الميليشيات في طرابلس

وسط عملية تحشيد مستمرة للميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس، التزمت السلطة الانتقالية الصمت أمس لليوم الثاني على التوالي، ولم تعلق على اقتحام مقر للمجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي بأحد فنادق المدينة.وغاب المنفي عن أي أنشطة رسمية ولم يظهر منذ اندلاع هذه الأحداث، التي وقعت على خلفية امتعاض قادة الميليشيات المسلحة من تصريحات مناوئة لتركيا أطلقتها نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة، وبسبب رفضهم (الميليشيات) إقالة الميليشياوي عماد الطرابلسي من رئاسة جهاز المخابرات الوطنية.
وواصلت المنقوش، التي ظهرت مرتدية زي الطوارق، جولتها بمناطق الجنوب الليبي رفقة موسى الكوني عضو المجلس الرئاسي، واعتبر الأخير أن اجتماعه مع قادة الجيش في فزان وعلى طاولة واحدة «أسس لخطوة ذات أهمية خاصة باتجاه توحيد المؤسسة العسكرية الليبية». وأضاف على «تويتر»: «يقف هذا الهدف على قمة أولوياتنا لضمان وحدة وسيادة التراب الليبي، وإنجاز الاستحقاق التاريخي الذي جئنا من أجله، وهو إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل».
في المقابل، رصد شهود عيان اتجاه أرتال مسلحة من الزاوية وغريان إلى العاصمة طرابلس، في سياق من التحشيدات المستمرة لمعظم عناصر الميليشيات خاصة في طرابلس، ومدينة مصراتة بغرب البلاد.
ولم تعلق بعثة الأمم المتحدة التي رعت الحوار السياسي الليبي الذي تمخض في جنيف عن السلطة الانتقالية، على الأحداث، بينما تحدث بعض قادة الميليشيات عن «ضرورة محاصرة مقرات المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة بما في ذلك الداخلية والخارجية».
وامتنعت مصادر رسمية عن التعليق على معلومات ترددت بشأن «تلقي وزيرة الخارجية المنقوش تحذيرات من مغبة العودة إلى طرابلس، خوفا على حياتها، بعدما تصاعدت الحرب الكلامية والعدائية ضدها».
وتجاهل الدبيبة الأحداث، لكنه قال في حفل تخريج دفعة جديدة من كلية الشرطة أخيراً: «قالوا لي إنكم مجرد ميليشيات، لكنكم ضباط شرطة ومسؤولون عن أمن البلاد»، مشيداً بما حققوه مما وصفه بـ«منع حكم الفرد والعسكر»، في إشارة إلى الجيش الوطني المسيطر على معظم مناطق شرق وجنوب البلاد بقيادة المشير خليفة حفتر.
بدوره، أقر عماد الطرابلسي الذي قرر مجلس المنفي إقالته من منصبه رئيساً لجهاز المخابرات الليبية وتعيين مختار العائب بدلا عنه، بأنه «فشل» في إقناع بعض الدول التي زارها بأنه «لا يمثل الميليشيات».
وظهر الطرابلسي في لقطات مصورة مخاطبا بعض قادة الميليشيات الذين اجتمعوا لليوم الثاني على التوالي، وقال: «عقب تولي رئاسة المخابرات، ذهبت إلى عدة دول من بينها إيطاليا وروسيا، الجميع يتعامل معنا على أننا ميليشيات».
واعتبر مختار الجحاوي آمر شعبة الاحتياط بقوة مكافحة الإرهاب، أن حفتر «ليس له أي صفة حتى يتعامل معه الرئاسي بدل محاسبته»، وادعى أن «الدول الداعمة لحفتر - ما زالت تدعمه بطائراتها المحملة بالسلاح، وهذا مؤشر على تجاهل مسار السلم الذي أتى الرئاسي والحكومة لفرضه». وقال في تصريحات وزعتها «عملية بركان الغضب» التي تشنها القوات الموالية لحكومة الوحدة إن سكوت الحكومة والمجلس الرئاسي عن المقابر الجماعية في ترهونة شكك في جديتهما في تحقيق العدالة الانتقالية، مشيرا إلى التزام المتحدثين باسم بركان الغضب وغرفة تحرير سرت بقرار الرئاسي في حين لم تلتزم ميليشيات حفتر به.
وكشفت العملية عن إفطار جماعي لعناصر من كتائب المنطقة الغربية والوسطى بميدان الشهداء في مدينة غريان، بحضور الطرابلسي الذي رافقته عدة سيارات مصفحة إلى المدينة.
وقال الهادي دراه الناطق باسم غرفة عمليات تحرير سرت والجفرة التابعة لقوات بركان الغضب إن عناصرها ما زالوا موجودين لبناء دولة مدنية حرة بعيدة عن حكم العسكر، واعتبر أن «من دافعوا عن طرابلس وحرروها ما زالوا موجودين».
وكان مدير مكتب المنفي قد نفى دخول جماعات مسلحة فندقا يجتمع فيه المجلس أو استخدامها القوة، بينما المتحدثة باسم المجلس الرئاسي قد أوضحت أن الفندق الذي تم اقتحامه باعتباره أحد مقرات المجلس كان خاليا، في محاولة للتهوين من شأن الواقعة التي بدا أنها تسلط الضوء على مخاطر تواجه حكومة الوحدة.
واختير المجلس الرئاسي من خلال عملية ساعدت في إتمامها الأمم المتحدة واختيرت من خلالها أيضا حكومة وحدة وطنية جديدة تولت السلطة في مارس (آذار) لتحل محل إدارتين متناحرتين في شرق البلاد وغربها.

وعبرت الميليشيات المسلحة المتمركزة في غرب ليبيا والتي تحظى بدعم تركيا عن غضبها من نجلاء المنقوش بعد تكرار مطالبتها لتركيا بإنهاء وجودها العسكري وسحب المرتزقة الموالين لها من الأراضى الليبية.
ورغم محاولة الدبيبة كسب دعم الكثير من الفصائل الليبية المتنافسة وتشكيل مجلس وزراء كبير يضم مجموعة من الشخصيات الآيديولوجية والإقليمية، لكنه يتعرض والمجلس الرئاسي لانتقادات داخلية وكذلك تحديات لسلطتهما خاصة في العاصمة في طرابلس، حيث لا تزال الجماعات المسلحة تسيطر على الشوارع.
وقبل واقعة يوم الجمعة، قالت غرفة عمليات بركان الغضب التي تمثل الجماعات المسلحة في طرابلس إنها «اجتمعت لمناقشة تصريحات المنقوش»، والتي وصفتها بأنها تصريحات «غير مسؤولة، ثم دعت لاحقا حكومة الوحدة إلى رفض حفتر رسميا».
إلى ذلك، أعلنت مصلحة المطارات الليبية عن تنفيذ المرحلة الأولى لإعادة إعمار مطار طرابلس الدولي مباشرة بعد عطلة عيد الفطر المبارك، وأوضحت أن هذه المرحلة ستشمل مسحا شاملا لأرض المطار والكشف عن المتفجرات والألغام ومخلفات الحرب وإزالتها من قبل إدارة الهندسة العسكرية التابعة لوزارة الدفاع. وتفقد محمد الحداد رئيس أركان قوات الوحدة مساء أول من أمس، برفقة وزراء المواصلات والنفط والغاز المطار تمهيداً لتسليم موقعه لائتلاف الشركات الإيطالية لإنشاء محطة ركابه.

قد يهمك ايضا 

"الرئاسي الليبي" يؤدي اليمين أمام المحكمة العليا في طرابلس

إعلام طهران إستخلاص كميات من اليورانيوم المخصّب يحرج واشنطن ويعقّد مفاوضات فيينا