وزير الداخلية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال العميد مروان شربل
بيروت ـ جورج شاهين
أكد وزير الداخلية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال، العميد مروان شربل، الأحد، في حديث لـ"العرب اليوم"، أن "الجيش دخل بالقوة إلى بعض المحاور القتالية في منطقة بعل محسن العولية وباب التبانة السنية في طرابلس، وجرت مواجهات مع المسلحين، استخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة المتوسطة المباشرة، وأصاب
العديد من المسلحين وأوقف آخرين"، فيما ألغى الجيش اللبناني، خطوط التماس في المدينة، وأنهت وحدات إضافية من المغاوير ووحدات من المجوقل انتشارها في المنطقة، في خطة عسكرية تأخر تنفيذها أكثر من مرة، من أجل إنهاء خطوط التماس، وعدم بقائه فاصلاً بين طرفي الصراع، وبات يمسك منذ السابعة صباحًا بأمن المدينة، كوحدة جغرافية واحدة، بعيدًا عن منطق الفريقين.
وأضاف شربل، "إن آخر الدواء الكي، ولم تعد تنفع في طرابلس الخطط الأمنية التي تنفذ بوجود احتمال انتقال المسلحين، واستمرار وجودهم في أي منطقة، وأن أي ظهور مسلح سيعالج بالقوة، وبات الجميع على علم بعد انتشار الجيش في كل المناطق، وليس هناك من مناطق عاصية أو ترفض الجيش أو قوى الأمن الداخلي، فهذا المنطق انتهى".
وقال مرجع أمني في تصريحات لـ"العرب اليوم"، "إن الخطة ألغت عمليًا وجود منطقتين متقاتلتين بين العلويين والسنة، وما بين أنصار النظام في سورية وأنصار الثورة السورية، وباتت المدينة كلها في إطار خطة عملانية واحدة، يتحرك فيها الجيش بشكل دائم من دون أي عائق، وأن قيادة الجيش أبلغت سياسيي المنطقة وقادة المحاور العلويين والسنة، أن منطق منطقتين متقابلتين انتهى، ولا حجة بعد اليوم للحديث عن فريق يعتدي على الآخر، وأنه سيضرب بقوة كل من تسول له نفسه التعدي على أي مواطن أو الاعتداء على الأملاك العامة والخاصة، سواء كانت لعلوي أو سني، وما على الجميع سوى التعاون مع الجيش، لإنهاء دور أي فريق يمكن أن يلعب دور الطابور الخامس".
وأوضح المرجع الأمني، أن "الاتصالات جرت بين الرئيس اللبناني ميشال سليمان، الذي كان يتابع تنفيذ الخطة الأمنية لحظة بلحظة، ورئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي، وما بين قيادتي الجيش وقوى الأمن الداخلي، لفتح صفحة جديدة في المدينة، والتعاون بين القوى الأمنية لوقف كل أشكال التوتر أو ما يؤدي إليه".
وجاءت هذه الخطوة الأمنية الكبيرة، لتنهي الإشكالات الأمنية في لبنان، وأُفيد بأن "الوضع الأمني في طرابلس مستتب، منذ صباح الأحد، لا سيما في منطقتي باب التبانة وجبل محسن، بعدما ألغى الخط الفاصل في شارع سورية، وسير دوريات مؤللة في مختلف الشوارع، وأقام الحواجز الثابتة ودقق في هويات المارة، ولم تعد تسمع أصوات القذائف الصاروخية والأعيرة النارية ولا عمليات قنص".
وشهدت محاور الاشتباكات، ليل السبت الأحد، جولة جديدة من العنف والقتال، وترددت أصوات القذائف والأسلحة المتوسطة في أحياء المدينة والمناطق المجاورة، وقد اشتدت حدة الاشتباكات بعد منتصف الليل، وتم تبادل لإطلاق النار من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقذائف الصاروخية، على كل المحاور بين التبانة وجبل محسن، لا سيما محور الملولة، المنكوبين، والريفا من جهة، وجبل محسن من جهة أخرى، وردّ الجيش اللبناني بأسلحته المتوسطة على مصادر النيران في محاولات لإيقاف إطلاق النار، فيما كانت تسمع أصوات تحركات آلياته المؤللة في مختلف أنحاء المدينة، في القوت الذي أعلنت فيه إدارة المستشفى الخيري، وصول المواطن عبدالرحمن النحاس، مصابًا إلى قسم الطوارئ، حيث تمت معالجته وغادر المستشفى.
وأفاد مسؤول الإعلام في الحزب "العربي الديمقراطي" في جبل محسن، عبداللطيف صالح، في اتصال مع "الوكالة الوطنية للإعلام"، بعد منتصف ليل السبت، أن الجيش اللبناني دخل إلى جبل محسن عبر محاور البقار، مشروع الحريري والشعراني، لتنفيذ خطة انتشار داخل الجبل والمناطق الملتهبة، ومنها سيتجه إلى منطقة الريفا المجاورة لثكنة الجيش في القبة حيث يستكمل الانتشار، وأن الخطة تقضي بدخول الجيش إلى المناطق الساخنة، بدءًا من طلعة العمري وشارع سورية وبعل الدراويش وأحياء التبانة كافة، وطلعة الشيخ عمران والملولة والمنكوبين حيث كانت المعارك محتدمة في هذه المناطق.
وأسفرت العمليات العسكرية التي شهدتها المدينة، في جولة جديدة من العنف على مدى الأيام الـ5 الماضية، عن استشهاد عسكري من الجيش اللبناني، وإصابة 14 آخرين، بينهم ضابط برتبة ملازم، ومقتل 11 مواطنًا، وإصابة أكثر من 51 جريحًا من المدنيين، حيث شيّعت قيادة الجيش الجندي الشهيد وسام الدياب، الذي استشهد الجمعة الماضية، خلال قيامه بمهمة حفظ أمن في مدينة طرابلس، في حضور حشد من رفاق السلاح وأهالي بلدة كوثرية الرز الجنوبية وجوارها في قضاء صور، وأديت له مراسم التكريم، وقلّد أوسمة الحرب والجرحى والتقدير العسكري من الدرجة البرونزية، وأقيمت الصلاة على جثمانه في جامع الأخيار في البلدة.
وألقى العقيد عدنان عزالدين ممثلاً قائد الجيش، كلمة للمناسبة، نوه فيها بـ "مناقبية الشهيد وإخلاصه للمؤسسة العسكرية وتفانيه في أداء الواجب"، وقال "إن دماء الشهيد الطاهرة التي أهرقت في سبيل لبنان، لن تذهب هدرًا، فالجيش لن يهدأ له بال حتى توقيف القتلة المجرمين، وتقديمهم إلى العدالة لينالوا جزاء ما اقترفت أيديهم، كما أن استشهاده في هذا الظرف العصيب الذي يمر به الوطن، هو فداء عن كل مواطن، ودعوة إلى الجميع للعودة إلى أصالة الشعب اللبناني وتاريخه العريق، في التمسك بثقافة الانفتاح والعيش المشترك بين أبنائه كافة".