من اثار الدنار الذي خلفه الصراع في سورية
دمشق ـ جورج الشامي
وثقت لجان التنسيق المحلية مقتل 75 سوريًا الاثنين، فيما دارت اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر وقوات النظام، وسط انشقاق أكثر من 400 عنصر من قوات النظام وانضمامهم إلى المعارضة في القنيطرة، فيما تعهّد وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، بتقديم المسؤولين عن الجرائم في سورية، والتي وصفها بأنها
لا تُحتمل، إلى العدالة، واتهم نظامها بارتكاب انتهاكات واسعة الناطق لحقوق الإنسان، بينما كشفت صحيفة "ديلي تليغراف" أن بريطانيا تموّل العشرات من المعارضين المدنيين السوريين، للإشراف على توزيع المساعدات داخل المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة.
ونفى رئيس حكومة المعارضة السورية المؤقتة غسان هيتو حاجة المعارضة إلى مقاتلين أجانب، مؤكدًا أن جميع الجهات المقاتلة في سورية تعمل من أجل إسقاط النظام، مطالبًا بدعم من المجتمع العربي والدولي، في حين وظّف "الائتلاف الوطني" دبلوماسيًا بريطانيًا سابقًا كمستشار، لمساعدته على إسماع صوته على الساحة العالمية، بينما تدور اشتباكات بين القوات النظامية ومقاتلين من كتائب مقاتلة عدة عند أطراف مخيم اليرموك تترافق مع قصف متبادل من قبل الطرفين، في الوقت الذي يتوجه وفد من المعارضة إلى موسكو الثلاثاء، للبحث في سبل التسوية السلمية للأزمة السورية مع كبار المسؤولين الروس.
واستطاعت اللجان مع انتهاء الإثنين توثيق خمسة وسبعين قتيلاً بينهم سبعة سيدات وأربعة أطفال: سبعة وأربعين في دمشق وريفها، تسعة في حلب, سبعة في درعا، خمسة في إدلب، ثلاثة في دير الزور, ثلاثة في حمص, وواحد في حماه.
ووثقت اللجان 301 نقطة قصف في مختلف المدن والبلدات السورية، قصف الطيران سجل من خلال 32 نقطة في مختلف أنحاء سورية، وتم استعمال البراميل المتفجرة في ست مناطق، وقام النظام بقصف صواريخ أرض أرض في سبع مناطق، أما القصف بصواريخ السكود فقد سجل في خمسة نقاط, القنابل العنقودية سجلت في كل من سرمدا وسراقب والريف الشرقي لإدلب, والقصف بالقنابل الفراغية فقد رصد في الفليطة, المرجة في حلب وسرمدا في إدلب والموحسن في دير الزور, أما القنابل الفوسفورية فقد استعملت في كل من سبينة ويبرود. قصف الهاون سجل في 96 نقطة تلاه القصف المدفعي، والذي رصد في 88 نقطة، أما القصف الصاروخي فقد سجل في 60 في مختلف أنحاء سورية.
فيما اشتبك "الجيش الحر" مع قوات النظام في 142 نقطة قام من خلالها باقتحام كتيبة مهير ضمن المثلث الحدودي مع الأردن والعراق, وفي الرقة استطاع "الحر" إعطاب طائرة مروحية كانت تحلق فوق مطار الطبقة العسكري وأجبرها على الهبوط اضطراريًا, وفي دير الزور أيضًا استطاع "الحر" التصدي لطائرة مروحية كانت تقصف المدينة، وقام "الحر" بقصف مطار دير الزور العسكري وكتيبة الصواريخ بقذائف الهاون, في دروشا في ريف دمشق استهدف "الحر" مساكن الضباط وحاجز البلدة بقذائف عدة، وفي بيت جن أمن الجيش الحر انشقاق عشرة جنود من السرية الثانية التابعة للواء 90, وفي القلمون أيضًا استطاع "الحر" استهداف حاجز قرية جراجير وقتل عدد من العناصر وجرح آخرين، وعلى طريق مطار دمشق الدولي استهدف "الحر" مفرزة المخابرات الجوية، وفي زملكا استهدف "الحر" مجموعة من قوات النظام المتمركزه بالقرب من شركة الكهرباء بقنابل يدوية الصنع وفي حلب في خان العسل قام "الحر" باستهداف مبنى تجمع لعناص،ر قوات النظام، وفي قلب مدينة حلب استهدف "الحر" فرع الأمن السياسي بقذائف الهاون لليوم الثاني على التوالي, أما في إدلب فقد تم تأمين انشقاق 10 جنود من معسكر وادي الضيف، وفي معرة النعمان قصف الحر حاجز صهيان والمجرشة بالرشاشات الثقيله والهاون, في القنيطرة أمن الجيش الحر انشقاق أكثر من 400 عسكري ممن انشقوا عن جيش النظام وانضموا للجيش السوري الحر, وفي ازرع في درعا استهدف "الحر" المساكن العسكرية بقذائف الهاون مما أدت إلى قتل وجرح عدد من قوات النظام و"الشبيحة"، أما في تسيل أيضًا في درعا فقد أجبر "الحر" قوات النظام من الانسحاب من حاجز البلدية وسرية الهندسة وحرق الثكنة بشكل كاملة، وقد تم تفجير جسر السكة على طريق الاتستراد الدولي دمشق-درعا لقطع إمدادات النظام القادمة لدرعا، وفي حماه استهدف "الحر" بعملية نوعية ضابط وعدد من شبيحته أما في اللاذقية فقد استهدف "الحر" عددًا من النقاط التابعة لقوات النظام في خربة باز وكتف الصهاونة.
فيما تعهّد وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، بتقديم المسؤولين عن الجرائم في سورية، والتي وصفها بأنها لا تُحتمل، إلى العدالة، واتهم نظامها بارتكاب انتهاكات واسعة الناطق لحقوق الإنسان.
وقال هيغ في مناسبة إصدار وزارته تقريرها السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان للعام 2012، الإثنين، إنه "يجب أن لا يكون هناك أدنى شك بأن المسؤولين عن الجرائم سيتم تقديمهم للعدالة، وقامت المملكة المتحدة بتدريب أكثر من 300 صحافي وناشط سوري لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في بلادهم، للمساعدة على ضمان جمع أدلة كافية لمقاضاة ناجحة".
وأضاف "لا شيء يدل على أن هناك حاجة ملحة لرد إنساني دولي حاسم أكثر من الكارثة المروعة التي تتكشف في سورية اليوم، حيث قُدّر بأن أكثر من 100 شخص يُقتلون كل يوم وبلغت حصيلة الضحايا أكثر من 70 ألفًاً وهناك أدلة متزايدة على ارتكاب انتهاكات، بما في ذلك المذابح والاعدامات والتعذيب والاستخدام المنتظم للاغتصاب من قبل قوات النظام وميليشياته". وأشار هيغ إلى أن بريطانيا "ساهمت أيضًا بما يقرب من 140 مليون جنيه إسترليني على شكل مساعدات إنسانية منذ بداية الأزمة في سورية، موّلت تأمين الغذاء ومياه الشرب النظيفة والرعاية الطبية والبطانيات والمأوى لعشرات الآلاف من الناس، وتدعم جهود الائتلاف الوطني السوري المعارض في مجال توزيع المساعدات".
واعتبر المساعدات "ضرورة قصوى انطلاقًا من التزام بريطانيا في دعم القوى الديمقراطية والمعتدلة الحقيقية في سورية كونها في حاجة ماسة للدعم"، محذرًا من أن التقاعس في تقديم مثل هذا الدعم "يُخاطر في التخلي عن الشعب السوري وتركه تحت التأثير التطرف السام أو طغيان الرئيس السوري بشّار الأسد".
وقال وزير الخارجية البريطاني إنه "يتعيّن علينا أيضًا مواصلة التعامل بفعالية مع الأصداء الفورية للربيع العربي، ودعم البلدان التي تمر برحلة انتقالية نحو مجتمعات أكثر حرية وانفتاحًا بعد أن أظهرت شعوب الشرق الأوسط شجاعة لا تُصدّق في معركتها من أجل الديمقراطية والحرية الفردية، ونجم عن عزمها من أجل التغيير إجراء أول انتخابات رئاسية ديمقراطية حقيقية في مصر، وتشكيل حكومة ديمقراطية جديدة في تونس، واعتماد دستور جديد أكثر انفتاحاً في المغرب، واتخاذ خطوات نحو الإصلاح السياسي في الأردن". وأضاف أن "تدهور القانون والنظام في مصر فضلاً عن المشاكل الاقتصادية التي تواجهها جميع دول ما بعد الثورة، تذكرنا بأن الأمر يتطلب بعض الوقت لبناء أسس مؤسسات قوية، وحكومات مسؤولة تخضع للمحاسبة، وحرية الصحافة، والمساواة في الحقوق بين الرجال والنساء".
فيما كشفت صحيفة "ديلي تليغراف" أن بريطانيا تموّل العشرات من المعارضين المدنيين السوريين، للإشراف على توزيع المساعدات داخل المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة. وقالت الصحيفة، إن الحكومة البريطانية تريد من وراء الخطوة التصدي لانتشار "الجهاديين"، ووقف تحولهم إلى القوة الوحيدة القادرة على إنشاء ادارة مدنية في المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام، وفي مستقبل "سورية الحرة".
وأضافت أن حزمة المساعدات البريطانية، البالغة قيمتها ملايين عدة من الجنيهات الإسترلينية، تهدف أيضًا إلى مواجهة تفشي أمراض معدية مثل التيفوئيد والكوليرا في حلب وأعمال النهب الواسعة النطاق، من بين المشاكل الأخرى التي انتشرت في المناطق الخاضعة لقوات المتمردين في سورية.
ونقلت الصحيفة عن عمال إغاثة ومسؤولين حكوميين، أن 60% من المساعدات التي أرسلها العالم في وقت سابق، تعرضت للسرقة أو الهدر أو البيع من قبل قوات المتمردين لشراء أسلحة.
وقالت إن بريطانيا تضع ثقلها حاليًا وراء وحدة تنسيق المساعدات، التي شكلها الائتلاف السوري المعارض للإشراف على توزيع المساعدات الغذائية والصحية والمساعدات الأخرى في المناطق الخاضعة نظرياً لنفوذه في سورية، وقامت بتوفير المال والتدريب لإنشاء هذه الوحدة التي يعمل فيها 90 موظفاً لرصد وتنسيق عمليات توزيع المساعدات. وأضافت الصحيفة، أن دبلوماسيين غربيين اعترفوا بأن المساعدات الدولية، والتي قدر واحد منهم بأن الاتحاد الأوروبي قدّم 790 مليون يورو منها، أي ما يعادل 675 مليون جنيه استرليني "كانت لها غايات سياسية".
وأشارت إلى أن بريطانيا تنفّذ خطة حاليًا لنقل معدات ثقيلة إلى شمال سورية وتدريب رجال الإطفاء وكذلك الشرطة في المنطقة. ونسبت الصحيفة إلى متحدث باسم وزارة التنمية الدولية البريطانية، قوله إن دعم المملكة المتحدة "يُساعد على زيادة قدرة وحدة تنسيق المساعدات في الائتلاف السوري المعارض على العمل بفعالية مع وكالات الأمم المتحدة وغيرها لتحديد الاحتياجات داخل سورية، وتنسيق دخول مساعدات المانحين الدوليين".
وأعلنت مصادر المعارضة السورية الداخلية في دمشق، الإثنين، أن وفدًا منها سيزور موسكو الثلاثاء، لإجراء مشاورات مع الجانب الروسي، مشيرة إلى أن نائب رئيس الوزراء السوري قدري جميل، ووزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية علي حيدر، سيمثلان "الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير"، في هذه الزيارة، ويعتزمان خلالها بحث سبل التسوية السلمية للأزمة السورية مع كبار المسؤولين الروس.
وكشفت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، عن أن "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، وظّف دبلوماسيًا بريطانيًا سابقًا كمستشار، لمساعدته على إسماع صوته على الساحة العالمية، موضحة أن "كارني روس، الذي استقال من منصبه الدبلوماسي لسبب حرب العراق بعد اتهامه حكومة طوني بلير، بالفشل في النظر بالخيارات الأخرى بدلاً من العمل العسكري، أكد أن المجموعة الاستشارية التي أسسها الدبلوماسي المستقل تلقت طلباً لمساعدة الائتلاف السوري، وأن الدبلوماسي البريطاني السابق مثّل بلاده في مجلس الأمن الدولي كخبير في شؤون الشرق الأوسط قبل استقالته، وعمل في السابق لتسليط الأضواء على أسباب التهميش في كوسوفو، والصومال، والصحراء الغربية".
ونسبت الصحيفة البريطانية إلى روس، قوله "إن دوره الجديد يتمثل في تقديم المشورة للائتلاف السوري المعارض، بشأن سبل إسماع صوته في الولايات المتحدة، وبشكل خاص في الأمم المتحدة في نيويورك حيث مقر مكتبه، وأن مؤسسته الاستشارية تعمل مع الدول والجماعات السياسية التي تعرضت للتهميش والإقصاء عن النقاشات الدبلوماسية لأي سبب من الأسباب، ويقوم أساس فلسفتها على تمكين الممثلين الشرعيين للشعب من المشاركة في المناقشة الدبلوماسية، والائتلاف السوري المعارض يقع ضمن هذا التعريف، وأن التركيز الرئيسي في مهمته الجديدة سيكون في الأمم المتحدة حيث يستمر النقاش بشأن سورية، جراء الإحباط الشديد للمعارضة السورية من الموقف الدبلوماسي حيال بلادها".
وأضاف الدبلوماسي البريطاني السابق، أن "الوقت أُتيح أخيرًا للحكومات الدولية للبحث عن سبل جديدة للتدخل في سورية من خلال أساليب غير عنيفة، مثل العقوبات أو تعطيل الأنظمة الإلكترونية لإمدادات الجيش السوري، لكن هذه الاقتراحات أصبحت شخصية، وأنه لن يقدم المشورة للائتلاف السوري المعارض في المسائل الداخلية، لكنه سيساعده على إيصال رسائله عبر الدوائر الدبلوماسية"، فيما أشارت "إندبندنت"، إلى أن "الائتلاف السوري المعارض"، يواجه مشاكل جراء الاستقالات والخلافات الداخلية ومخاوف اختطافه من قبل الجماعة الجهادية، وبخاصة "جبهة النصرة".