الرئيس السابق برفيز مشرف
إسلام أباد ـ جمال السعدي
ألقت الشرطة الباكستانية القبض على ، في منزله مساء الخميس، بعد سنوات من الهروب، لتفادي الحبس في قضية فرض حالة الطوارئ في العام 2007، والإقدام على فصل عدد من كبار القضاة في البلاد وقت أن كان في السلطة، فيما غادر مشرف المحكمة العليا مسرعًا إلى جهة غير معلومة، بعد رفض
المحكمة الإفراج عنه بكفالة مالية.
وقد قرر مشرف العودة إلى باكستان من منفاه الاختياري الذي طار إليه في أعقاب خلعه من منصبه كرئيس لدولة باكستان، وذلك حتى يعود إلى الحياة السياسية مرة أخرى قبيل الانتخابات البرلمانية المقبلة، فيما أعلنت مصادر في الشرطة أن إلقاء القبض على برفيز مشرف كان ليلاً لهدف الاستعداد لعرضه على قاضي محكمة إسلام أباد.
وبث التلفزيون الباكستاني الرسمي صورًا لمشرف وهو متجه إلى محكمة إسلام أباد، قرب المدخل الرئيس، وسط حراسة أمنية مشددة من رجال القوات المسلحة والأمن المركزي، وقررت المحكمة حبس المتهم يومين على ذمة التحقيق، وأمرت الشرطة بتنفيذ القرار، وذلك حتى يتم الإعداد لمثول مشرف أمام محكمة مكافحة الإرهاب وفقًا لتصريحات محاميه مالك قمر أفزال، ومن المرجح وفقًا لمسؤولين أن مشرف سيكون رهن الإقامة الجبرية في منزله في إسلام أباد، طبقًا للقانون الذي يسمح بالتحفظ على المتهمين في هذا النوع من الجرائم، بينما صرحت هيئة الدفاع عن مشرف أنها ستطعن على حبسه ووضعه قيد الإقامة الجبرية أمام المحكمة العليا في وقتٍ لاحقٍ.
وقد انطلق برفيز مسرعًا من المحكمة بعد رفض المحكمة الإفراج عنه بكفالة مالية، في قضية فرض حالة الطوارئ في العام 2007، بالإضافة إلى تهم عدة تتعلق بجرائم نسبتها إلى مشرف عريضة الاتهام المقدمة إلى المحكمة، منها الإقدام على فصل عدد من كبار القضاة في باكستان، وعلى الرغم من تكليف بعض المسؤولين في الشرطة وجهات أمنية أخرى بالتحفظ عليه، هروّل الفريق الأمني الخاص المسؤول عن الرئيس الباكستاني السابق إلى خارج المحكمة وبصحبتهم مشرف، وانطلقوا في سياراتهم مسرعين، لذا لم تتمكن قوات الأمن من احتجازه.
وقد بدأ وضع برفيز مشرف منذ أسابيع قليلة في التحول من سيئ إلى أسوأ، حيث كان الرجل رئيسًا لباكستان بدءًا من العام 1999 حيث وصل إلى الحكم من خلال انقلاب عسكري قاده عندما كان قائدًا عامًا للقوات المسلحة، ليقضى 10 أعوام في السلطة حتى أُجبر على التنحي في 2008، وبعد التنحي غادر إلى منفاه الاختياري في بريطانيا، الذي قضى فيه 4 أعوام ليعود الشهر الماضي إلى إسلام أباد، على الرغم من التحديات القانونية وغيرها مثل التهديدات بالتصفية الجسدية التي يتلقاها من عناصر حركة "طالبان"، أملاً بأن يكون له عودة ثانية إلى الحياة السياسية الباكستانية عبر انتخابات البرلمان المقبلة.
ولجأ برفيز إلى الهروب خارج البلاد ليتمكن من تفادي المحاكمة والحبس على ذمة بعض القضايا التي تورط فيها أثناء توليه السلطة، إلا أن هروبه من ساحة المحكمة في إسلام أباد بعد العودة إلى باكستان لن يمكنه من تفادي ذلك، على الرغم من تحصنه في منزله الكائن في إحدى ضواحي العاصمة الباكستانية، والموضوع تحت حراسة خاصة مشددة ومحصن بأسوار عالية تعلوها أسلاك شائكة، أما المسمار الأخير الذي دُق في نعش برفيز مشرف سياسيًا، فهو حكم محكمة بيشاور الصادر الثلاثاء الماضي، والذي يقضي بحرمانه من المشاركة السياسية، بما فيها حظر ترشحه في الانتخابات البرلمانية المقرر انعقادها في 11 أيار/مايو المقبل.
يُذكر أن قرار المحكمة العليا في إسلام أباد، تضمنت تهمًا وُجهت إلى مشرف لسبب إعلانه حالة الطواريء في البلاد عام 2007، وإصداره قرارًا باعتقال عدد من كبار القضاة الباكستانيين وعلى رأسهم رئيس المحكمة الدستورية العليا، بالإضافة إلى تعطيل الدستور، وأثارت هذه التحركات وقتها، حالة من الاحتجاج الشديد والغضب العام في باكستان، وبخاصة بين المحامين ورجال القضاء، وهي الحالة التي أسفرت عن الإطاحة ببرفيز مشرف من منصبه كرئيس لدولة باكستان.
وكانت المحكمة العليا قد نظرت في أمر التهم الموجهة إلى برفيز مشرف، ووافقت على عدم التحفظ عليه في 12 نيسان/أبريل لمدة 6 أيام، حتى تكتمل إجراءات خاصة بالتحقيقات معه، إلا أنها قررت الخميس القبض عليه، مما أثار انتقادات حادة للمحكمة تتعلق باختيار هذا التوقيت لاتخاذ القرار بحبس مشرف، وهي الانتقادات التي تبنتها هيئة الدفاع عن الرئيس الباكستاني السابق، وفقا لما ذكره مدير "هيومان رايتس ووتش" في باكستان، علي ديان حسن، فيما يتوجب على القوات المسلحة الباكستانية توفير حماية للرئيس السابق حتى تنتهي إجراءات محاكمته