الخرطوم ـ جمال إمام
امتدت المظاهرات والاحتجاجات في السودان شرقاً، حيث استخدمت أجهزة الأمن الهراوات والغاز المسيل للدموع لتفريق مظاهرة هتفت بتنحي الرئيس عمر البشير في مدينة "بورسودان" على ساحل البحر الأحمر، فيما تتهيأ مدينة "القضارف" لمظاهرة جديدة، بالتزامن مع استعداد الخرطوم لموكبين معاكسين أحدهما للمطالبة برحيل البشير والثاني لتأييده.
وأعلنت الحكومة السودانية توقيف 816 شخصاً في 381 مظاهرة احتجاج شهدتها البلاد في الأسابيع الماضية، بعد أن اعترفت في وقت سابق بمقتل 19 شخصاً في الاحتجاجات، بينما أعلن موالون للحزب الحاكم تنظيم حشد جماهيري للرد على المحتجين.
وقال شاهد عيان من "بورسودان" إن رجالاً في ثياب مدنية وعلى عربات نصف نقل سيطروا على الميدان المقرر تجمع المعارضين فيه، وحالوا دون وصول المتظاهرين إليه، بيد أن مئات آخرين تجمعوا في أماكن أخرى ونظموا مظاهرة سلمية حاشدة طالبت بتنحي الرئيس البشير، قبل أن تفرقها قوات الأمن بالعصيّ والهراوات والغاز المسيل للدموع، واعتقلت 6 على الأقل من المتظاهرين.
أقرأ يضًا
- عمر البشير يعزو الاضطرابات التي يشهدها السودان الى عملية تآمر "ليست جديدة"
وقال شاهد آخر إن سلطات الأمن أفشلت مظاهرة كان من المنتظر أن تتجه إلى أمانة الحكومة في مدينة سنار (جنوب)، واحتلت مكان التجمع وحالت دون انطلاق المتظاهرين، علماً بأن المدينة تخضع لحظر تجوال يبدأ السادسة مساءً.
من جهتها، أعلنت قوى المعارضة عن تنظيم احتجاجات ومظاهرات ومواكب في مدينة القضارف شرق البلاد، اليوم الثلاثاء، قبل يوم واحد من تحرك موكب أم درمان الذي دعا إليه "تجمع المهنيين السودانيين"، لتسليم مذكرة تطالب بتنحي البشير. وهي المرة الرابعة التي يحاول فيها التجمع الذي يضم أساتذة جامعات ومعلمين وأطباء ومهندسين ومحامين، تسليم هذه المذكرة.
وقال وزير الداخلية أحمد بلال عثمان، أمام المجلس الوطني (البرلمان)، أمس، إن سلطات الأمن اعتقلت 816 ناشطاً وكادراً حزبياً شاركوا في 381 مظاهرة احتجاجية، منذ اندلاع الاحتجاجات في 19 ديسمبر/كانون الأول 2018.
وتواصل السلطات السودانية توقيف واعتقال النشطاء والمعارضين والصحافيين في الخرطوم ومدن البلاد الأخرى. وأعلن نشطاء عن توقيف الناشط السياسي فيصل شبو واقتياده إلى جهة غير معلومة، وذلك بعد ساعات من إطلاق سراح أساتذة من جامعة الخرطوم كانت السلطات قد احتجزتهم أول من أمس لتنظيمهم وقفة احتجاجية أمام دار الأساتذة بالجامعة، إضافة إلى عشرات أفرجت عنهم ليلة أول من أمس.
وتشهد البلاد منذ أسابيع احتجاجات ومظاهرات تلقائية شملت أكثر من 25 مدينة، وكانت قد بدأت للمرة الأولى احتجاجاً على ارتفاع أسعار الخبز وندرة السلع والوقود والنقود، قبل أن تتحول إلى مظاهرات ومواكب تطالب بتنحي الرئيس عمر البشير وحكومته.
من جهتها، أعلنت قوى سياسية متحالفة مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم عن تنظيم حشد جماهيري مؤيد للرئيس البشير، في مواجهة موكب المعارضة المقرر أن يتجه إلى البرلمان للمطالبة بتنحيه وحكومته بدعوة من "تجمع المهنيين".
وقال رئيس "حزب التحرير والعدالة"، بحر إدريس أبو قردة، إن لجنة معالجة الأزمة المكونة مجموعة أحزاب "الحوار الوطني" الحليفة للحزب الحاكم، قررت تنظيم مسيرة "سلام السودان"، غداً الأربعاء، والتي من المقرر أن يخاطبها الرئيس البشير وعدد من القيادات السياسية.
وفي السياق، أُعلن عن حشد جماهيري مؤيد للحكومة اليوم الثلاثاء، بمدينة عطبرة التي شهدت اندلاع شرارة الاحتجاجات ضد الغلاء، قبل انتقالها إلى مدن أخرى حول البلاد، وتطوُّر مطالبها إلى تنحي النظام ورأسه. وينتظر أن يخطب الرئيس البشير في حشد مؤيديه في عطبرة اليوم.
وتعد المظاهرات التي تنتظم البلاد حالياً الأكبر منذ تسلّم الرئيس عمر البشير للحكم في 30 يونيو/حزيران 1989. وخرج المحتجون في شوارع البلاد، منددين بحكمه ومتحدين لتهديدات سابقة كان قد وجهها إليهم في 12 ديسمبر/كانون الأول 2016 عقب دعوات للعصيان المدني على وسائط التواصل الاجتماعي.
واعتبر معارضون المظاهرات الحالية المستمرة منذ ثلاثة أسابيع بياناً بالعمل على قدرة المواطنين على تحدي تهديدات الحكومة وآلتها الأمنية والعسكرية. ووصف هؤلاء الحشد الحكومي الذي دعا إليه الموالون للرئيس البشير، بأنه شبيه بحشد مثيل نُظّم أواخر حكم الرئيس الأسبق جعفر النميري لمواجهة الانتفاضة الشعبية التي أطاحت به في أبريل/نيسان 1985، وعُرف تحرك مناصري النميري آنذاك بـ"مسيرة الردع" التي نظمها حزبه الحاكم في ذلك الوقت "الاتحاد الاشتراكي". لكن ذلك لم يمنع سقوط نظامه في نهاية المطاف.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا
- الرئيس السوداني عمر البشير يجري تعديلات حكومية
- الخرطوم تتهيأ لـ"جمعة التحرير" وقمع مظاهرة احتجاجية في "بورسودان"