عناصر من الأمن على سطح أحد المباني
واشنطن ـ يوسف مكي
اعتبر المحللون السياسيون، أن "تأكيدات مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية جون برينان، في جلسات الاستماع، عن هجمات الطائرات من دون طيار ضد الإسلاميين المتطرفين، جاءت بمثابة آخر تذكير لثقافة الموت التي تجتاح المؤسسة الأمنية الأميركية، وأن نقطة التركيز الوحيدة في الجلسات هي قضية
الحب المستمر لعمليات الاغتيالات المستهدفة التي أُجريت من خلال تلك الهجمات".
وقال برينان "بدلاً من الدخول في نقاش حقيقي حول فعالية هذه الاغتيالات كعنصر من عناصر إستراتيجية مكافحة الإرهاب، سمعنا أصوات الجمهوريين الذين لا يرون حرجًا مع الدولة التي تضع قوائم اغتيال شهرية، أما الديمقراطيون فهم يشعرون بالقلق إزاء قضايا الحقوق المدنية، ويريدون من القضاة مراجعة الحكومة التي تقترح عمليات اغتيال كل شهر، وللأسف هذا أحدث مثال على خلط المؤسسة الأمنية الوطنية بين الاثنين، وأن الولايات المتحدة شهدت استبدال تكتيكات إستراتيجية خلال العقود الماضية، حيث قدم عدد من القادة العسكريين والمدنيين قوائم بفوائد (إستراتيجية مكافحة التمرد)، على أنها منهج صحيح لحروبها في العراق وأفغانستان، وحتى الآن فإن مكافحة التمرد ليست أكثر من تكتيكات في ميدان المعركة التي فشلت في معظمها الجيوش الغربية فشلاً ذريعًا خلال القرن الماضي، لذلك فهي ليست إستراتيجية، وأن قتل الإرهابيين بأي وسيلة يعتبر أيضًا نوع من التكتيكات الأميركية متنكرة على هيئة إستراتيجية مثل مكافحة التمرد، وأن تركيز واشنطن على اغتيال إرهابي مشتبه به أو الأعداء بصواريخ (هيلفاير) من الجو ومواجهات من قبل القوات الخاصة على الأرض، يعكس نهجًا محددًا لمكافحة الإرهاب، معروف باسم (قطع رأس القيادة)".
وأضاف مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية أنه "بغض النظر عن القضايا المعنوية والأخلاقية المتعلقة بالاغتيالات لأشخاص من دون إتباع الإجراءات القانونية، فلا تزال القضية الأوسع هي الإستراتيجية، فلا يمكننا قتل طريقنا للخروج من الخلافات مع متشددين إسلاميين، وهم حاليًا الطرف المتلقي لصواريخ (هيلفاير)، وستبقى هذه المشكلات إلى أن يتم التوصل إلى تسوية سياسية أو سنكون جميعًا في عداد الأموات، لأننا لا يمكن قتلهم جميعًا، وستستمر الحرب، وإن (قطع رأس القيادة) هي إستراتيجية حرب لا تنتهي أبدًا، وقد تكون مفيدة لأغراض سياسية في بعض الأوساط في الولايات المتحدة كما هو الحال في إسرائيل، ولكنها لا تزال إستراتيجية رهيبة، ونحن بذلك نلعب لعبة خطيرة قد تزيد التهديدات على وطننا، وللأسف لا يوجد حل عسكري للمشكلة السياسية مع عنف المتطرفين، بل هو مربع تم إدراجه في حفرة مستديرة، وتنظيم (القاعدة) يمثل التشدد في جميع أنحاء العالم الإسلامي، والاحتجاج العنيف ضد الحداثة التي لا تريدها قاعدة عريضة من الدعم السياسي الشعبي، لذلك علينا أن نترك (القاعدة) تموت الموت الطبيعي، لأن إطالة التدخل الأميركي العسكري في العالم النامي، يُقوي هياكل المتشددين الذين يحتمون تحت شعار المقاومة".
وأفادت صحيفة "غارديان" البريطانية، أن "إستراتيجية (قطع رأس القيادة) تتسم بقصر النظر، ومحكوم عليها بالفشل في نهاية المطاف، ويمكن أن تزيد في الواقع من التهديدات التي تتعرض لها الولايات المتحدة، ولكن ما هو الدليل على دعم هذه الإستراتيجية؟ والجواب موجود في الحرب غير النظامية تقريبًا التي قامت بها جيوش الاحتلال على مدى القرن الماضي، مثل احتلال فرنسا للجزائر، واحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، واغتالت بشكل روتيني خصومها في محاولتها العقيمة لمنع وقوع هجمات إرهابية على مدى السنوات الـ 60 الماضية، وفي العصر الحديث تعتبر الولايات المتحدة أكبر دولة في العصر الحديث تمارس تلك الإستراتيجية، فقد نفذت الولايات المتحدة تكتيك (قطع رأس القيادة) على نطاق واسع في أفغانستان على مدى السنوات الثلاث الأخيرة، تحت قيادة عسكرية للجنرال ستانلي ماكريستال ثم خلفه ديفيد بترايوس، وأطلقت كل منهما قيادة العمليات الخاصة المشتركة (JSOC) في أفغانستان، تمامًا كما فعلوا في العراق، وفي العراق خلال عامي 2007 و 2008، قتلت JSOC الكثير من العراقيين، مما ساعد على تغطية التراجع الأميركي، كما قتلت فرق JSOC والمخابرات المركزية الكثير من عناصر (القاعدة) عن طريق عمليات الطائرات من دون طيار، ولكن هل استسلمت (طالبان)؟".