عناصر من المعارضة المسلحة السورية
دمشق ـ جورج الشامي
شهدت سورية ، السبت، مقتل 108 سوري بينهم 9 أطفال معظمهم في دمشق وحلب، وذلك في الاشتباكات المستمرة في مختلف أنحاء البلاد، فيما زادت حدت الاشتباكات في الرقة ودمشق، وسط أنباء عن سيطرة "الجيش الحر" على عدة مواقع استراتيجية، بعدما أعلن سيطرته الكاملة على معبر اليعروبية الحدودي، واتهم قوات
عراقية بالاعتداء على قوات من المعارضة المسلحة.
جاء ذلك في الوقت الذي اتفق فيه وزير الخارجية السوري وليد المعلم ونظيره الإيراني علي أكبر صالحي، على أن الحوار بين الحكومة السورية والمعارضة هو السبيل الوحيد لحل الأزمة، فيما دعت القوات المسلحة السورية كل من غرر بهم من أبناء سورية للعودة إلى جادة الصواب وإلقاء السلاح، فيما أعلنت الأمم المتحدة أنها على استعداد لـ"تسهيل قيام حوار" بين النظام والمعارضة في سورية.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن عشرات الجنود النظاميين والثوار قتلوا في اشتباكات "ضارية" في الرقة، مشيرًا إلى أن مواجهات عنيفة تدور بين عدة كتائب مقاتلة والقوات النظامية في ضواحي الرقة.
وأشار المرصد في بيان له إلى أن الجيش يقصف العديد من الأحياء في المدينة وضواحيها، وأن المعارك أسفرت عن مقتل عشرات الجنود والمقاتلين المعارضين دون أن يتمكن حتى الآن من تحديد حصيلة الضحايا، موضحًا أن مروحيات الجيش النظامي تدخلت لقصف مواقع المعارضين.
وقال ناشطون في منطقة الرقة إن مدفعية النظام قصفت أحياء عدة في المدينة بينما وقعت اشتباكات بين الثوار وعناصر نظامية عند نقطة عسكرية تعرف بحاجز الفروسية ومحيط مبنى الهجانة.
وأشارت لجان التنسيق المحلية إلى أن أصوات الأسلحة المختلفة تدوي في كل أنحاء المدينة، ولوحظ انتشار قناصة النظام على سطح المستشفى الوطني وقيادة الشرطة.
في غضون ذلك اقتحم الجيش الحر السجن المركزي في المحافظة وسط انقطاع التيار الكهربائي والماء عن معظم الأنحاء، فيما سقطت عدة قذائف هاون على منطقة شارع القطار بالقرب من جامع الأنوار ولازالت الاشتباكات مستمرة بين الجيش الحر وقوات النظام في موقع الفروسية شمال غربي المدينة.
كما قصفت القوات النظامية داريا بريف دمشق ومناطق عدة أخرى، وقد أكد المجلس المحلي لمدينة داريا بريف دمشق تعرض أحياء المدينة لقصف براجمات الصواريخ والدبابات.
وأضاف ناشطون أن القصف تزامن مع اشتباكات بين الثوار وقوات النظام على محاور عدة بعد وصول رتل عسكري مدعوم بالدبابات قادم من مطار المزة العسكري، مشيرين إلى أن المدينة لا تزال تحت حصار خانق حيث لحق بها دمار واسع مما أسفر عن تهجير أهلها، بالإضافة لنقص شديد بكافة مقومات الحياة لليوم الـ110.
فيما حدثت اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر وجيش النظام في مخيم اليرموك بالقرب من مبنى بلدية اليرموك في شارع فلسطين وسط استمرار القصف على المنطقة.
وفي حمص، وقعت اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر وجيش النظام في باب هود وجورة الشياح والقرابيص والقصور وسط قصف مدفعي عنيف وإطلاق نار كثيف من برج الغاردينيا على الطريق المؤدي إلى منطقة الوعر.
وأفادت لجان التنسيق المحلية بتعرض مناطق بريف حمص الشمالي لقصف قوات النظام ولا سيما في الرستن والغنطو، وسماع دوي انفجارات عدة في تلبيسة، كما هزت الانفجارات أحياء في حمص المدينة.
أما في دير الزور، فقالت الهيئة العامة للثورة إن قصفا عنيفا تعرض له حي الشيخ ياسين من قبل جيش النظام بقذائف الهاون وراجمات الصواريخ، فيما انشق عدد من الجنود من معسكر الطلائع في حين قامت قوات النظام بشن حمله مداهمات وتفتيش للمنازل في منطقة الضاحية للبحث عن المنشقين.
وقصفت طائرات النظام قلعة المضيق في حماة بالبراميل المتفجرة. فيما سيطر الجيش الحر على قاعدة تل عثمان العسكرية بالكامل بعد القضاء على عناصر من ميليشيات النظام والشبيحة المتواجدين في القاعدة، وتدمير دبابتين واغتنام "بي إم بي" وآلية "بلدوزر".
وأفادت الهيئة العامة للثورة بأن قوات النظام قصفت بلدتي تسيل ونوى في درعا، وهاجم الجيش الحر مفرزة الخيمة في ريف المدينة وقتل ثمانية جنود تابعين لقوات النظام، وذلك في الوقت الذي قصفت فيه قوات النظام قرى في ريف اللاذقية.
وأعلنت "شبكة شام" أن طائرات النظام السوري قصفت خلال الليل مناطق في بلدة خان العسل في الريف الغربي من حلب، وتمكن الجيش الحر من دخول مدرسة الشرطة ودارت اشتباكات عنيفة تدور مع قوات النظام التي تقوم بقصف المدرسة.
واتهم اللواء سليم إدريس رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش السوري الحر قوات عراقية بالاعتداء على قوات من الجيش الحر التي سيطرت اليوم على منفذ اليعربية الحدودي بالكامل وطردت ميليشيات الأسد منه.
وقال في تصريح له : " إن اعتداء الجيش العراقي أدى إلى استشهاد خمسة من مقاتلي الجيش الحر ونحمل رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي مسؤولية هذا التدخل السافر في الشؤون السورية، ونطالب المعارضة السياسية بتقديم شكوى لمجلس الأمن حول التدخل العراقي رغم أننا نعرف سلفاً أنها لن تفضي إلى نتائج إيجابية".
وكان الجيش الحر أعلن سيطرته الكاملة على المنفذ اليعربية الحدودي مع العراق ويسيطر على منطقة السوق الحرة بالكامل وانسحاب قوات النظام إلى داخل الأراضي العراقية.
في حين قال محافظ نينوى العراقي أثيل النجيفي إن طائرات سورية قصفت معبر اليعربية من داخل المجال الجوي العراقي، فيما لم ينفي أو يؤكد قصف القوات العراقية مواقع الجيش السوري الحر على الحدود.
في غضون ذلك، أجمع وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، ونظيره الإيراني، علي أكبر صالحي، السبت، على أن الحوار بين الحكومة السورية والمعارضة هو السبيل الوحيد لحل الأزمة السورية المستمرة منذ عامين.
وفي مؤتمر صحفي مشترك في طهران، دعا صالحي الحكومة السورية إلى تلبية مطالب الشعب، إلا أنه أكد على ضرورة طرد من اسماهم بـ"المرتزقة" الذين دخلوا البلاد.
من جانبه، قال المعلم إن بلاده تواجه "أزمة يشارك فيها معظم الكون ولكننا صامدون بفضل دعم أطراف صديقة وشقيقة". وشدد المعلم على أن الحكومة السورية ماضية في خيار الحوار السياسي، مشيرا إلى أن نجاح الحوار يتطلب وقف كافة أشكال العنف في سورية. وقال إن "قطار الحوار وضع على سكته، وذلك أيمانا من الحكومة السورية بالحل السياسي".
وأكد أنه يجب وقف العنف لنجاح الحوار السياسي، معتبرا أن "وقف العنف يبدأ بتجفيف مصادره لأننا نواجه مجموعات إرهابية مسلحة ترتبط بتنظيم القاعدة". وأضاف المعلم "الجهود المشتركة لوقف العنف تبدأ بالضغط على تركيا وقطر وآخرين ممن يدعمون الإرهاب ويمولون ويسلحون ، مشيرًا إلى أن المجموعات الإرهابية تدمر البنية التحتية للسوريين وتسفك دمهم".
واعتبر أن الحصار الاقتصادي المفروض على سوريا هو حصار على الشعب السوري، مستغربا من قرار الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي إرسال مساعدات غير قاتلة للمعارضة السورية بقيمة ستين مليون دولار.
وكان لافتا موافقة المعلم الجلوس للحوار مع من حمل السلاح أيضا، معتبرا أن هذا ما يحتاجه بناء سورية، ولكنه عاد وأكد على أولوية تطهير البلاد مما أسماه "الإرهاب"، كما اعتبر أن بإمكان الولايات ،إذا أرادت، وقف العنف في سورية.
في حين دعت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية في بيان لها اليوم المعارضة المسلحة لإلقاء السلاح حيث قالت "إن قواتنا المسلحة وهي تنقل لشعبها الأبي أخبار انتصارات جيشنا الباسل على أدوات القتل والعدوان من إرهابيين ومرتزقة فإنها تدعو في الوقت ذاته كل من غرر بهم من أبناء سورية للعودة إلى جادة الصواب فالفرصة ما تزال سانحة لإلقاء السلاح والعودة إلى حضن الوطن الذي يتسع إلى جميع أبنائه".
في سياق متصل، أعلنت الأمم المتحدة أن الأمين العام، بان كي مون، والموفد الدولي إلى سورية لخضر الإبراهيمي التقيا، السبت، في سويسرا، وأكدا استعداد المنظمة الدولية لـ"تسهيل قيام حوار" بين النظام والمعارضة في سورية.
وجاء في البيان أن بان كي مون والإبراهيمي ناقشا خلال هذا اللقاء التصريحات الأخيرة للحكومة السورية والمعارضة التي تشير إلى رغبة بإجراء حوار، مشيرًا إلى أن الأمم المتحدة ترحب بشدة وستكون مستعدة لتسهيل قيام حوار بين وفد قوي وتمثيلي للمعارضة ووفد معتمد من الحكومة السورية".
وخلال لقائهما، السبت، في سويسرا، أعرب بان كي مون والإبراهيمي عن "خيبة أمل شديدة لفشل المجتمع الدولي في القيام بتحرك موحد" لوضع حد للنزاع في سوريا الذي تقول الأمم المتحدة إنه أوقع نحو 70 ألف قتيل خلال نحو عامين، كما أعربا عن الأسف لقلة احترام الحياة البشرية من قبل طرفي النزاع في سوريا، وشددا على أهمية محاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
في غضون ذلك أكد أحمد معاذ الخطيب، رئيس الائتلاف السوري المعارض، أن الحل المستعصي في سورية لن يتحقق إلا بإرادة الشعب، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن نظام الأسد يعيش على خلافات المعارضة، لذا "بدا لزاماً علينا الاتحاد".
وقال الخطيب، بمناسبة إجراء أول انتخابات محلية، في مدينة حلب والتي تعد سابقة من نوعها، إن نظام الأسد يحاول إثارة النعرات الطائفية والقومية بين السوريين، ويعمل على إخافة علويي الساحل، مشددًا على ضرورة أن يحرص الثوار على ضمان أمن عمال المنظمات المدنية في سوريا. ولفت إلى أن لا قرار دولياً الآن للحل، لأن القوى الدولية تريد مواصلة المراوحة حتى إضعاف الطرفين المتنازعين، فيلزمان عندها بالتسوية.
من جانب آخر أعلن الجيش الإسرائيلي أن قذائف سقطت، السبت، في منطقة غير مأهولة في جنوب هضبة الجولان المحتلة دون أن تسفر عن ضحايا أو أضرار، ورجح أن تكون قد أطلقت من الأراضي السورية. وقال متحدث عسكري إسرائيلي إن قوة الأمم المتحدة المرابطة في مرتفعات الجولان المحتل الحادث أبلغت بالحادث، مشيرا إلى أن جنود قوات الدفاع الإسرائيلية يواصلون عمليات البحث في المنطقة.
وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن القذائف سقطت في مسافة هي الأبعد عن خط وقف إطلاق النار التي تسقط فيها قذائف من الجانب السوري في الجولان المحتل منذ بدء الأحداث في سوريا.
كما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله إن أربع قذائف هاون سقطت في منطقة مفتوحة في مرتفعات الجولان من دون وقوع إصابات أو أضرار، ويعتقد الجيش الإسرائيلي أن القذائف سقطت أثناء اشتباكات بين الجيش النظامي السوري ومقاتلي الجيش الحر.