك مخاطر وتداعيات المعارك الدائرة بين نظام الرئيس بشار الأسد وقوات المعارضة حالياً، بالإضافة إلى موضوع التدخلات الخارجية.
  وقال القيادي في الائتلاف السوري، هيثم المالح، لـ"الشرق الأوسط" إن الهيئة السياسية للمعارضة ستعقد اجتماعاً لها في القاهرة قريباً،
ومن المعروف أن الهيئة تضم كلاً من رئيس الائتلاف ونوابه والأمين العام و6 شخصيات أخرى.
وأضاف المالح "تجرى مشاورات بين الجامعة العربية والائتلاف لبحث وتقييم الموقف في سورية على الجبهات كافة، وأفاد بأن الجامعة ليس لديها مانع من استضافة اجتماعات "الهيئة العامة للثورة السورية" التي تضم 50 شخصية من قوى الحراك الثوري المختلف، ورداً على سؤال عن تأجيل انعقاد مؤتمر "الهيئة العامة للثورة السورية"، أوضح المالح أن بعض الشخصيات ليست لديها جوازات سفر للخروج من سورية، ومن ثم قد يكون الاتجاه عقد الاجتماع في إسطنبول بدلاً من القاهرة، وبعد قرابة أسبوع أو 10 أيام من الآن.
وعما أعلنه وزير الخارجية المصري، محمد كامل عمرو، من دعم للمعارضة، قال المالح "قدمنا للخارجية المصرية عدداً من المطالب الداعمة لنا، من بينها الحصول على مكاتب في مراكز ومنافذ الوصول للسوريين في مصر، سواء عبر الطرق البرية أو البحرية أو الجوية، لاستقبال السوريين (النازحين من بلادهم)". وأضاف قائلاً "أتوقع أن توافق الخارجية المصرية على الطلب".
وعن الدعم المتوقع من المجتمع الدولي خلال الفترة المقبلة، قال المالح إنه "لا يوجد مجتمع دولي"، و"كنا ننتظر من واشنطن والدول الغربية سحب السفراء من سورية احتجاجاً على حروب الأسد ولم يحدث أي تجاوب". وتساءل "ماذا ننتظر منهم إذا كانوا قد خذلونا في الدعم الدبلوماسي، وكذلك بالنسبة لموسكو التي تدعم نظام الأسد بالسلاح والدعم اللوجيستي لقتل الشعب السوري ماذا ننتظر منها"، مشيراً إلى أنه "حتى إيران التي تشارك في سورية بحرب طائفية، لم يمنعها أحد من ذلك".