طهران - العرب اليوم
أكد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أمس، أن أوروبا «ليست في موقف يؤهلها لانتقاد طهران بسبب قدراتها العسكرية»، مطالباً الدول الأوروبية بـ«العمل بواجبها في تطبيع العلاقات التجارية مع إيران؛ وإلا فسيواجهون العواقب» قبل أن يناقش في البرلمان زيارة نظيره الألماني هايكو ماس.
وأفاد موقع البرلمان الإيراني «خانه ملت» بأن ظريف أبلغ لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي البرلمانية بأن وزير الخارجية الألماني يزور طهران لبحث قضايا الاتفاق النووي، نافياً في الوقت نفسه أن يكون الضيف الألماني حاملاً رسالة خاصة إلى طهران. وقال إنه سيناقش ماس في ملف دور الدول الأوروبية الثلاث في الاتفاق النووي.
وقلل ظريف مرة أخرى من أهمية الدعوات الأميركية للتفاوض، ووصفها بـ«الشكلية»، موضحاً أنها «ما زلت تتابع سياسة أقسى الضغط» وقال: «ينبغي على الولايات المتحدة عدم القيام بشيء. يجب عليها عدم عرقلة علاقاتنا مع الآخرين».
وقبل ذلك بساعات وجه ظريف انتقادات لاذعة للأوروبيين، وقال إنه «من المؤكد أن الأوروبيين ليسوا في وضع يسمح لهم بانتقاد إيران، حتى في القضايا التي لا علاقة لها» بالاتفاق النووي الإيراني الذي أبرم في فيينا عام 2015 بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن التلفزيون الإيراني، مؤكدًا أن سياسات أوروبا والغرب «لم تكن لها أي نتيجة أخرى في منطقتنا سوى إحداث أضرار» وذلك في إشارة إلى تصريحات وردت على لسان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأميركي دونالد ترمب في مدينة كون (غرب فرنسا) الخميس الماضي.
اقرأ أيضا:
وزير خارجية إيران يكشف عن رسالة بلاده لدول الخليج العربي
ووصل التوتر الإيراني - الأميركي إلى حافة مواجهة عسكرية في الخليج الشهر الماضي، بعدما أقرت إدارة ترمب تشديد العقوبات النفطية وإدراج «الحرس الثوري» على قائمة المنظمات الإرهابية قبل أيام قليلة من الذكرى الأولى على انسحاب ترمب من الاتفاق النووي مع إيران وإعادة فرض العقوبات. وندد ترمب بالاتفاق النووي الذي وقعته القوى العالمية؛ ومن بينهم سلفه باراك أوباما، مع إيران عام 2015 بوصفه معيباً لأنه غير دائم ولا يشمل برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني أو الدور الذي تلعبه طهران في صراعات منطقة الشرق الأوسط، حيث تشاطر الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق؛ وهي: فرنسا وبريطانيا وألمانيا، الولايات المتحدة مخاوفها حيال برنامج إيران الصاروخي الباليستي وأنشطتها في المنطقة.
وقال ماكرون إنّ تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط يتطلب «الشروع في مفاوضات جديدة»، مشيراً إلى سعي باريس لاحتواء النشاط الباليستي لإيران والحد من تهديداتها الإقليمية. كما شدد ماكرون على أهمية تأكد بلاده من أن إيران لن تمتلك أسلحة نووية، مضيفاً: «كان لدينا اتفاق حتى عام 2025، ونريد أن نعزز هذا ويكون لدينا يقين كامل على المدى الطويل... بالحد من النشاط الباليستي واحتواء إيران إقليمياً».
وتدافع فرنسا عن الاتفاق النووي وتعدّه «السبيل الأمثل للحد من تخصيب اليورانيوم الذي يعد سبيلاً محتملاً لامتلاك أسلحة نووية، كما أنه أساس لمفاوضات في المستقبل تتناول مجموعة أكبر من قضايا الأمن والنزاعات العالقة الأخرى».
وعارضت طهران الجمعة الماضي اقتراحاً فرنسياً بإحياء المفاوضات النووية، مشيرة إلى أن توسيع الاتفاق النووي القائم قد يؤدي إلى انهياره تماماً؛ وفقاً للمتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس الموسوي.
وحول ما إذا كان وزير الخارجية الألماني يحمل رداً أوروبيا على المطالب الإيرانية، قال ظريف أمس في نبرة حادة، إن «واجب الأوروبيين» هو المساهمة في «تطبيع وضع العلاقات الاقتصادية الإيرانية» وأضاف: «على هؤلاء أن يقولوا كم عملوا على تطبيع العلاقات حتى الآن»، مشيراً إلى أن «الخطوات ليست مهمة في الاتفاق النووي، لكن النتيجة هي المهمة».
وعن المهلة التي أعلنتها إيران ويبدأ اليوم شوطها الثاني، قال ظريف: «إننا أعلنا برنامجنا؛ وقلنا إننا سنقوم بهذه الخطوات في الستين يوماً الأولى، وفي الـ60 يوماً التالية سنقوم بخطوات أخرى، وسنتخذ القرار حول الخطوات الأخرى». وخيّر الدول الأوروبية بين اتخاذ خطوات «بناء على واجباتهم» مقابل وقف مسار تجميد تعهدات الاتفاق النووي، و«اتخاذ القرار بناء على الخطوات الأوروبية».
وأوقفت إيران الشهر الماضي بعض التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، وحذرت من أنها ستستأنف تخصيب اليورانيوم بدرجة أعلى من المسموح بها في الاتفاق خلال 60 يوماً إذا لم يوفر لها الأوروبيون الحماية من العقوبات الأميركية.
جاء كلام ظريف عن المهلة الأوروبية في حين أبدى تحفظاً قبل أسبوعين، على مفردة «المهلة»، مما أوحى بتراجع دبلوماسي عن الموقف الذي أعلنه رسمياً المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني حول تجميد تعهدات الاتفاق النووي.
وعدّ ظريف زيارة ماس ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي وزيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى قيرغيزستان وطاجيكستان نهاية الأسبوع الحالي «فرصة لتوضيح المواقف الإيرانية والمستقبل والبحث حول مواجهة سياسات تستهدف كل العالم».
وعن زيارة رئيس الوزراء الياباني، قال ظريف إن «آبي سيزور إيران بصفته رئيس وزراء بلد صديق» وأضاف: «سنبلغ آبي موقفنا بشكل مفصل»، ونوه بأن بلاده أبلغت آبي قبل ذلك في لقاءات معلنة وغير معلنة بأن «الحل الوحيد للمشكلات الاقتصادية وقف سياسة الحرب الاقتصادية».
وعاد ظريف مرة أخرى لوصف العقوبات الأميركية بـ«الحرب الاقتصادية»، وقال: «من جانب تزيد الولايات المتحدة من الضغوط؛ ومن جانب آخر تدعي أنها تميل للتفاوض مع إيران»، وزاد أن «الضغوط الأميركية نتيجة فشل سياساتهم. إن الولايات المتحدة تواجهنا من موقع الضعف». كما قلل من أهمية تغريدة لمبعوث الولايات المتحدة الخاص بإيران برايان هوك، اتهم فيها إيران باللجوء إلى «الفوتوشوب» لتضخيم قدراتها الدفاعية والصاروخية، واكتفى بقول: «سنرى».
وقال ظريف: «نحن لسنا في ظروف الضعف؛ إنما في ظروف القوة، والولايات المتحدة تشعر بأنها في موقع ضعف ولم تبلغ أهدافها في سوريا والعراق واليمن ولبنان»، وجاءت تغريدة هوك أول من أمس رداً على حملة «دعائية» إيرانية أطلقت عبر منصات التواصل الاجتماعي في حسابات منسوبة إلى «الحرس الثوري»، ونشرت تلك الحسابات تحديداً لأول مرة تسجيلات من نقل إيران صواريخ وإطلاقها من مواقع تحت الأرض، فيما تناقلت مواقع ووكالات تابعة لـ«الحرس» تسجيلات من انتشار أنظمة دفاع إيرانية في مواقع مختلفة.
في غضون ذلك، كشفت إيران النقاب أمس عن منظومة دفاع جوي جديدة «محلية الصنع» ولديها القدرة على تعقب 6 أهداف؛ من بينها طائرات مقاتلة وقاذفات وطائرات مسيرة، في الوقت نفسه وتدميرها بالصواريخ، حيث قال وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي خلال مراسم إزاحة الستار عن المنظومة: «ستعزز إيران قدراتها العسكرية لحماية أمنها القومي ومصالحها، ولن تطلب الإذن من أحد بهذا الشأن» طبقاً لوكالة «رويترز».
من جانبه، انتقد رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني أمس موقف الرئيس الفرنسي ماكرون. وقال: «التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الرئيس الفرنسي كانت مخزية وغير ملائمة»، مضيفاً: «تصريحات ماكرون لا تتماشى مع ما يقوله لرئيسنا السيد (حسن) روحاني في اجتماعاتهما وعلى الهاتف» بحسب «رويترز».
وفي رفض للمطالب بتراجع إيران عن دورها الإقليمي، قال مستشار المرشد الإيراني للشؤون العسكرية، اللواء رحيم صفوي، إن «الولايات المتحدة تواجه تحدي قوة الثورة الإسلامية وثقافة المقاومة».
وقال صفوي إن «القوة تنتقل من النصف الغربي إلى النصف الشرقي والآسيوي»، مشيراً إلى صعود «قطب ثقافي جديد بمحورية الثورة وقيادة المرشد»، وعدّ العراق وسوريا ولبنان «جزءاً من مكتب المقاومة الذي يتمحور حول إيران» ويشكل «تحدياً» للولايات المتحدة وأوروبا.
وأشار صفوي إلى أن بلاده «تقاوم حرباً ثقافة» تشن عبر الإنترنت والأقمار الصناعية لـ«إطاحة الثورة».
وزعم صفوي وجود «شرخ استراتيجي بمضمون عسكري تشكل بين أوروبا والولايات المتحدة من جهة؛ والصين وروسيا في الجهة المقابلة» وقال في هذا الإطار إن «دولاً أوروبية؛ مثل فرنسا وبريطانيا، بقوتها البحرية في حرب أفغانستان والعراق واجهت حرباً برية من روسيا».
إلى ذلك، نفى سكرتير مجلس تشخيص مصلحة النظام محسن رضايي، أمس، صحة التقارير حول مشروع انضمام إيران إلى «اتفاقية مراقبة العمل المالي (فاتف)»، لكنه أشار إلى تقلص عدد المؤيدين، في مجلس تشخيص مصلحة النظام، لانضمام إيران إلى «مجموعة مراقبة العمل المالي» الخاصة بمراقبة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. ومنذ أكثر من عام، قدمت الحكومة مشروعاً إلى البرلمان بشأن انضمام إيران إلى الاتفاقية الدولية، لكن الخلافات بين البرلمان ومجلس صيانة الدستور أدت إلى إحالة الملف إلى «مجلس تشخيص مصلحة النظام».
في سياق متصل، قال وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أمس، في لندن، إن قطر تقول إنها تحترم السياسة الأميركية بشأن إيران، لكن «لدينا تقييماً مختلفاً» عن تقييم الولايات المتحدة حول إيران، وفق ما أوردت وكالة «رويترز».
وقال الوزير القطري إن بلاده تجري محادثات مع إيران والولايات المتحدة لـ«إنهاء التصعيد وحثّ الجانبين على الاجتماع والتوصل لحل وسط». وتابع أن «أي تسوية بشأن إيران تعني مرونة من الجانبين». وأضاف: «نعتقد أنه عند مرحلة ما يجب أن يكون هناك تواصل، لا يمكن أن يستمر الأمر للأبد بهذا الشكل... إذا كانا لا يريدان الدخول في تصعيد آخر، فعليهما الخروج بأفكار تفتح الأبواب»
وقد يهمك أيضاً :
قمة "سوتشي" الثلاثية ترحّل ملفي إدلب والمنطقة الأمنية وتشكك في الانسحاب الأميركي