الرباط ـ رضوان مبشور عقدت نائبة وزير الخارجية الأميركي وندي شرمان، لقاءً صحافيًا، مساء الجمعة، في مقر وزارة الخارجية المغربية، تحدثت من خلاله إلى مختلف وسائل الإعلام المغربية والدولية عن علاقات الرباط مع واشنطن، والتي وصفتها "بالإستراتيجية والمتينة الممتدة عبر التاريخ"، مؤكدة أنها جاءت للمغرب من أجل ترتيب زيارة للعاهل المغربي محمد السادس للولايات المتحدة الأميركية، بطلب من الرئيس الأميركي باراك أوباما، من دون أن تحدد تاريخ الزيارة.
وأكدت المسؤولة الأميركية أن العلاقات الإستراتيجية بين الرباط وواشنطن لم تتأثر بالأزمة الدبلوماسية التي حدثت بين البلدين قبل شهرين، ووصفت المغرب بـ "الحليف الإستراتيجي للولايات المتحدة الأميركية في المنطقة"، مذكّرة أن "المغرب هو أول بلد في العالم يعترف باستقلال أميركا".
وأضافت الدبلوماسية الأميركية أن الأجندة التي حملتها إلى الرباط تتركز على 3 جوانب، على رأسها التنسيق والتعاون الأمني وضمان الاستقرار الإقليمي، بخاصة في منطقة الساحل والصحراء، التي تشهد اقتتالاً كبيرًا في مالي، وتمردًا من طرف عناصر تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، أما الملف الثاني الذي حملته شرمان للرباط فيتعلق بالتنمية الاقتصادية، وذلك من أجل تأمين حياة كريمة للأسر، وتمكين أبنائهم من التعليم، فيما يتعلق الملف الثالث بالإصلاحات الديمقراطية ووضعية حقوق الإنسان.
وكان ملف الصحراء حاضرًا بقوة في خطاب وندي شرمان، حيث أكدت المسؤولة الأميركية أن الموقف الأميركي من نزاع الصحراء ظل ثابتًا على الدوام ولم يتغير، وهو موقف مبني على الحياد الإيجابي، ودعم مساعي الطرفين المتنازعين من أجل إيجاد حل سلمي وعادل يرضي جميع الأطراف، في إطار منظمة الأمم المتحدة، من دون أن تخفي إعجابها بمقترح "الحكم الذاتي" الذي قدمه المغرب مند 2007، والذي يتعلق بمنح سكان الصحراء حكمًا ذاتيًا موسعًا تحت السيادة المغربية، بعدما أكد المبعوث الأممي السابق للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء استحالة إجراء استفتاء في المنطقة للفصل النهائي في النزاع.
وقالت الدبلوماسية الأميركية "إن الولايات المتحدة تدرس إمكان إطلاق الشطر الثاني من برنامج "تحدي الألفية" المبرم بين البلدين مند 2008، ويستمر 5 سنوات، يحصل المغرب بموجبه على 675 مليون دولار من المساعدات المرصودة لمحاربة الفقر، ودعم المقاولات الصغرى".
وكان الملف السوري حاضرا بقوة في مباحثات المسؤولة الأميركية وأعضاء الخارجية الأميركية، حيث عبرت شرمان عن انزعاج الولايات المتحدة الأمريكية من الأوضاع المأساوية التي وصلت إليها سورية، بعدما وصل عدد القتلى إلى 80 ألف قتيل، ونزوح أكثر من مليون ونصف من السكان، مشيرة أن الاستخبارات الأميركية أكدت أن 200 شخص قتلوا عند قمع الثورة من طرف نظام بشار الأسد بالأسلحة الكيميائية.
وتجدر الإشارة إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وواشنطن عرفت مدًا وجزرًا قبل شهرين، بعدما تقدمت مبعوثة واشنطن في الأمم المتحدة بمقترح يرمي إلى توسيع مهام بعثة "المينورسو" في الصحراء لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، وهو المقترح الذي رفضته سلطات الرباط، وضغطت بقوة على واشنطن من أجل سحب مقترحها، حيث تم سحبه قبل 48 ساعة من انعقاد جلسة مجلس الأمن للحيلولة دون المصادقة عليه، وقام قبلها المغرب بوقف مناورات الأسد الأفريقي التي يقوم بها الجيش الأميركي في مدينة طانطان في الجنوب المغربي، كرد فعل على المُسوَّدة الأميركية.
وتم احتواء الأزمة الدبلوماسية بين البلدين عن طريق مكالمة هاتفية بين العاهل المغربي محمد السادس والرئيس الأميركي باراك أوباما، أثمرت عن دعوة ملك المغرب إلى زيارة واشنطن، لطي صفحة الخلاف، وتعزيز التعاون الاقتصادي والإستراتيجي، بخاصة بعدما دخلت اتفاقية التبادل الحر بين البلدين حيز التطبيق في العام 2010.