مقاتلان في صفوف المعارضة السورية يتمركزان في احد الابنية في حلب
دمشق ـ جورج الشامي
سقط 119 قتيلاً سوريًا، الأحد، بنيران القوات الحكومية، في مناطق عدة من البلاد، في الوقت الذي هز انفجار شديد في مخيم اليرموك في دمشق، وقصف الجيش السوري، أحياء في العاصمة وريفها وحي الخالدية في حمص، فيما سيطر الجيش الحر "المعارض" على مستودع ذخائر في حلب، واستهدف مقرًا
للمخابرات الجوية في ساحة العباسيين، تزامنًا مع بدء مباحثات بين مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون والمبعوث العربي والأممي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي بشأن الأزمة في القاهرة، بينما قرر الاتحاد الأوروبي تأجيل البت في مسألة رفع الحظر عن تسليح المعارضة السورية، حتى نهاية آذار/مارس الجاري، فيما أكّد وزير الخارجية البريطاني أن "تخفيف الاتحاد الأوروبي من حظر الأسلحة سيخفف هذه المحنة"، وقال وزير الخارجية الفرنسي إن عدم تسليح المعارضة السورية سيؤكد انتصار "تنظيم القاعدة".
ووثقت لجان التنسيق المحلية، الأحد، في حصيلة أولية، مقتل 119 سوريًا برصاص القوات الحكومية، بينهم 7سيدات و9 أطفال و4 قتلى تحت التعذيب، و 51 قتيلاً في دمشق وريفها، 8 في درعا، 7 في الرقة، 4 في إدلب، 11 في حلب، 5 في حماه، و7 في حمص، وشهيدان في دير الزور، فيما أعلن المجلس العسكري في حمص عن مقتل 38 من مقاتلي "حزب الله" خلال الـ 48 ساعة الأخيرة.
وقد وثقت اللجان 313 نقطة قصف في مختلف المدن والبلدات السورية، مابين الطيران وصواريخ سكود وصواريخ أرض – أرض، والبراميل المتفجرة, والقنابل العنقودية، وقذائف المدفعية، والهاون, والقصف الصاروخي،
فيما اشتبك الجيش السوري الحر مع القوات الحكومية في 136 نقطة، قام من خلالها بتحرير مفرزة الشجرة في درعا والسيطرة على المساكن العسكرية في حمص, في ريف دمشق قام الحر بمداهمة قوات الحكومة في جبهة داريا الجنوبية، وقتل وجرح العشرات، أما في سبينة فقد قام الحر باقتحام مساكن "الشبيحة" وحرقها بشكل كامل.
وقال ناشطون سوريون، إن "مقاتل من الكتائب المعارضة قتل خلال اشتباكات مع القوات الحكومية في مدينة داريا في ريف دمشق، صباح الأحد، كما تشهد سماء بلدات ومدن الغوطة الشرقية تحليقًا للطيران الحربي، في حين تعرضت مدن وبلدات المعضمية وسبينة ودير العصافير للقصف، كما جرى قصف مدينة سقبا ومناطق عدة في الغوطة الشرقية عند منتصف ليل السبت الأحد، مما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى، وفي العاصمة هز انفجار شديد مخيم اليرموك، من دون أن ترد معلومات عن طبيعة الانفجار وحجم الخسائر حتى اللحظة، بينما تعرض حي الحجر الأسود للقصف فجرًا، وسط استمرار إطلاق النار في مناطق عدة في حي برزة، وفي ريف حمص دارت اشتباكات بين مقاتلين من المعارضة والجيش السوري في محيط المستشفى الوطني في منطقة الحولة، رافقها سقوط قذائف عدة على المنطقة، كما تعرضت قرية تلدو في المنطقة للقصف وكذلك قرى ريف القصير, وفي مدينة حمص يتعرض حي الخالدية للقصف من قبل القوات الحكومية يرافقه أصوات انفجارات عدة".
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن "الجيش الحر استهدف مقرًا للمخابرات الجوية في ساحة العباسيين في دمشق وأصابه بشكل مباشر، حيث قصفت كتيبة (ثوار حرستا) بمدافع الهاون فرع المخابرات، فيما سيطر مقاتلون من ألوية مختلفة أخيرًا على مواقع تبعد مئات الأمتار فقط عن ساحة العباسيين، بعدما تمكنوا من بسط نفوذهم على معظم حي جوبر الذي يقع في الجزء الشرقي من دمشق، بينما تم سحب جثامين 8 مواطنين بينهم سيدة قتلت برصاص قناصة في الحي منذ أيام عدة، في حين سقطت عدد قذائف على مناطق في حي القابون والطريق الدولي بالقرب من حي القابون، وفي حي جوبر تدور اشتباكات بين مقاتلين من الكتائب المقاتلة والقوات الحكومية يرافقها قصف على مناطق في الحي، وسط أنباء عن خسائر في صفوف الطرفين, وفي ريف دمشق تدور اشتباكات عنيفة عند أطراف مخيم السبينة والذي تعرض للقصف من قبل الجيش السوري، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، كما تدور اشتباكات عند أطراف مدينة زملكا من جهة المتحلق الجنوبي يرافقها قصف على المدينة في حين سقطت قذائف عدة على مدينة حرستا، كما هز انفجار شديد مخيم اليرموك صباح الأحد، بينما تعرض حي الحجر الأسود، أما في حلب فقد تجددت الاشتباكات بين مقاتلين من (جبهة النصرة) و(أحرار الشام) وكتائب أخرى مع القوات الحكومية عند مداخل الفرقة 17 في ريف الرقة في محاولة من الكتائب المقاتلة السيطرة على الفرقة بشكل كامل، وذلك بعد أن سيطرت على أبنية عدة عند أطراف الفرقة السبت، إثر اشتباكات عنيفة مع القوات الحكومية، وسقطت قذائف عدة على حي الراشدين، كما تعرضت مدينة السفيرة بريف المدينة للقصف من قبل القوات الحكومية، فيما شهد حي العامرية قصفًا مدفعيًا بالتزامن مع اشتباكات عنيفة بين الجيشين الحر والحكومي، في حين أعلن مسلحو المعارضة استيلاءهم على مخازن أسلحة وذخيرة في قرية خان طومان في ريف المدينة الجنوبي، وفي حمص التي يتركز القتال داخلها في محيط حيي الخالدية وبابا عمرو، وقعت اشتباكات عند حاجز المشفى الوطني في الحولة، في حين تدور اشتباكات عنيفة بين مسلحين من أهالي قريتي أم الخير وأم المسامير التابعة لبلدة تل تمر في محافظة الحسكة ومقاتلين من الكتائب المقاتلة الذين هاجموا القريتين، ووردت معلومات مؤكدة عن سقوط قتلى وجرحى بصفوف الطرفين، وشوهدت الطائرات الحوامة بقصف مناطق بمحيط القريتين على خلفية السيطرة على المناطق بالمحافظة وقتلت سيدة وطفل وسقط عدد من الجرحى إثر سقوط قذائف على حي المفتي في مدينة الحسكة ليل السبت، وفي درعا تدور اشتباكات بين المعارضة والقوات الحكومية عند أطراف بلدة النعيمة في ريف درعا, وتعرضت قرى وبلدات وادي اليرموك، وسيطر مقاتلون من الكتائب المقاتلة على مفرزة المخابرات العسكري في بلدة الشجرة، وذلك إثر انسحاب القوات السورية منها باتجاه حاجز يبعد نحو 3 كم عن المفرزة، كما تجدد القصف على بلدة النعيمة مع استمرار الاشتباكات، وفي السويداء دارت اشتباكات بين مسلحين من اللجان الشعبية المسلحة الموالية لدمشق في قرية داما ومسلحين من البدو ومقاتلين من الكتائب المقاتلة هاجموا حواجز اللجان الشعبية في القرية واستمرت الاشتباكات لساعات عدة، وأسفرت عن مقاتل ما لا يقل عن 3 من عناصر اللجان الشعبية وإصابة نحو 10 بجراح، ولقي ما لا يقل عن 8 من مقاتلي الكتائب المعارضة ومسلحي البدو مصرعهم خلال هذه الاشتباكات التي دارت شمال غرب محافظة السويداء".
وتحدثت تقارير صحافية عن أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" تحضر لتوجيه ضربات لـ"الإسلاميين" في سورية، باستخدام طائرات من دون طيار، في الوقت الذي أعلن فيه القنصل السوري لدى كوبا هيثم حميدان انشقاقه عن نظام الأسد، بينما شهدت باريس تظاهرة منددة بالحكومة السورية و"مجازرها"، وبعجز الأمم المتحدة عن وضع حد للنزاع السوري المستمر، وتوزع القتلى كالآتي: 41 في دمشق وريفها، 26 في حلب، 20 في درعا، 15 في الرقة، 17 في إدلب، 12 في حمص، 8 في حماه، 3 في دير الزور، و2 في الحسكة.
وطلب الرئيس السوري بشار الأسد من دول الـ"بريكس"، التي تعقد اجتماعًا في جوهانسبورغ، بعد عشرة أيام، التدخل من أجل وقف العنف في بلاده، وذلك في رسالة سلمتها مستشارته بثينة شعبان إلى رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما، الذي سيترأس في 26 آذار/مارس الجاري قمة "البريكس"، تتناول الوضع في سورية".
وأكدت شعبان أن زوما "بدا متجاوبًا خلال الاجتماع، وأبدى أسفه للدمار الذي يصيب بلدنا الجميل، وأنها زارت، في الإطار ذاته، روسيا والصين والبرازيل والهند، وستعود إلى سورية في غضون أيام، مضيفة أن الأسد "يطالب في رسالته بتدخل مجموعة البريكس من أجل التوصل إلى وقف العنف في بلاده، والمساعدة على إقامة الحوار (الوطني) الذي يرغب في بدئه"، وقد امتنعت الدول الأعضاء في هذه المجموعة عن التصويت في مجلس الأمن، أثناء جلسة إقرار التدخل العسكري في ليبيا، فيما أوضحت شعبان أنها زارت في الإطار نفسه روسيا والصين والبرازيل والهند، وستعود إلى سورية في غضون أيام.
ودعت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون إلى توخي الحذر بشأن مسعى فرنسا وبريطانيا لرفع حظر يفرضه الاتحاد على توريد الأسلحة إلى سورية لمساعدة مقاتلي المعارضة، وشككت في مدى تأثير مثل هذه الخطوة على المحاولات الرامية للتوصل إلى تسوية سياسية هناك، فيما أكدت ضرورة أن يتشاور الاتحاد الأوروبي مع الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي ورئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض معاذ الخطيب بشأن مدى تأثير رفع الحظر على جهودهما الرامية لبدء المحادثات لإنهاء الأزمة السورية.
وذكرت أشتون، أثناء مؤتمر نظمه صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة، وهي مؤسسة معنية بتعزيز التعاون عبر الأطلسي، "ما ينبغي علينا التأكد منه هو ألا يزيد أي شئ نقوم به من صعوبة ذلك العمل، وأنها أبلغت قادة الاتحاد بضرورة التفكير بحرص شديد في تداعيات رفع حظر السلاح، فهل سيزيد إرسال الأسلحة إلى الميدان من احتمال قيام آخرين بالشيء نفسه؟ وماذا سيكون رد فعل بشار الأسد بناء على ما نعرفه عن ردود فعله حتى الآن؟ وهل سيوقف ذلك قتل الناس أم سيسرع من وتيرة قتلهم؟".
وقادت ألمانيا جبهة معارضة الخطوة الفرنسية البريطانية، الرامية لرفع الحظر من أجل مساعدة مقاتلي المعارضة، بعد عامين من الحرب الأهلية، التي أودت بحياة 80 ألف شخص، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، في حين اعتبر وزير الخارجية الفرنسي السابق آلان جوبيه أن "من حق فرنسا وبريطانيا طرح احتمال تسليم أسلحة للمقاتلين المعارضين للحكومة السورية"، وقال، على هامش تدشين جسر جديد في بوردو جنوب غربي فرنسا، "عملنا طيلة عامين كل ما في وسعنا لإيجاد مخرج دبلوماسي لهذا النزاع، لكننا لم ننجح، وينبغي التحرك، وأعتقد أن من حق فرنسا وبريطانيا طرح المشكلة، وإنه قرار صعب وخطير وينطوي على مجازفة"، منبهًا إلى أن "مجموعات متطرفة هي في صفوف هذه المعارضة، وقد أحرزت تقدمًا لسبب هذه المأساة، لذا ينبغي إبداء انتباه كبير، ومخاطبة من هم قادرون في الائتلاف الوطني السوري على أن يكونوا محاورين مسؤولين، وأن تسليح المقاتلين السوريين المعارضين سيتيح إعادة التوازن بعض الشئ إلى الأمور بين الحكم الذي تزوده روسيا وإيران أسلحة ثقيلة والمعارضة التي تقاتل بأسلحة خفيفة".
وحذّر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ من أن "الفشل في تزويد مقاتلي المعارضة بالأسلحة سيزيد من مخاطر الأزمة الإنسانية المتفاقمة في سورية، وشدد على أن "تخفيف الاتحاد الأوروبي من حظر الأسلحة سيخفف هذه المحنة". وأشار هيغ في حديث صحافي إلى أن "نقل الأسلحة إلى قوات المعارضة السورية يجب أن يتم بعناية فائقة لمنع وصولها إلى أيدي المتطرفين، لكن يتعين على الحكومة البريطانية أن توازن بعض المخاطر بمخاطر أخرى".
وقال إن "نقل الأسلحة يجب أن يكون خاضعاً للسيطرة ويتم بعناية فائقة وخصوصاً ما يتعلق بنوعيتها وطرق مراقبة ما تم إرسالها منها، والحصول على ضمانات بوجود حاجة إليها من الجماعات المتلقية".
وأكد أن "هناك مخاطر جعلتنا لا نرسل حتى الآن معدات قاتلة للمعارضة السورية، لكن في حال تفاقمت هذه الأزمة في الأسابيع والأشهر المقبلة، وباتت هناك مخاطر أكبر فيجب أن نوازنها بمخاطر الإرهاب الدولي والتطرف التي تترسخ في سورية، ومخاطر زعزعة الاستقرار في لبنان والعراق والأردن، ومخاطر الأزمة الإنسانية المتفاقمة". وأشار هيغ إلى أن "السياسة الخارجية تملي، كما في أي وقت مضى، موازنة بعض المخاطر بمخاطر أخرى".
من جهته كرر وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس لقناة فرانس 3 العامة أنه يجب تسليح المقاتلين السوريين المعارضين وإلا "فقد ينتصر" تنظيم القاعدة. وقال "إذا أردنا التوصل إلى حل سياسي في سورية يجب تحريك الوضع العسكري ميدانيا وتسليح مقاتلي المعارضة للتصدي للطائرات التي تفتح النار عليهم"، مؤكدا أنه في حال سيتم تسليم أسلحة، فسيكون للجناح العسكري للائتلاف الوطني المعارض.
وواصلت دمشق عبر إعلامها الرسمي، السبت، حملتها ضد سعي بعض الغربيين إلى تزويد المعارضة السورية بالسلاح، معتبرة أنها "لعبة قذرة"، وغداة إعلان الاتحاد الأوروبي، بضغط فرنسي، أنه سيحاول التوصل الأسبوع المقبل إلى "موقف مشترك" في مسألة تزويد المعارضة السورية بالأسلحة، حملت صحيفة "الثورة" الحكومية السورية الصادرة، السبت، على إعلان لندن وباريس استعدادهما لتسليح المعارضة، حتى دون موافقة الاتحاد.
وقالت إن "الإعلان الفرنسي البريطاني بتزويد المجموعات الإرهابية بالسلاح بشكل منفرد وبمعزل عن موافقة الاتحاد الأوروبي، ليس حالة تمرد على قرارات الاتحاد، وليس عصيانًا للسيد الأميركي"، لكنه "إعلان صريح عن الدخول في لعبة توزيع أدوار قذرة".
ورأت أن "محور رعاة الإرهاب الدولي الممتد من واشنطن إلى لندن وباريس وأنقرة والدوحة والرياض لا يريد لطاولة الحوار السوري السوري أن تلتئم، ولا يريد للأزمة أن تنتهي"، وفي مكان آخر، كتبت "الثورة" أن أوروبا "تقدم صورة نمطية من العودة إلى منطق الاستعمار"، مضيفة "المفارقة أن أحدًا لا يستطيع أن يقتنع أنه يمكن لفرنسا وبريطانيا أن ترسما خطًا في السياسة أو في غيرها خارج الحسابات الأميركية".