صورة لأحد أفراد الجيش الحر السوري
دمشق ـ جورج الشامي
حصدت أعمال العنف المستمر في سورية، الجمعة، 65 قتيلاً في أنحاء عدة من البلاد، واشتدت حدة المعارك بين القوات الحكومية والجيش الحر "المعارض" في محيطي مطاري حلب الدولي والنيرب العسكري، وسط تظاهرات انطلقت في عدد من المحافظات والبلدات والقرى السورية في جمعة "وكفى بالله نصيرًا"، في حين أعلن الائتلاف
الوطني عن خطة لحل الأزمة تتضمن رحيل الأسد كشرط أساسي للعملية السياسية، تزامنًا مع رد المدفعية التركية على قذيفة هاون أُطلقت من سورية وسقطت على أراضيها من دون أن توقع ضحايا أو أضرار.
وأعلنت لجان التنسيق الملحية، أن 65 سوريًا قُتلوا في سورية الجمعة، وذلك غداة مقتل 154 شخصًا الخميس بنيران القوات الحكومية، في حين قالت الهيئة العامة للثورة السورية، إن "القوات الحكومية قصفت فجر الجمعة، مناطق عدة في ريف حلب، بينها منبج ومارع، ووقعت اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر والقوات الحكومية في حي العزيزية بالقرب من عبارة الكهرباء، فيما أحصى المركز الإعلامي السوري سقوط 15 صاروخ أرض - أرض على ريف حلب، في الوقت الذي تدور فيه اشتباكات متقطعة وقصف متبادل في محيط مطاري حلب الدولي والنيرب العسكري في شمال البلاد".
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، إن "القوات الحكومية قامت صباح الجمعة، بقصف محيط مطاري حلب الدولي والنيرب العسكري، في حين رد المقاتلون المعارضون بقصف متقطع بصواريخ محلية الصنع على مطار النيرب، وأن الجيش السشوري يُحضر لعملية واسعة لاستعادة السيطرة على اللواء 80 المكلف حماية المطارين، والذي سيطر عليه مقاتلو المعارضة الأربعاء، بعد اشتباكات أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 150 شخصًا من الطرفين، بينهم ضباط كبار من القوات الحكومية، وأن المقاتلين يحاولون السيطرة على مطار النيرب وتدمير مدرجات مطار حلب الدولي التي يستخدمها النظام لأغراض عسكرية"، لافتًا إلى أن "اشتباكات تدور كذلك في محيط بلدة تلعرن في ريف مدينة السفيرة في محافظة حلب، مع رتل من القوات الحكومية متجه من حماة (وسط) ويحاول التقدم إلى محيط المطارين المذكورين".
وقال ناشطون سوريون، إن القوات الحكومية قصفت حي جوبر في دمشق، الذي يضم جيوبًا لمجموعات مقاتلة معارضة، مثله مثل بعض الأحياء الجنوبية المتاخمة لريف دمشق، وفي الريف، تعرضت أحياء في مدينة حرستا (شمال شرق) للقصف من الجيش السوري الذي أرسل تعزيزات إضافية إلى مدينة داريا (جنوب غرب)، والذي يحاول منذ فترة فرض كامل سيطرتها عليها"، فيما أفادت شبكة "شام" الإخبارية أن القصف العنيف بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ تجدد على مدينة داريا في ريف دمشق من القطع العسكرية المحيطة بالمدينة، وأن القوات الحكومية أطلقت خلال الليل صاروخين من طراز سكود من اللواء 155 في بلدة الناصرية في ريف دمشق باتجاه شمال شرقي البلاد، وفي محافظة إدلب (شمال غرب)، قتل 11 شخصًا بينهم طفل جراء قصف على مدينة خان شيخون، كما تدور اشتباكات قرب بلدة حيش وفي محيط معسكري وادي الضيف والحامدية، يرافقها قصف وتحليق للطيران الحربي في سماء المنطقة، في محاولة لإيصال الإمدادات إلى المعسكرين، بينما يفرض المقاتلون حصارًا على وادي الضيف منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بعد سيطرتهم على مدينة معرة النعمان الإستراتيجية في محافظة إدلب، مما سمح لهم بإعاقة إمدادات القوات الحكومية، في الوقت الذي ذكرت فيه الأمم المتحدة أن حركة نزوح جماعية تضمنت أكثر من 40 ألف إنسان فروا من الحسكة نتيجة الاشتباكات العنيفة هناك.
وذكر المرصد السوري، أن أكثر من 100 مدني خطفوا الخميس في محافظة إدلب، وأنه يخشى أن تكون "عمليات خطف طابعها طائفي"، وأن مجموعات مسلحة موالية لدمشق قامت بخطف حوالي 70 رجلاً وامرأة متوجهين على متن 4 حافلات صغيرة إلى مدينة إدلب، وأن الحادث وقع قرب حاجز للقوات الحكومية، وجاء الخاطفون من قريتي الفوعة وكفريا، بينما جاء معظم الذين خطفوا من قرى سراقب وسرمين وبنش، وهي على التوالي قريتان شيعيتان وثلاث قرى سنية، مشيرًا إلى أن مجموعة مسلحة قامت الخميس بخطف 40 مدنيًا على الأقل غالبيتهم من النساء والأطفال، كانوا على متن حافلة في شمال غربي سورية، وأن المخطوفين من الشيعة من بلدتي الفوعة وكفريا (في محافظة إدلب) وكانوا متوجهين في الحافلة إلى مدينة دمشق، معربًا عن تخوفه من أن تكون عمليات الخطف هذه "ذات طابع طائفي".
وقالت المعارضة السورية، إنها تسيطر على أسلحة مضادة للطائرات تمكنهم من فرض حظر جوي في بعض المناطق، وقد تزايدت في الآونة الأخيرة وتيرة إسقاط الطائرات الحكومية من قبل الثوار، لا سيما في المناطق الشمالية من البلاد، فيما أفادت وكالة "الأناضول" للأنباء أن "المدفعية التركية ردت الجمعة على قذيفة هاون أطلقت من سورية وسقطت على الأراضي التركية من دون أن توقع ضحايا أو أضرار، ولم يعرف ما إذا كانت قذيفة الهاون أطلقها مقاتلو المعارضة السورية أو القوات الحكومية، وأنها سقطت في بلدة يايلاداغ في محافظة هاتاي (جنوب شرق) الواقعة على الحدود التركية السورية، وردت القوات التركية فورًا" بحسب الوكالة.
وأعلن عضو الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري المعارض، هيثم المالح، في تصريحات صحافية، أن "الائتلاف توصل إلى مبادرة تتضمن رؤية سياسية لإسقاط نظام الأسد، وتأسيس النظام المقبل والمرحلة الانتقالية، وأن المبادرة ليست للإعلام، وأن مبادرة الحوار التي أعلن عنها رئيس الائتلاف أحمد معاذ الخطيب، انتهت باعتبار أن الحكومة السورية لم تستجب لشروطها، فيما نفى المالح ما تردد عن لقاء مرتقب بين الخطيب ووزير الخارجية السوري وليد المعلم في موسكو.
وقد انعقدت الهيئة السياسة الموقتة للائتلاف الوطني الخميس، في القاهرة، وذلك لمناقشة آخر المستجدات على الصعيدين الميداني والسياسي، ووضعت محددات الحل السياسي التي لابد أن تستند إلى "ثماني نقاط جوهرية، أبرزها تحقيق أهداف ثورة الشعب السوري في العدالة والحرية والكرامة، وحقن أقصى ما يمكن من دماء السوريين، وتجنيب البلاد المزيد من الدمار والخراب والمخاطر الكثيرة التي تحدق بها، والمحافظة على وحدة سورية الجغرافية والسياسية والمجتمعية، واعتبار بشار الأسد والقيادة الأمنية – العسكرية المسؤولة عن القرارات التي أوصلت حال البلاد إلى ما هي عليه الآن خارج إطار هذه العملية السياسية، وأن الحل السياسي ومستقبل سورية المنشود يعني جميع السوريين بمن فيهم الشرفاء في أجهزة الدولة والبعثيين وسائر القوى السياسية والمدنية والاجتماعية، ممن لم يتورطوا في جرائم ضد أبناء الشعب السوري، والذين لا يمكن أن يكون الأسد وأركان نظامه ممثلين لهم، وأنه على الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وبخاصة روسيا والولايات المتحدة الأميركية، أن تؤمن الرعاية الدولية المناسبة والضمانات الكافية لجعل هذه العملية ممكنة، وأن تتبنى الاتفاق الذي يمكن أن ينتج عنها عبر قرار ملزم في مجلس الأمن الدولي، وينتظر من روسيا الاتحادية أن تحول أقوال مسؤوليها لجهة عدم تمسكهم ببقاء بشار الأسد إلى خطوات عملية، وعلى القيادة الإيرانية أن تدرك أن سياستها بدعم بشار الأسد تحمل مخاطر اندلاع صراع طائفي في المنطقة، والمطلوب من الأصدقاء والأشقاء أن يدركوا أن باب الحل السياسي الذي يضمن حقن الدماء والاستقرار والحفاظ على مؤسسات الدولة لن يفتح إلا عبر تغيير موازين القوى على الأرض، بما يعني ذلك من إمداد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية وهيئة الأركان العسكرية المشتركة بكل أسباب القوة".
وقد انتشرت تفاصيل مبادرة أممية لحل الأزمة السورية، حيث نشرت صحيفة "الشرق الأوسط" مشروع وثيقة لمقترح حول اتفاق للسلام في سورية برعاية الأمم المتحدة، يُرجح أن يكون تحت إطار البند السادس، وتتضمن الوثيقة تشكيل طاولة للحوار تتألف من 140 عضوًا يتم انتخاب 102 منهم تحت الرقابة الأممية، فيما تختار الحكومة والمعارضة والمرجعيات الدينية 30 منهم، ويُسمى هذا التجمع بمجلس الشيوخ ليكون نواة الجمهورية السورية الثانية، ويترأس المجلس نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، فيما يتألف مجلس الشيوخ من 10 مجموعات، تضم كل منها 14 عضوًا، ويمثل توقيع الاتفاق إعلانًا فوريًا لوقف إطلاق النار وسحب القوات خلال 30 يومًا، كما يعتبر الاتفاق إلغاء الطائفية القومية والدينية والسياسية هدفًا وطنيًا أساسيًا