مقتل أبو زيد أحد زعماء القاعدة في المغرب الإسلامي على يد القوات الفرنسية والتشادية في جبال شمال مالي
باريس ـ مارينا منصف
أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، السبت، أن تحاليل الحمض النووي "دي إن إيه"، أكدت مقتل عبدالحميد أبو زيد، أحد أبرز زعماء فرع تنظيم "القاعدة" في المغرب الإسلامي، على يد القوات الفرنسية والتشادية في شمال مالي، حيث قُتل أبو زيد ضمن 40 مقاتلاً من الإسلاميين، خلال شباط/فبراير الماضي، في منطقة جبال أدرار
إفوغاس في إقليم كيدال الشمالي في مالي.
وجاء في بيان صادر عن مكتب الرئيس الفرنسي، أن "وفاة أبو زيد (47 عامًا) تأكدت بشكل حاسم ونهائي، وأن مقتله يُمثل خطوة مهمة على طريق مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، وأنه لقي مصرعه في العمليات العسكرية التي جرت في جبال أدرار إفوغاس شمال مالي، أواخر شباط/فبراير الماضي.
وقال الرئيس التشادي إدريس ديبي، مطلع آذار/مارس الجاري، إن قوات بلاده نجحت في قتل أبو زيد، أثناء عملياتها القتالية لطرد أنصار تنظيم "القاعدة" الموجودين في شمال مالي، إلا أن المسؤولين الفرنسيين رفضوا طوال الأسابيع الماضية، تأكيد وفاة أبو زيد، الذي يُعد أحد أعمدة الفرع الجنوبي لتنظيم "القاعدة" في المغرب الإسلامي، وهو المسؤول عن مقتل ما لا يقل عن اثنين من الرهائن الأوروبيين، كما أنه أحد الزعماء المتطرفين الذين استولوا على شمال مالي، وقالوا إنهم في انتظار نتائج تحليل "دي إن إيه".
وقد انتقلت القوات الفرنسية إلى مالي، في 11 كانون الثاني/يناير الماضي، في حملة عسكرية لصدّ المليشيات العسكرية المسلحة الموالية لأبو زيد والجماعات المتشددة، التي تحاول تطبيق الشريعة الإسلامية، والتي يرى المجتمع الدولي الغربي أنها تشكل "تهديدات إرهابية".
وقاد أبو زيد أحد أكثر كتائب تنظيم "القاعدة" في شمال أفريقيا استخدامًا للعنف، ويُعتقَد أنه قام باختطاف 4 فرنسيين قبل عامين، في أحد مناجم اليورانيوم في النيجر، ولم يعرف بعد مصير الرهائي الفرنسيين، الذين كانوا يعملون لحساب شركة "أريفا" الفرنسية، وكذلك قام أبو زيد باحتجاز رجل فرنسي وأفرج عنه في شباط/فبراير 2010، كما أعدم فرنسي آخر في يوليو/تموز الماضي، وكان على علاقة بإعدام أحد الرهائن البريطانيين في العام 2009.
وذكرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، أن "أبو زيد كان شخصية مبهمة ذات نفوذ، ومن غير الواضح اسمه الحقيقي، فبالإضافة إلى اسمه المستعار وهو أبو زيد، كان يحمل أيضًا اسم مصعب عبدالودود، وكان يحمل لقب (أمير الجنوب)، وكذلك لقب (الأمير الصغير) وذلك نسبة إلى ضآلة حجمه"، فيما سبق أن أثارت الصحافة الجزائرية، علامات استفهام بشأن هويته القانونية، وعما إذا كان اسمه الحقيقي عبيد حمادو أو محمد غدير، وكان يُنظَر إليه باعتباره شخصية راديكالية منضبطة، وعلى علاقة وثيقة بزعيم تنظيم "القاعدة" في المغرب الإسلامي عبد الملك دروكدال، الذي يشرف على العمليات من موقعه في شمال الجزائر.
وشارك القيادي القاعدي، في القتال إلى جانب العديد من حركات التمرد الإسلامية، في محاولة لإسقاط النظام في الجزائر منذ العام 1992، وهناك تقارير صحافية تقول إنه التحق بـ"الجماعة الإسلامية" المسلحة، التي سبق وأن ارتكبت مذابح في قرى بأكملها في شمال الجزائر، كما انضم إلى "الجماعة السلفية للدعوة والجهاد"، التي تحولت في العام 2006 إلى ما يسمى بفرع تنظيم "القاعدة" في المغرب الإسلامي، وفي العام 2012 دانته إحدى المحاكم الجزائرية غيابيًا، لتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي دولي، وقضت بسجنه مدى الحياة، وبعد تحالف مع الجماعات الإسلامية التي كانت تسيطر على شمال مالي، بداية من شهر نيسان/أبريل من العام الماضي، استطاع أبو زيد أن يسيطر على بلدة تيمبكتو الصحراوية التجارية، وقام بتطبيق بعض أحكام الشريعة فيها، مثل قطع يد السارق، وهدم أضرحة الصوفيين القديمة.
وقد وصف زعماء مدينة تبمكتو، عبدالحميد أبو زيد، والذين تعاملوا معه مباشرة أثناء فترة سيطرته على المدينة، بأنه كان رجلاً قصيرًا بلحية رمادية، وكان يتسم بالهدوء وأسلوب صارم، وكان دائمًا ما يحمل معه بندقية من طراز "إيه كيه 47"، فيما قال السكان المحليون إن أبو زيد عندما غادر تمبكتو، وقبل سقوط المدينة في أيدي القوات الفرنسية، قام باصطحاب عدد من الرهائن الغربيين معصوبي العينين في قافلته.
وولد أبو زيد في العام 1965، في إقليم دبداب في محافظة الويزي في الجزائر، القريبة من الحدود مع ليبيا، وخلال الحرب الأهلية في التسعينات، انضم إلى "الجماعة السلفية للدعوة والجهاد"، والتي تحولت إلى فرع تنظيم "القاعدة" في المغرب الإسلامي، ويُنظَر إليه باعتباره واحدًا من الزعماء الراديكاليين للتنظيم، حيث يرفض التفاوض أو تقديم أي تنازلات.
ويحكي الدبلوماسي الكندي روبرت فوللر، الذي سبق اختطافه على يد إحدى الخلايا المتشددة في الصحراء، كيف رفض أبو زيد إعطاء الدواء إلى اثنين من الرهائن، كانوا يعانون من الإسهال، وكان أحدهم قد لدغه عقرب، في حين أشارت تقارير صحافية إلى أن تنافسًا شديدًا كان بينه وبين القيادي القاعدي المختار بلمختار، العقل المدبر لعملية اختطاف الرهائن الكبرى في منشأة الغاز الجزائرية في أميناس، خلال الشهر الماضي، وذلك لسبب قرار المختار بتأسيس لواء خاص به خلال العام 2012.