الخرطوم ـ جمال إمام
استجاب الآلاف من السودانيين، أمس الجمعة، لنداءات التظاهر التي أطلقها نشطاء وقوى المعارضة للاحتجاج، بعد صلاة الجمعة، فخرجوا في المدن والقرى فيما عرف بـ"جمعة الشهيد"، أو "جمعة الغضب" في رسائل أخرى. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع وقنابل صوتية لتفريق المحتجين، واعتقلت عدداً من الناشطين والصحافيين، بعدما كانت اعتقلت في وقت متأخر من مساء أول من أمس قيادات في المعارضة خلال مداهمة لدار حزب "البعث العربي الاشتراكي". وتحضّر المعارضة السودانية للخروج في مظاهرات صاخبة يوم الثلاثاء المقبل الذي يصادف الذكرى الـ63 لاستقلال البلاد.
ونقلت وسائل التواصل الاجتماعي "فيديوهات" مباشرة من المظاهرات المختلفة في مدن العاصمة الثلاث الخرطوم، وبحري، وأم درمان، وشوهد خلالها إطلاق الغاز المسيل للدموع. وهتف المتظاهرون بـ"إسقاط النظام وبالحرية والسلام والعدالة" لدى خروجهم من مسجد في أم درمان تابع لـ"حزب الأمة" الرئيسي المعارض، وفقاً لأحد الشهود. لكن سرعان ما ردّت شرطة مكافحة الشغب بإطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، بحسب المصدر ذاته.
أقرأ يضًا
- مظاهرات ليلية تجتاح شوارع الخرطوم وقتيل و7 جرحى في غرب السودان
وقال شاهد عيان لـ"الشرق الأوسط": إن المحتجين خرجوا من المساجد وآخرين من داخل الأحياء في مدن العاصمة في الخرطوم، وبحري، وأم درمان، مشيراً إلى أن قلب الخرطوم شهد مظاهرة ضخمة تم تفريقها من قِبل الشرطة بالغاز المسيل للدموع، إلى جانب سماع أصوات رصاص في مناطق متفرقة. ولم يتم التأكد بشكل رسمي من وقوع قتلى.
وقالت مصادر مستقلة: إن المظاهرات كانت سلمية تماماً، ولم تحدث أي أعمال تخريبية. ودعت بيانات للمعارضة المحتجين، إلى إبعاد أي شخص يعمد لاستخدام القوة للتخريب. وبحسب عدد من الناشطين ووكالات الأنباء، فإن الخرطوم، شهدت مظاهرات في أحياء بري، وشرق الخرطوم ووسطها، والصحافة، والرياض، والمنشية، والصفا، وشارع الستين، والجريف غرب، والديم. كما شهدت مدينة بحري، مظاهرات في حيي شمبات والحلة. وفي أم درمان أحياء ودنوباوي، وبيت المال، وابوروف، والفتيحاب، وأم بدة. وفي مدن الولايات خرجت مدينة عطبرة (شمال) التي أشعلت فتيل الاحتجاجات في التاسع عشر من الشهر الحالي، كما شهدت مدينتا حلفا الجديدة، وخشم القربة في شرق البلاد، احتجاجات أيضاً.
قالت مصادر إن السلطات الأمنية داهمت دار "حزب البعث الاشتراكي العربي الأصل" واعتقلت 9 من قيادات تحالف قوى الإجماع كانوا داخل الدار، أبرزهم عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني صديق يوسف، والمتحدث الرسمي باسم حزب البعث محمد ضياء الدين، ورحمة عتيق، والتجاني مصطفى، وحمد موسى وفتحي صديق بابكر محجوب، وأحمد حضرة، وكمال السني، ومجدي عكاشة، لينضموا إلى آخرين وعددهم 14 من قيادات المعارضة اعتقلوا الأسبوع الماضي أثناء اجتماع لهم، أبرزهم فاروق أبو عيسى رئيس هيئة تحالف قوى الإجماع المعارض. ولم يتم التأكد بشكل رسمي أو من قِبل المعارضة لتحديد عدد المعتقلين في الخرطوم ومدن البلاد المختلفة.
ودعا نائب رئيس "المؤتمر الوطني" الحاكم فيصل حسن إبراهيم، عقب انتهاء اجتماع المكتب القيادي في الساعات الأولى من صباح أمس برئاسة رئيس الحزب عمر البشير، الجهاز التنفيذي إلى بذل الجهود لتوفير السلع، داعياً القوى السياسية إلى تضافر الجهود، وتعزيز التسامح والاستقرار، ومبدأ التداول السلمي للسلطة، وتوحيد الجبهة الداخلية في إطار الوفاق الوطني.
وأكد رئيس "حزب المؤتمر السوداني" المعارض، عمر يوسف الدقير، أن قوى المعارضة تسعى لخلق مركز موحد للتنسيق بينها ضمن الحراك في عدد كبير من مدن البلاد، وتوحيد مطالب الشعب السوداني بعنوان "رحيل النظام". وقال: إن هذه المساعي قطعت شوطاً بعيداً لتشكيل هيئة تنسيقية من كافة قوى التغيير، وأضاف: نتوقع أن يصدر الإعلان التأسيسي للتنسيقية خلال اليومين المقبلين، وسيكون مفتوحاً للقوى التي تعمل على التغيير، داعياً السودانيين إلى مواصلة الاحتجاجات حتى تتحقق المطالب، وتابع: لا رجعة عن مطلب رحيل نظام الرئيس البشير الذي لا يملك خيارات في معالجة الأزمة التي تواجه البلاد.
ونوه الدقير على ضرورة ليقظة ورفض الحيل التي قد تلجأ لها الحكومة للالتفاف على هذا الحراك وإفراغه من محتواه عبر طرح بدائل تعيد بها إنتاج النظام بنسخة مخادعة، وقال: إن الشعب السوداني الآن في الشوارع يطالب بالتغيير، حتى وإن طال الوقت.
أما سكرتير "الحزب الشيوعي السوداني" محمد مختار الخطيب فقال: إن قوى المعارضة المختلفة تحالفت وتواثقت في اجتماع عقد الأربعاء الماضي على تشكيل لجنة تنسيقية تعمل على إدارة العمل المشترك ومواصلة الحراك الشعبي، مشيراً إلى أن الاجتماع ضم تحالف قوى الإجماع، ونداء السودان، وتجمع المهنيين السودانيين، والحزب الجمهوري، والتجمع الاتحادي المعارض. وقال: إن الاجتماع خلص إلى مواصلة المسيرات الاحتجاجية الشعبية والتنسيق مع التحالفات والقوى المنظمة القائدة لحركة الجماهير في الأقاليم والمدن خارج العاصمة. كما أكد أن المجتمعين شددوا على أهمية سلمية المواكب واليقظة من الاختراق من قِبل عناصر الأمن لتشويه الانتفاضة بتدمير وتخريب الممتلكات العامة والخاصة وضرورة التصدي للمخربين.
وكانت الحركة الشعبية – شمال، قيادة عبد العزيز الحلو، قد انضمت إلى قوى المعارضة التي دعت إلى مواصلة الاحتجاجات على الحكومة، وقالت: إن "إسقاط نظام عمر البشير يسمح بالحفاظ على وحدة السودان".
من جهته، حثّ ياسر عرمان، نائب رئيس "الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال"، قيادة مالك عقار، قوى المعارضة على تحديد خطة عمل مشتركة تحدد الأولويات التي يجب القيام بها خلال الأيام المقبلة، وقال: نحن نحتاج حقاً إلى مركز موحد للانتفاضة، يتم فيه الاتفاق على الخطوات بشكل جماعي، مشدداً على أهمية الحفاظ على سلمية الاحتجاجات.
وكانت السفارة الأميركية في الخرطوم قد حذرت رعاياها من الاحتجاجات التي اندلعت في العاصمة أمس بعد صلاة الجمعة، وحثت موظفيها للحد من تحركاتهم من الساعة الثانية عشرة ظهراً وحتى الخامسة مساءً. ونوهت إلى أن هناك توقعات بخروج مظاهرات في الخرطوم ومدن البلاد ومواقع أخرى الأسبوع المقبل، وبخاصة الثلاثاء الذي يصادف ذكرى استقلال السودان الأول من يناير/كانون الثاني.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا
- الحكومة السودانية تحقق في مقتل 19 متظاهراً والصحافيون والأطباء يقرّرون الإضرابً
- عمر البشير يعد بإصلاحات اقتصادية توفر حياة كريمة للسودانيين