برلين - منيب سعادة
شهدت العاصمة الألمانية برلين، وعلى مدار يومي السابع عشر والثامن عشر من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، انعقاد المؤتمر القاري الرابع لاتّحاد الجاليات والمؤسسات والفعاليات الفلسطينية في أوروبا تحت شعار "دورة دعم مسيرات العودة وكسر الحصار"، بحضور ومشاركة 70 ممثلًا ومندوبًا عن 42 مؤسسة واتحاد من 17 دولة أوروبية، وبحضور رسمي وفصائلي وازن يتقدمه عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تيسير خالد، والقائد الوطني محمد بركة رئيس لجنة المتابعة العربية العليا في الداخل الفلسطيني عام 48، وسفيرة دولة فلسطين في ألمانيا دكتور خلود عيبس، وصف وطني عريض من الشخصيات الفلسطينية والعربية.
وتوقّف المؤتمر أمام الحالة الوطنية الفلسطينية واستعصاءاتها الكبيرة على المستويات السياسية والتنظيمية والدبلوماسية والكفاحية، واستمرار سياسة الباب الدوار التي يتبعها طرفا الانقسام الفلسطيني والتي تنعكس سلبيًا على الدور المناط بمؤسساتنا الوطنية، وعجزها عن إدارة الصراع مع الكيان الصهيوني، ومواجهة صفقة القرن التي يجري الترويج لها لتكون مشروعًا إمبرياليًا أمريكيًا إسرائيليًا جديدًا، للإنقضاض والإجهاز على حقوق شعبنا المشروعة غير القابلة للتصرف التي كفلتها كافة المواثيق والمعاهدات والقرارات الأممية ذات الصلة، وتصفية قضيتنا الوطنية العادلة.
وأقر الاتحّاد خلال مؤتمره القاري، خطة عمله خلال الفترة المقبلة، حيث جمعت خطته بين المهام الوطنية دفاعًا عن الحقوق المشروعة ، ورفع سوية أداء الجاليات وتطويره وتعزيز العلاقة مع المجتمعات المحلية، وتركزت على البرنامج والخطوط" دعم القادمين الجدد إلى أوروبا وتقديم العون لهم بما ينعكس إيجابًا على خدمة قضيتنا الوطنية,تطوير برامج الاتحاد لاستقطاب الجيل الجديد للانخراط في العمل الوطني, العمل على الاندماج في المجتمعات الأوروبية بشكل يضمن المحافظة على الهوية الوطنية ويعزز دورنا ورفع مكانة الجالية الفلسطينية في كافة مجالات الحياة, العمل على إيجاد صيغة تنسيقية لعمل الجاليات في أوروبا بشكل ديمقراطي وبالتساوي بين جميع الاتحادات المتواجدة,انجاز مسح إحصائي لعدد أفراد الجالية الفلسطينية في أوروبا وأماكن تواجدهم و فئاتهم الاجتماعية,تفعيل العمل عبر وسائل التواصل الاجتماعي كأحد مصادر المعلومات والتنسيق ونقل التجارب ومخاطبة الجاليات من خلالها, دعم الهبة الشعبية الفلسطينية لتتحول إلى انتفاضة شعبية شاملة ينخرط فيها أبناء الشعب كافة,فضح الممارسات العنصرية و الفاشية الإسرائيلية تجاه أبناء شعبنا, مطالبة الرأي العام الأوروبي بدعم قضيتنا العادلة والضغط على الحكومات الأوروبية من أجل ذلك, الانخراط في المؤسسات الأوروبية القائمة للمطالبة بمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات الأوروبية من المستوطنات.
صدر البيان الختامي الذي يفصّل الموقف والرؤية السياسية التي ينادى بها الاتحاد ويناضل لترسيخها تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، وتضمنت العديد من المحاور والقضايا التي عبر الإتحاد عن موقفه منها، حيث اجمع المؤتمرون على البيان السياسي
• أولًا: منظمة التحرير الفلسطينية
يجدد المؤتمر القاري الرابع لاتحاد الجاليات والمؤسسات والفعاليات الفلسطينية في أوروبا، تمسكه بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلًا شرعيًا وحيدًا للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده.
و يدعو المؤتمر للعمل على تطوير وإصلاح مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، عبر تفعيل مؤسساتها وإعادة تشكيلها على أسس ديمقراطية لتضم كل الأطياف الفلسطينية، عبر الانتخابات الشاملة في الداخل والخارج وحيث أمكن، وفق نظام التمثيل النسبي الكامل، بما يكرس مبدأ الشراكة السياسية الشاملة لجميع القوى والتيارات والفعاليات الفلسطينية كافة، بما في ذلك القطاعات المستقلة وممثلو المجتمع المدني والقطاع الخاص وفلسطينو الشتات والفعاليات الاجتماعية على اختلاف اتجاهاتها، وذلك وفقا لما جاء في بيان القاهرة (2005) ووثيقة الوفاق الوطني (2006) ونتائج لجان الحوار الوطني الشامل في آذار/مارس 2009 وما تلاها بعد ذلك من تفاهمات، كما يدعو المؤتمر إلى تطبيق قرارات المجلس الوطني والمركزي الفلسطيني في دوراته الأخيرة لجهة التحرر من كل القيود التي فرضها اتفاق أوسلو وبروتوكول باريس الاقتصادي على شعبنا وعلى السلطة الوطنية الفلسطينية، والتركيز على دور السلطة في حماية أمن شعبنا وتعزيز صموده.
• ثانيًا : الحقوق الثابتة
يجدد المؤتمر تمسكه بالحقوق الوطنية الثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في دولة مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وحق اللاجئين من أبنائه في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها منذ العام 1948، وهو حق تاريخي وثابت، كفلته المواثيق والقوانين والأعراف الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وفي هذا السياق سيقف شعبنا وقواه الحية سدًا منيعًا وحارسًا أمينًا أمام كل المؤامرات ومشاريع التسوية التي تلتف وتنتقص من حقوق شعبنا، لا سيما صفقة العصر التي تروج لها الإدارة الأمريكية المعادية لشعبنا والمتواطئة مع الكيان الصهيوني.
• ثالثا : إعادة اللحمة لجناحي الوطن وإنهاء الانقسام
وكشف المؤتمر غن تمسكه بالوحدة الوطنية لأبناء الشعب العربي الفلسطيني كافة، وقواه السياسية على اختلاف اتجاهاتها، ويدعو لضرورة إنهاء الانقسام فورًا، والتفرغ لمجابهة الاحتلال الإسرائيلي، والتآمر الأميركي، ويرى أن الوسيلة الوحيدة لحل الخلافات والتباينات، هي الحوار الوطني بين أبناء الشعب الواحد وقواه السياسية، وفي هذا السياق يدعو المؤتمر إلى التطبيق الفوري لقرارات الحوار الوطني وفي مقدمتها تفعيل الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى التحضير لانتخابات رئاسية وتشريعية وانتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني على أساس التمثيل النسبي الكامل، بما يضع الأسس الكفيلة باستعادة الوحدة الداخلية، وإعادة توحيد المؤسسات الفلسطينية، وتوفير الفرص للتفرغ للنضال ضد الاحتلال والاستيطان.
• رابعا : مسيرات العودة وحصار غزة
يُحيي المؤتمر النضال اليومي البطولي الذي يخوضه أبناء شعبنا في الوطن المحتل، وفي المقدمة منهم شباب فلسطين المنتفض في كافة الميادين والساحات لمجابهة الاحتلال وقطعان مستوطنيه، بخاصة مسيرات العودة وكسر الحصار وصمود أهلنا في الخان الأحمر وإفشالهم المشروع الصهيوني الذي يستهدف طردهم من أرضهم. تحية للمعركة التي يخوضها شعبنا في قطاع غزة، والهبات والمسيرات والاعتصامات اليومية والأسبوعية في الخان الأحمر وبلعين ونعلين وكفر قدوم، وغيرها من نقاط التماس والاشتباك الميداني مع مفرزات الاحتلال الغاشم على أرضنا. كما ونجدد ونؤكد نداءنا العاجل في هذا الصدد، بضرورة رفع العقوبات عن قطاع غزة الباسل المحاصر، وتوفير كل الدعم لمساندة شعبنا في مسيرات العودة وكسر الحصار والضغط بكافة الوسائل من أجل فك الحصار الجائر عن القطاع، فشعبنا المقاوم الذي مرّغ جنود الاحتلال في رمال غزة وأسقط خرافة الجيش الذي لا يُقهر، يستحق من القيادة الفلسطينية كل الدعم والإسناد والاحتضان، لا التحريض وقطع المعونات والرواتب.
• خامسا : الأسرى.. أسرى الحرية
يتوجه المؤتمر بالتحية والإجلال إلى الأبطال الصامدين في سجون العدو الإسرائيلي، أبطال الحركة الأسيرة من فلسطينيين وعرب، ويثمّن عاليًا نضالاتهم الباسلة وخوضهم معارك الأمعاء الخاوية، ومواقفهم التوحيدية التي أعطت نموذجًا يحتذى به في صون الوحدة الوطنية في مواجهة العدو، ويدين المؤتمر سياسات العدو في اعتقال أبناء الشعب العربي الفلسطيني، والزج بهم في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، معتمدًا على أكثر القوانين عنصريةً في العالم، ويرى في ذلك تأكيدًا على فاشية العدو ونازيته، ويدعو في هذا الجانب لجان حقوق الإنسان والفعاليات القانونية الأوروبية والعالمية، للتحرك لدعم صمود الأسرى الأسطوري، والدفاع عنهم أمام المحاكم وكشف زيف العدالة الإسرائيلية، والمطالبة بإطلاق سراحهم وإعادتهم إلى عائلاتهم ليعيشوا أحرارًا تحت شمس الحرية في وطنهم. ويثمّن المؤتمر في هذا الإطار الجهود التي يبذلها التحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين في تدويل قضية الأسرى وحشد التضامن والإسناد لهم على طريق نيل حقوقهم وحريتهم، كما يترحم المؤتمر على الرئيسة الفخرية للتحالف الأوروبي لمناصر الأسرى المناضلة الأممية المرحومة فيليتسيا لانغر والتي تركت بصماتها الشجاعة والجريئة في الدفاع عن حقوق الأسرى الفلسطينيين والتحية لكل المتضامنين مع الشعب الفلسطيني ونخص مناضلي سفن الحرية لكسر الحصار عن قطاع غزة. ورفض كل أشكال الاضطهاد والتطرّف التي يتعرض له شعبنا الفلسطيني.
• سادسا : دعم حملات مقاطعة إسرائيل (BDS) ومقاومة حملات التطبيع
يؤكّد المؤتمر على ضرورة وأهمية تبني القيادة الفلسطينية، ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية، لحركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS)، وعدم الاكتفاء بدعمها وإسنادها، بل يتوجب تبنيها كاستراتيجية وطنية عليا، تتقدم على غيرها من الوسائل الديبلوماسية والسلمية التي تنتهجها القيادة الفلسطينية والتي للأسف أثبتت فشلها في ردع الاحتلال ووقف جرائمه المتواصلة بحق شعبنا الفلسطيني، وفي المقابل أثبتت حركة المقاطعة بكافة أشكالها وفي المقدمة منها المقاطعة الاقتصادية أنها سلاح فتاك يضطر ويؤثر بشكل كبير على دولة الاحتلال الإسرائيلي، على طريق عزلها دوليًا حتى تنصاع للقانون الدولي ولحقوق الإنسان وتعترف بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة التي كفلتها كل المواثيق والقرارات الأممية.
• سابعا : وحدة الجاليات الفلسطينية في أوروبا
يتوجه المؤتمر بنداء صادق وأخوي إلى الجاليات والمؤسسات والفعاليات الفلسطينية كافة في أوروبا، يدعوها فيه إلى تغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الفردية والجهوية الضيقة، والعمل الجاد على توحيد الأطر الشعبية والأهلية الفلسطينية، ورفع وتيرة تنسيق الجهود فيما بينها، بما يعزز من دورها ويمنحها زخما إضافيا في دعم قضية شعبنا ونضالاته، والعمل على إيجاد وتشكيل لجنة حوار تضم جميع المؤسسات الفلسطينية المتعددة في أوروبا، من أجل توحيد جهودها والاتفاق على أوراق عمل وبرامج تخدم أبناء شعبنا في الوطن والمهجر والشتات. ونؤكد أن اتحاد الجاليات والمؤسسات والفعاليات الفلسطينية في أوروبا على استعداد كامل، وبإرادة حقيقية وصادقة، للمضي في إنضاج فكرة وحدة الجاليات في أوروبا وبناء إطار موحد على أسس ديمقراطية لها، تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية . وأكد المؤتمر أن اتحاد الجاليات، وكل الأطر والمؤسسات المنضوية في إطاره، منفتحون وبقلوب مؤمنة بقوة وحدتنا وعدالة قضيتنا الفلسطينية في أوروبا، وجاهزون لبذل كل الجهود لإنجاز وحدتنا على الساحة الأوروبية، وفق الأسس الديمقراطية واحترام إرادة الجاليات بعيدًا عن سياسة الإملاء والتشكيل الفوقي.
• ثامنا : قانون القومية العنصري
وأدان المؤتمر قانون القومية العنصري التي أقره الاحتلال، مطالبا الجاليات في أوروبا والعالم أجمع بضرورة تكثيف الجهود لشرح وتوضيح مضامين هذا القانون العنصري ومخاطره على الشعب الفلسطيني في شتى أماكن تواجده، وعلى الإنسانية جمعاء، التي أثبتت نضالات الشعوب هزيمة مشاريع الآبارتهايد التي تحاول دولة الاحتلال الإسرائيلي إعادة إحياءها وفرضها على الشعب الفلسطيني.