مخاوف من استخدام السلاح الكيميائي في سورية
دمشق،الجزائر ـ وكالات، حسين أبوصالح
ذكرت شبكة "شام" السورية المعارضة أن عدد القتلى، الأحد، في سورية بلغ 73 شخصًا، فيما وقعت اشتباكات، الأحد، في جنوب دمشق بين مقاتلين معارضين والقوات الحكومية السورية التي تحاول تأكيد سيطرتها على العاصمة، وعلى شريط عريض من حولها، في وقت تستمر العمليات العسكرية في ضواحي العاصمة ومناطق قريبة في ريفها
، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشطون، بينما نفى السفير السوري في الجزائر نمير وهيب الغانم، الأحد، ما تردد على لسان بعض المعارضين بشأن تقديمه طلب اللجوء السياسي إلى فرنسا، في الوقت الذي أطلقت أميركا فيه عملية سرية لإرسال الأسلحة لمن وصفتهم بـ "المتمردين السوريين" للمرة الأولى، في إطار تكثيف جهودها الرامية للإطاحة بحكومة الرئيس السوري بشار الأسد، تزامنًا مع إعلان مسؤول روسي، الأحد، أن بلاده تعلم بوجود السلاح الكيميائي في سورية، لكنه قال إن دمشق تعهدت لموسكو بعدم انتشاره.
ومن ناحيته، كشف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الأحد، أن لقاءً في جنيف سيجري، الأحد والإثنين، على مستوى نواب وزراء خارجية روسيا والولايات المتحدة بمشاركة المبعوث العربي والأمي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي.
وأفاد المرصد في بيان عن "اشتباكات بين القوات الحكومية ومقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة في حي القدم في مدينة دمشق"، مشيرًا إلى تعرض أحياء دمشق الجنوبية إلى القصف من القوات الحكومية.
وذكر أن محول الكهرباء في حي القابون في شرق العاصمة "انفجر إثر استهدافه بقذائف".
ويحاول المقاتلون المعارضون التقدم في اتجاه دمشق، إلا أن الحكومة تركز قواتها في المدينة لمنع تمدد المعارك اليها.
ونشر ناشطون شريط فيديو على موقع "يوتيوب" الإلكتروني يظهر فيه اندلاع حريق كبير في منطقة بورسعيد في حي القدم، بحسب ما يقول المصور الذي يضيف أن "الجيش الحر يضرب الحواجز في حي القدم".
ويسمع في الوقت نفسه أصوات رشقات رشاشة كثيفة. وسجل، بحسب المرصد، قصف من القوات النظامية على مدينتي داريا والمعضمية وبلدتي بيت سحم وعين ترما في ريف دمشق، بالتزامن مع اشتباكات تدور في المنطقة.
وفي محافظة إدلب (شمال غربي)، تدور اشتباكات في محيط معسكر وادي الضيف، الذي تحاول مجموعات مقاتلة معارضة الاستيلاء عليه منذ الاستيلاء على مدينة معرة النعمان الإستراتيجية القريبة في التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر. كما تعرضت مناطق عدة في ريف إدلب إلى القصف، الأحد، بحسب المرصد.
في حلب (شمال)، تقدم مقاتلون معارضون للحكومة السورية، الأحد، داخل قاعدة الشيخ سليمان العسكرية التي يحاصرونها منذ أسابيع، واستولوا على أربعة مراكز عسكرية، فيما فر عشرات الجنود الذين كانوا في هذه المراكز الى مركز للبحوث العلمية قريب، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان.
في محافظة حمص، نفذت طائرة حربية غارة جوية على أحياء حمص القديمة، بحسب ما ذكر المرصد.
وأظهر شريط فيديو نشره ناشطون على موقع "يوتيوب" على الإنترنت طائرة حربية تمر فوق ما قال المصور إنه حي جوبر في مدينة حمص مع قصف بالرشاشات وارتفاع اعمدة من الدخان الاسود.
وأحصى المرصد سقوط 101 قتيلاً في أعمال عنف في مناطق مختلفة من سورية، السبت.
تزامنًا، أكد السفير السوري في الجزائر في حوار مع صحيفة "الشروق" من مكتبه في مبنى السفارة على أن الأخبار المتداولة عارية من الصحة، ولا أساس لها، وأن عائلته لا تزال داخل سورية، بقوله "أنا في مكتبي، وكل ما نقلته بعض وسائل الإعلام المغرض غير صحيح. للأسف هذا الإعلام لم يمل من أسلوب الإشاعات المغرضة، واعتمد التضليل بدل الموضوعية. أفراد عائلتي ما زالوا في اللاذقية، وزوجتي في فرنسا باعتبارها دبلوماسية".
وعبر سفير سورية في الجزائر عن أسفه لما تلجأ إليه المعارضة من أساليب وصفها –بغير الأخلاقية- في تعاطيها مع الوضع في سورية، قائلاً "بعض الأشخاص المحسوبين على المعارضة لا يمثلون إلا أنفسهم، ورغم ذلك قلنا إن صدورنا مفتوحة لهم، ولكن للأسف لا هدف لهم إلا مصالحهم الشخصية، وليس سورية، وأنا قبل أن أصبح سفيرًا كنت نائبًا في البرلمان، ولا أنتمي إلى أي حزب، وهم من يدعون أنهم معارضة خدمتهم سورية أكثر مما يتصورون".
وكانت كشفت مصادر مقربة من "العرب اليوم" عن انشقاق السفير السوري في الجزائر وطلبه اللجوء إلى فرنسا، ومن جهته، تحدث الناطق الرسمي باسم تنسقية الثورة السورية في الجزائر إلى "العرب اليوم" عن إمكان اقدام السفير على الانشقاق، بعد التصريحات الاخيرة لوزير الخارجية الجزائرية الذى إلمح إلى أن بلاده لن تستقبل الأسد في حالة طلبه اللجوء، وهو ما يفهم أن السفير شعر بنهاية النظام السوري، وعجل في الانشقاق عنه.
وقد لوحظ قرب السفارة السورية تحرك غير مسبوق من قبل العاملين داخل السفارة.
وفي سياق آخر، ذكرت صحيفة "صندي تايمز"، الأحد، أن الولايات المتحدة أطلقت عملية سرية لإرسال الأسلحة لمن وصفتهم بـ "المتمردين السوريين" للمرة الأولى، في طار تكثيف جهودها الرامية للإطاحة بحكومة الرئيس بشار الأسد.
وقالت الصحيفة إن الولايات المتحدة سترسل مدافع هاون وراجمات صواريخ وصواريخ مضادة للدبابات عن طريق دول حليفة في منطقة الشرق الأوسط تقوم بتزويد المتمردين بالأسلحة، وفقًا لمصادر دبلوماسية مطّلعة.
وأضافت أن الأميركيين اشتروا قسمًا من هذه الأسلحة من مخزونات نظام الزعيم الليبي السابق العقيد معمر القذافي الذي قُتل في العام الماضي، وتشمل صواريخ (سام 7)، التي يمكن استخدامها لإسقاط الطائرات.
وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية على اتصال منتظم بالقادة الميدانيين لقوات المعارضة السورية المسلحة ويتحدثون معهم كل يوم عبر سكايب، وطلبوا منهم مرارًا وتكرارًا مدهم بالمزيد من الأسلحة.
وقالت إن الرئيس الأميركي باراك أوباما صدق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) على القيام بعملية سرية لدعم قوات المعارضة في وقت سابق من هذا العام، فيما تعمل قوات خاصة وضباط استخبارات على الأرض في سورية منذ مدة.
وأضافت الصحيفة أن العملية السرية ساعدت في تقديم الخدمات اللوجستية والاتصالات للجيش السوري الحر، لكنها لم تزوده بالأسلحة وقدمت له مساعدات غير فتّاكة، مثل المعونات الإنسانية.
ولفتت إلى أن قرار الولايات المتحدة تزويد المتمردين بالأسلحة يأتي في أعقاب الكشف عن تحركات في مواقع الأسلحة الكيميائية في سورية، مما جعل البيت الأبيض يحرص بصورة متزايدة على تعجيل إنهاء الحكومة السورية، وضمان أن يكون للولايات المتحدة تأثير مع أي حكومة سورية خلال مرحلة ما بعد حكومة الأسد.
وقالت "صندي تايمز" إن الولايات المتحدة "سترسل المزيد من المستشارين لتقديم المشورة الإستراتيجية، وإدارة إمدادات السلاح" للمعارضة المسلحة في سورية.
وعلى صعيد آخر، نقلت وسائل إعلام روسية عن سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي، نيقولاي باتروشيف، قوله للصحافيين، "نحن نعلم بوجود السلاح الكيميائي لدى سورية، ولكن الحكومة السورية تعهدت لنا بأنها لن تسمح بانتشاره".
وأضاف "لا توجد لدينا معطيات عن احتمال حصول مشاكل مع هذا السلاح"، معتبراً أنه من المهم ألا يتم تصدير هذه المشاكل من الخارج.
ووجهت دول غربية على رأسها الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة تحذيرات لسورية من مغبة استخدام الأسلحة الكيميائية وهو ما ردّت عليه وزارة الخارجية السورية بأن هذه الأسلحة لن تستخدم "إذا وجدت" في أي ظرف كان.
وقال وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ، السبت، إن بريطانيا والولايات المتحدة رأتا أدلة على أن سورية تستعد لاستخدام الأسلحة الكيميائية، علمًا أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قال قبل أيام إنه ليس لدى المنظمة الدولية تقارير مؤكدة على أن دمشق تستعد لاستخدام أسلحة كيميائية.
وكان المندوب الروسي لدى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الكسندر غروشكو، قال منذ يومين، إن موسكو لا تملك معطيات بشأن نية السلطات السورية استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المعارضة في البلاد.
إلى ذلك، وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الأحد، الاتهامات الموجهة لروسيا والصين بإطالة أمد الأزمة السورية عبر استخدام حق النقض (الفيتو) بأنها "معيبة".
ورفض لافروف اتهام روسيا والصين باستخدام الفيتو لمصادرة قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن سورية، وإطالة أمد الأزمة السورية بأنها "اتهامات معيبة وغير شريفة".
وشدد على أن "حق النقض الفيتو ليس نزوة، بل جزء من القانون الدولي، تم إقراره بمبادرة من الولايات المتحدة".
وأضاف أن "أولئك الذين كتبوا ميثاق الأمم المتحدة، وعوا جيدًا أنه إذا لم يتم وضع صمام الأمان هذا، وتبني القرارات بالمخالفة لإرادة إحدى القوى الخمس، فإن هذه القرارات لن تنفذ، ما سيؤدي إلى عواقب وخيمة. إن تطبيق حق الفيتو هو تنفيذ للمسؤولية على مصير النظام العالمي".
وفي معرض حديثه عن الوضع في سورية، ذكر لافروف أنه قد ظهرت في هذا البلد في ذلك الحين مشاكل خطيرة، "فالشعب أراد حقوق أكبر وتعب من نظام حكم الحزب الواحد، وقد آن الأوان فعلاً للإصلاحات، والحكومة من جانبها لم تقم بهذه الإصلاحات، ما استتبع بدء المظاهرات والاحتجاجات".
ولفت إلى أنه يمكن الاختلاف طويلاً الآن بشأن من المذنب، "بالطبع، ومما لا شك فيه أن الأسد ارتكب أخطاء كثيرة، والإصلاحات جاءت متأخرة كثيراً، لكن الجرائم تأتي حاليًا من هذا الطرف ومن الطرف الآخر أيضًا".
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال، الأحد، إن بلاده غير متمسكة بالرئيس السوري بشار الأسد، ولا تجري مباحثات مع أي جهة بشأن مصيره.
وقال لافروف خلال طاولة مستديرة بعنوان "روسيا والعالم المتغير"، "نحن لسنا متمسكين بالأسد أو بأي شخصية أخرى"، مضيفًا "نحن لا نجري أي مباحثات حول مصير الأسد، وجميع المحاولات لتصوير الوضع بشكل مغاير هي غير نظيفة، حتى بالنسبة إلى دبلوماسية تلك البلدان التي من المعروف سعيها إلى تشويه الحقائق".
غير أنه قال أن "روسيا تجد من الضروري أن يجبر الأطراف في النزاع السوري على إلقاء السلاح، والجلوس إلى طاولة المفاوضات"، وليس "الحديث إلى ما لا نهاية عن رحيل الأسد" على حساب أرواح السوريين.
وسبق أن أكدت روسيا أن مسألة السلطة في سورية يجب أن يقررها الشعب السوري، وأنها لا تبحث في مصير الأسد مع أحد لأنه شأن سوري بحت.
وفي ما يخص النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، قال لافروف "نحن نسعى إلى عقد اللجنة الرباعية للوسطاء الدوليين وحصلنا على تأييد الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، والعضو الرابع للآلية ـ الولايات المتحدة ـ لا تريد ذلك. نحن نقول ذلك علناً".
وأشار لافروف إلى أن روسيا تدعو أيضًا إلى عقد مؤتمر يناقش جعل الشرق الأوسط، منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، وهذه المبادرة أيضًا تتم عرقلتها من قبل الولايات المتحدة.
وأوضح "تقرر أن يعقد هذا المؤتمر قبل نهاية 2012، حملنا على أكتافنا أصعب الجهود، مع العرب وإسرائيل، وإيران، ووصلنا إلى حزمة نتائج مقبولة للجميع، لكن الأميركيين رفضوا دعم الأمر".
وفي وقت سابق قال نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف إن روسيا مستعدة لعقد اجتماع "الرباعية" للوسطاء الدوليين حول الشرق الأوسط في الأيام المقبلة.
يذكر أن اللجنة الرباعية للوساطة الدوليين تتكون من روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.